سئم جوني بو فرحات من وضعه بعدما أدّت حالة حساسية نادرة في عام 2015 إلى إصابته بخلل في جهاز المناعة، مما أجبره على البقاء في المنزل لتجنّب المزيد من المتاعب الصحية، وجعله يتوق إلى التواصل الشخصي مع البشر.
في منشور بمدوّنته خلال شهور يونيو 2020، قال بو فرحات، البالغ من العمر 27 عاماً: "كان الأمر سيئاً للغاية للدرجة التي لم أستطع فيها الخروج من المنزل إلا نادراً لعدة سنوات. أردت الذهاب إلى الفعّاليات ورغبت في مقابلة الناس".
قاده هذا الإحباط في أوائل عام 2019 إلى البدء في كتابة التعليمات البرمجية للمنصة الإلكترونية للفعّاليات، "هوبين ليمتيد"(Hopin Ltd) حالياً، من مطبخ شقته في لندن. جمعت الشركة الناشئة هذا الشهر 450 مليون دولار من مستثمرين، منهم "ألتيميتر كابيتال مانيجمنت" المملوكة لبراد غيرستنير، والذين قيّموها عند 7.8 مليار دولار. بهذا تبلغ قيمة حصة بو فرحات حالياً نحو 3.2 مليار دولار، مما يجعله واحداً من أصغر المليارديرات العصاميين في العالم، وفقًا لمؤشر بلومبرغ للمليارديرات. ورفض متحدث باسم "هوبين" التعليق على صافي ثروة بوفرحات.
أدت التكنولوجيا وسهولة زيادة رأس المال الاستثماري إلى ظهور أعداد كبيرة من المليارديرات الجدد أكثر من أي وقت مضى، وفي مراحل عمرية أصغر بشكل متزايد. وتسلّط ثروة بو فرحات الضوء على نمو "هوبين" المتزايد وسط تداعيات الوباء، لتُصبح مستفيداً رئيساً من التحوّل العالمي إلى الاجتماعات الإلكترونية عن بُعد، في ظل فرض الإغلاقات من قبل الحكومات وإجبار الموظفين على البقاء في المنازل.
اتّضاح الرؤية
بدأت "هوبين" بستة موظفين في بداية عام 2020 ولديها الآن أكثر من 800 موظف، كما سرّعت من نموها هذا العام من خلال عمليات استحواذ على شركات تكنولوجيا الفيديو مثل "ستريم يارد"، و"ستريمابل"، و"جام". وأعلنت الشركة، ومقرها لندن، في شهر يونيو عن شراء منصة "بوم سيت" لإدارة الفعّاليات الشخصية والهجينة.
بدت رؤية بو فرحات لـ"هوبين" واضحة لدى مؤيديه الأوائل، فلديه "شغف لا يُصدّق بشركته"، وفقاً لقول توم ويلسون، الشريك في شركة رأس المال الاستثماري "سيد كامب"، ومقرها لندن، والتي قادت الجولة الاستثمارية التمهيدية لـ"هوبين" في عام 2019.
أضاف ويلسون، متذكراً ردود أفعاله هو وزملاؤه حيال عرض بو فرحات: "سارعنا إلى الالتزام بشكل كبير أثناء الاجتماع، ونحن لا نفعل ذلك طوال الوقت. التفتنا جميعاً إلى بعضنا بعضا وقلنا إن الأمر رائع للغاية".
رحلة رائد أعمال من الفشل في وادي السيليكون إلى حصد المليارات في اليابان
وُلد بوفرحات، الرئيس التنفيذي لـ"هوبين"، في أستراليا لأبوين من لبنان وأرمينيا، قبل انتقاله في سن المراهقة إلى بريطانيا، ليحصل بعد ذلك على درجة البكالوريوس في الهندسة الميكانيكية والإدارة من جامعة "مانشستر"، وقام حينها بتطوير تطبيق الخصومات للطلاب.
في أواخر عام 2019، أطلق الُمبرمج العصامي إصداراً مبكراً من "هوبين"، سمح للمستخدمين بحضور جلسات منفصلة أثناء الفعّاليات والتواصل مع الحاضرين من خلال اجتماعات فيديو آلية فردية. في البداية، خطط بو فرحات لإطلاق منصة الفعّاليات في شهر سبتمبر 2020، لكن أجبره الوباء على تسريع الجدول الزمني بفترة مدتها ستة شهور.
إتمام كل شيء
قال بار- يورغن بارسون، الشريك العام في شركة "نورث زون" لرأس المال الاستثماري ومقرها لندن، المستثمر المداوم في الجولات التمويلية لـ "هوبين": "توصل جوني إلى كل شيء قبل وقت طويل من تفشّي الوباء، وبدأت المداولات بعد ذلك، ثم أشار السوق بقوة إلى ما فكّر به فعلاً".
بو فرحات هو أحدث المنتمين لجيل الألفية الذين أصبحوا مليارديرات عصاميين بسبب الطفرة في التكنولوجيا، والتمويل، وشركات الاستحواذ ذات الأغراض الخاصة التي أدت إلى تشكيل ثروات هائلة بوتيرة سريعة. تبلغ قيمة ثروة كل من الأخوين كوليسن؛ باتريك ذو الـ 32 ربيعاً وجون ذو الـ 31 عاماً، مبلغاً قدره 11.4 مليار دولار من خلال شركة "سترايب" للمدفوعات الإلكترونية، وفقًا لمؤشر بلومبرغ للثروات. ويجلس مؤسس شركة "ريفولوت" نيكولاي ستورونسكي، البالغ من العمر 37 عاماً، على حصة بلغت قيمتها حوالي 6.7 مليار دولار، بينما أصبح أوستن راسل ذو الـ 26 ربيعاً، والمنقطع عن الدراسة في جامعة "ستانفورد"، مليارديراً العام الماضي، بعد طرح أسهم شركته للسيارات ذاتية القيادة، "لومينار تكنولوجيز"، للاكتتاب العام. ووفقاً للمؤشر، يوجد الآن 19 شخصاً تحت سن الأربعين في قائمة أغنى 500 شخص في العالم.
باع بو فرحات، الذي يعيش في إسبانيا، أسهماً بقيمة 130 مليون جنيه إسترليني (180 مليون دولار) من شهر يوليو 2020 حتى شهر مارس 2021، لتصل حصته إلى نحو 40% في "هوبين"، وفقاً لبيانات جمعتها بلومبرغ.
وبرغم أن "هوبين" مُسجّلة في لندن، إلا أنها لا تملك مركزاً رئيسياً، وقال بو فرحات في منشور مدوّنته، بمناسبة الجولة التمويلية الأخيرة، إنه يتطلع إلى الحفاظ على بيئة العمل عن بُعد بشكل كلّي، ويراهن على أن العالم لن يعود إلى ما كان عليه قبل الوباء.
رأى بو فرحات أن مستقبل شركته "سيكون هو ذلك المستقبل الذي يُمكّن الناس من مشاركة التجارب التي تهمهم أينما كانوا. بعبارة أخرى، إنه مستقبل يتماشى مع الرؤية الأولية لـ(هوبين)".