قال نائب وزير الاتصالات وتقنية المعلومات في السعودية "هيثم العوهلي"، إنَّ الاقتصاد الرقمي، يساهم بأكثر من 16 % من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، وينمو بوتيرة أسرع من نظيره التقليدي، نتيجة اعتماد الدول على تقنيات التحوُّل الرقمي وحلوله في ظل جائحة كورونا، لكنه يصطدم بعدد من التحديات، في مقدمتها عدم اتصال نحو نصف سكان العالم بالإنترنت.
جاء ذلك خلال الجلسة الأولى للمائدة المستديرة للاقتصاد الرقمي، التي نظمتها وحدة التحول الرقمي بالسعودية، وناقشت الدور الذي يقوم به القطاع الخاص في التحوُّل الرقمي، وأثر التقنيات المالية والذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة في الأعمال، وأهمية الشراكة بين الحكومات والقطاع الخاص في مواجهة التحديات التي تواجه هذا التحول، وزيادة الاعتمادية على تقنيات الثورة الصناعية الرابعة.
الاقتصاد الرقمي أسرع من التقليدي
وأضاف "العوهلي" أنَّ تقنيات الجيل الخامس، وانترنت الأشياء، والذكاء الاصطناعي، والبيانات الضخمة من شأنها تسريع إمكانات الاقتصاد الرقمي، مما سيؤدي إلى تصميم مستقبل أفضل، وتسريع الانتقال نحو الثورة الصناعية الخامسة، وبما أنَّ الاقتصاد الرقمي له طبيعة عابرة للحدود، فهذا التحوُّل مشروط بالشراكة بين أطراف متعددة، وفي مقدمتها؛ القطاع الخاص، والمجتمع المدني، وجميع الجهات ذات الصلة.
ولفت "العوهلي" إلى أنَّ المملكة العربية السعودية تدرك تماماً أهمية اتخاذ الإجراءات الضرورية لمجابهة الكثير من القضايا الطارئة وتحدِّيات التحوُّل الرقمي، فوضعت على أجندتها محورية ومركزية الإنسان، وأهمية الشمولية في تقنية الذكاء الاصطناعي، والمدن الذكية، وحلول الأمن المتطورة في الاقتصاد الرقمي، وكذلك أهمية البيانات كداعم للاقتصاد الرقمي.
التشريعات والتنظيم
وتحدَّث الشريك المؤسس ورئيس العمليات في شركة Level Z و Skiplino في البحرين "حارث العطاوي"، عن دور الحكومات في تشجيع ريادة الأعمال، وتعزيز التحوُّل الرقمي، الذي يقوم بالدرجة الأولى على وضع التشريعات التنظيمية اللازمة التي تسمح للشركات الناشئة بالتوسع باتجاه الأسواق، على أن تكون هذه الأطر التشريعية مرنةً، ومناسبةً، ومتجانسةً مع بيئة عمل الشركات الناشئة المحلية، وشدَّد على أهمية تأسيس صناديق استثمار لمساعدة الشركات الناشئة على النموِّ، وتحقيق قصص نجاح.
عام إيجابي للاقتصاد الرقمي
أما الشريك المؤسِّس والرئيس التنفيذي لشركة Rise Up في مصر "عبد الحميد شرارة"، فقد أشار إلى أنَّ جائحة كورونا، شكَّلت دافعاً قوياً لتسريع التحوُّل نحو الاقتصاد الرقمي، مما جعل 2020 عاماً إيجابياً للاقتصاد الرقمي، وتحوَّلت التجارة إلى الرقمنة، وزادت من اعتمادية الشركات الصغيرة والمتوسطة على التقنيات الرقمية، وعلى جميع الأطراف سواء الحكومات أو الشباب.
وشدَّد "شرارة" على ضرورة تكاتف جهود الحكومات من أجل إيجاد الحلول للتحدِّيات التي تواجه التحوُّل الرقمي، عن طريق إطلاق منصَّة لإشراك الشباب، واستقطابهم لتقديم الأفكار، والحلول الابتكارية، التي يمكن تمويلها من الحكومة، أو من جهات خاصة.
