أكد الناطق باسم الحكومة الفرنسية، غابرييل أتال، قرار السلطات الفرنسية تقليص عدد التأشيرات لمواطني الجزائر وتونس والمغرب، قائلاً إنه "قرار صارم وغير مسبوق، لكن ضروري" من أجل ضبط ملف الهجرة واللجوء.
جاء تأكيد أتال بعدما أعلنت إذاعة "أوروبا 1" الفرنسية، الثلاثاء، أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قرر خفض عدد التأشيرات الصادرة للجزائر والمغرب إلى النصف، وبنسبة 30% لتونس، معتبراً 2020 سنة مرجعية.
أوضح الناطق في حديث إلى الإذاعة الفرنسية، أن القرار جاء بسبب رفض الجزائر وتونس والمغرب استعادة مواطنيهم الذين هم في وضع غير قانوني على الأراضي الفرنسية.
وقال إن "فرنسا تبنّت في عام 2018 قانوناً للهجرة" ينص على أن "الأشخاص المؤهلين الذين سيتم استقبالهم في فرنسا للاستفادة من اللجوء، يجب أن يكونوا مدرجين فعلياً في فرنسا، أما الذين لا يستوفون المؤهلات للبقاء على أراضينا فيجب إرجاعهم إلى الحدود".
وأضاف أن "بعض البلدان يرفض إصدار تصاريح المرور القنصلية، التي تسمح فعلياً بإبعاد الأشخاص وإرجاعهم إلى بلدانهم الأم".
عقوبات بعد فشل الدبلوماسية
وأكد الناطق باسم الحكومة الفرنسية، أن باريس "اعتمدت طريق الدبلوماسية" قبل الوصول إلى حد اتخاذ هذا القرار، قائلاً: "أجرينا حواراً مع بلدان المغرب (العربي) وطلبنا منها تسليم هذه التصاريح. كان هناك حوار، ثم تهديدات، ثم قرارات تنفيذية".
وأوضح أن الدبلوماسية شملت "توجّه رئيس الوزراء الفرنسي جان كاستكس إلى البلدان المعنية لمتابعة الملف، وكذلك وزير الداخلية جيرالد دارمانان، كما جرت اجتماعات مع سفراء البلدان المعنية. ولكن مع عدم تحرك الأمور، طبّقنا القواعد" الفرنسية.
وأقر بأن "هذا القرار صارم وغير مسبوق، لكنه ضروري، لأن هذه البلدان لا تقبل باستعادة مواطنيها الذين لا نستطيع إبقاءهم في فرنسا".
هدف انتخابي؟
أرجعت الإذاعة الفرنسية القرار إلى هدف انتخابي يسعى الرئيس إيمانويل ماكرون إلى تحقيقه في الرئاسيات المقررة في 10 أبريل 2022، خصوصاً أن ملف الهجرة يحتل الصدارة.
لكن الناطق باسم الحكومة أوضح أن مسار هذه القضية "بدأ منذ عام 2018. مررنا بعمل دبلوماسي، لأنه يجب الذهاب في طريق المناقشات والحوار قبل اتخاذ قرارات صعبة"، مضيفاً أن القرار "اتُخذ منذ أسابيع قليلة".
وأكد أن الهدف من القرار هو "دفع البلدان المعنية على تغيير سياستها والقبول بتسليم التصاريح القنصلية.. والتعاون مع فرنسا حتى تستطيع تطبيق قواعدها المتعلقة بالهجرة".
"صفر" تجاوب
وبحسب الإذاعة، فإنه بالنسبة إلى حالة الجزائر فقط، أصدر القضاء الفرنسي بين يناير ويوليو من العام الجاري، 7731 أمراً بمغادرة الأراضي الفرنسية، لكن 22 فقط عادوا إلى ديارهم، أي ما يعادل نسبة 0.2% تقريباً.
وأوضحت الإذاعة أن فرنسا أصدرت في الأشهر الستة الأولى من عام 2020، قرابة 63 ألف تأشيرة لـ96 ألف طلب، أي بمعدل 65%، وهو رقم ارتفع خلال الأشهر الستة الأولى من عام 2021، إذ استوفت فرنسا أكثر من طلبين من أصل 3 طلبات تأشيرة من الجزائر.
ولفتت إلى أن "ذلك دفع ماكرون إلى الطلب من الخدمات القنصلية إصدار 31500 تأشيرة بحد أقصى للأشهر الستة المقبلة، أي تقسيم العدد على اثنين".
ووفق الإذاعة، حقق عام 2019 رقماً قياسياً مع 275 ألف تأشيرة ممنوحة للجزائر.
أما فيما يخص المغرب، فوصل عدد أوامر مغادرة الأراضي الفرنسية إلى 3301، أصدرت السلطات المغربية لـ138 منهم تصريحات قنصلية، واستردت 80 شخصاً.
كما وصل عدد أوامر المغادرة الصادرة بحق تونسيين إلى 3424، استردت السلطات 131 شخصاً، رغم أنها أصدرت 153 تصريحاً قنصلياً.
رد فعل مغربي
اعتبر المغرب قرار فرنسا تشديد شروط منح تأشيرات السفر لمواطنيه "غير مبرر"، وفق ما جاء على لسان وزير الخارجية ناصر بوريطة الثلاثاء.
وقال بوريطة خلال مؤتمر صحفي بالرباط، نقلت عنه وكالة الأنباء الفرنسية، إن المغرب "أخذ علما بهذا القرار الذي نعتبره غير مبرر"، وأكد أن الرباط سوف "تتابع الأمر عن قرب مع السلطات الفرنسية"، تعقيبا على قرار باريس تشديد شروط منح التأشيرات لمواطني المغرب والجزائر وتونس ردا على "رفض" الدول الثلاث إصدار التصاريح القنصلية اللازمة لاستعادة مهاجرين من مواطنيها، وفق ما أعلن الناطق باسم الحكومة الفرنسية غابريال أتال الثلاثاء.
من جهته أكد وزير الخارجية المغربي أن المصالح القنصلية للمملكة في فرنسا "منحت خلال الأشهر الثمانية الأخيرة فقط ما يقارب 400 تصريح مرور لأشخاص كانوا في وضعية غير قانونية".
لكن ما يعيق الأمر برأيه هو مسألة على فرنسا أن تحلها، إذ يفرض المغرب ضرورة الخضوع لاختبار الكشف عن كوفيد "بي سي آر" لدخول أراضيه، "وما يجب أن تقوله فرنسا هو أن هؤلاء الأشخاص يرفضون إجراء هذا الاختبار لأنه اختياري هناك وليس إلزاميا".
وأضاف "هناك أشخاص لديهم تصاريح مرور، لكنهم لم يستطيعوا العودة لعدم خضوعهم لهذا الاختبار".
وتابع "بقدر ما يعتبر المغرب تدبير تأشيرات السفر قرارًا سياديا، بقدر ما يعتبر أن تبريراته غير ملائمة"، مشيرا إلى أن المملكة "سوف تتابع الأمر عن قرب مع السلطات الفرنسية".