المحتوى العربي على الإنترنت
وأكَّد المؤسِّس والرئيس التنفيذي لـ "موضوع" في الأردن "رامي القواسمي"، أنَّ هناك فجوة كبيرة في المحتوى الرقمي على الانترنت، وهنا يأتي دور شركات القطاع الخاص لمعالجة هذه الثغرة، وتجميع البيانات ومعالجتها عبر استخدام الذكاء الاصطناعي، وهو ما يتطلَّب ضخَّ استثمارات في المهارات والمواهب والعمل على تحليل البيانات، وبذل المزيد من الجهود لزيادة المحتوى العربي على الإنترنت، ورفع مستواه على الإنترنت، إذ تعمل الدول بالشراكة مع الجامعات، والشركات الخاصة لزيادة المحتوى العربي على الانترنت، وتقديم الدَّعم لتلقي المزيد من البيانات، وتحليلها بهدف تحقيق التحول الرقمي".
ودعا "القواسمي" إلى ضرورة وضع تشريعات تنظيمية إقليمية موحَّدة، تنظِّم، وتدعم الشركات الناشئة، كي لا تتعرض المنطقة لهجومٍ من شركات عالمية، والقادرة على تقديم هذه الخدمات.
تمكين القطاع الخاص
كما أفادت المؤسسة والرئيسة التنفيذية لشركة "دارس" في الكويت "نور بداوي"، أنَّ رؤية الشركة، هي في تسريع عملية الانتقال إلى التحوُّل الرقمي، التي فرضتها جائحة كورونا على الحكومات في كافة دول العالم، التي عليها التأقلم مع متطلبات هذه المرحلة الجديدة، مثل التعلم عن بعد، ورأت أنَّه يتعيَّن على الحكومات العمل مع الشركات الناشئة، وتمكينها من أجل تحقيق اقتصاد مستقل، يعتمد بشكل أساسي على تمكين القطاع الخاص، الذي ستبرز فيه شركات ناشئة كثيرة، وستتسارع خطاها في التحوُّل الرقمي.
التعليم والأتمتة ومستقبل فرص العمل
وقال المؤسِّس والرئيس التنفيذي لمنصة "ثوبي" "خالد أبانامي"، المتخصِّصة في تفصيل الثياب عن بعد، إنَّ المنصة سعت إلى تطوير آلية فريدة لتفصيل الثياب تعتمد على التكنولوجيا، إذ يخلق التحوُّل الرقمي نماذج اقتصادية واستثمارية جديدة، وهنا تبرز أهمية التشريعات التي تمكِّننا من تقديم الخدمات المبتكرة".
وأشار "أبانامي" إلى أهمية التنسيق والتعاون بين الحكومات والشركات الناشئة، وأن يكون النظام التعليمي مواكباً ومتَّسقاً مع التطوير الحاصل في سوق الشركات الناشئة، بما يكفل زيادة قدراتها التنافسية.
وأمَّا بالنسبة لأثر الأتمتة على قوى العمل، قالت الرئيسة التنفيذية لشركة "ترجمة AI" في الامارات "نور الحسن"، إنَّها ستعمل على تقييد الكثير من الأعمال والفرص الوظيفية، وخلق فرص وظيفية أخرى أيضاً، فهناك تقرير يقول، إنَّ عام 2025 سيتمُّ فيه شطب ملايين الأعمال، وفي المقابل ستظهر الملايين غيرها، ورأت أنَّ الأتمتة مجدية؛ إذ سيُطلَب من البشر القيام بالعديد من المهارات، وفي شركة "ترجمة AI" على سبيل المثال، يقدِّم الذكاء الاصطناعي، والتقنية، والأجهزة المساعدة للمترجمين لتسريع بيئة العمل، ورفع مستوى قدراتهم الإبداعية.
وأكدت "نور الحسن"، على ضرورة سدِّ الثغرة بين النظم التعليمية والاحتياجات الفعلية للسوق، من خلال فتح الحوار بين المسؤولين في القطاع التعليمي وأصحاب الشركات الناشئة لمواكبة المتغيَّرات.
وأوضحت أنَّ التوقُّعات تشير إلى أنَّ العمل الحر سيزيد بنسبة 3 % مع حلول العام 2030، مما سيدفع الحكومات إلى وضع التشريعات اللازمة لذلك.