كيف تنقذ صفقة التجارة الرقمية الأمريكية شركات المدفوعات العالمية؟

شركات المدفوعات مثل فيزا وماستركارد تواجه في عض الدول قيود وتشديدات بخصوص الاحتفاظ بالبيانات ومعالجتها بالخارج وتطلب تخزينها محلياً - المصدر: بلومبرغ
شركات المدفوعات مثل فيزا وماستركارد تواجه في عض الدول قيود وتشديدات بخصوص الاحتفاظ بالبيانات ومعالجتها بالخارج وتطلب تخزينها محلياً - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

- مقال رأي

صدرت تعليمات لشركة "ماستركارد" بعدم إصدار بطاقات جديدة في الهند، في خطوة تؤكِّد الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق التجارة الرقمية بقيادة الولايات المتحدة لوضع معايير عالمية لما يمكن للدول ذات السيادة أن تفعله، وما لا تستطيع فعله نحو الشركات التي تحصل على البيانات، وتعالجها دولياً.

أوقف البنك المركزي الهندي دعم شبكة المدفوعات الأمريكية بدعوى عدم امتثالها لقواعد تخزين البيانات المحلية المثيرة للجدل، والتي تمَّ تقديمها قبل ثلاث سنوات.

في إبريل، فرضت السلطة النقدية قيوداً مماثلة على شركة "أمريكان إكسبريس"، وبطاقات "داينرز كلوب" الخاصة بشركة "ديسكفر فاينانشال سيرفسز".

الحد من المنافسة

سيكون العملاء الحاليون على ما يرام في جميع الحالات الثلاث، لكنَّ العقوبات القاسية ستتسبَّب في تقليل المنافسة في السوق.

قال بنك "آر بي إل"، الذي تراجعت أسهمه يوم الخميس الماضي بعد إعلان الجهة المنظمة، إنَّ الأمر سيستغرق حوالي 10 أسابيع للانتقال إلى بطاقات "فيزا"، مما قد يؤثر على الهدف الشهري لإصدار البطاقات في غضون ذلك.

تبلغ حصة "ماستر كارد" 33% في الهند، مقارنة بـ 45% لـ"فيزا". وستتضرر أيضاً بعض البنوك والشركات المالية الهندية الأخرى، وفقاً لشركة الأبحاث "نومورا ريسيرش".

تخزين البيانات محلياً

هل كان من الممكن تجنُّب ما حدث؟ على الصعيد العالمي، يبدو أنَّ شركات التجارة الإلكترونية، والمحتوى، والدفع، يقعون جميعاً في مرمى الإجراءات التنظيمية.

في حين تقدِّم الحكومات العديد من الأسباب للإصرار على التخزين المحلي - من فحص غسيل الأموال إلى ضمان الأمن القومي - ويقع عبء الامتثال بشكل غير متناسب على عاتق الشركات الدولية.

ليس لدى المنافسين الذين يخدمون سوقاً واحداً مشكلة في تلبية المتطلَّبات فقط، مما يجعل منها قضية وصول التجارة.

من أجل إغلاق هذه الثغرات والعديد من الثغرات الأخرى في تبادل البيانات عبر الحدود، يعمل فريق الرئيس جو بايدن على مقترحات تخصُّ صفقة التجارة الرقمية مع الاقتصادات في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، بحسب ما أفادت بلومبرغ نيوز الأسبوع الماضي.

رأسمالية البيانات

أدت عقود من العولمة إلى خفض الرسوم الجمركية، وتنسيق الإجراءات الجمركية في تجارة السلع. وبرغم أنَّ بيع خدمات مثل الخدمات المصرفية، والتأمين عبر الحدود مايزال فوضوياً، إلا أنَّ اتفاقيات التجارة الحرة الإقليمية تحاول على الأقل تقليل الاحتكاك.

عندما يتعلَّق الأمر برأسمالية البيانات؛ فإنَّ الدول القومية المكتظة بالسكان تدرك بشكل متزايد قيمة المواد الخام الموجودة تحت تصرفها، وتكره مشاركتها مع الآخرين.

تمثِّل متطلَّبات التوطين بعض أكثر القيود فظاعة. من روسيا والصين إلى الهند وإندونيسيا، تصرُّ العديد من الحكومات على تخزين البيانات محلياً، ويذهب بعضهم أبعد من ذلك.

استخدمت الصين قانون الأمن السيبراني لعام 2017 لاتخاذ إجراءات صارمة ضد شركة "ديدي غلوبال"، بعد أيامٍ فقط من بيع تطبيق نقل الركاب الشهير لأسهم في الولايات المتحدة.

تشديد القيود الحكومية

ستصبح الأمور أكثر صرامة اعتباراً من شهر سبتمبر، بموجب قانون جديد لأمن البيانات، كما ستحتاج الشركات الصينية إلى إذن من الحكومة لمشاركة أيِّ معلومات حول عملياتها في البر الرئيسي مع مسؤولي إنفاذ القانون في الخارج.

توفِّر الهند بيئة أكثر ملاءمة في الوقت الحالي، لكنَّها تدرس أيضاً تشريعات لحماية البيانات الشخصية، ومعالجة المعلومات غير الشخصية.

سيتمُّ تحديد تكاليف الامتثال للشركات من خلال المبادئ التوجيهية التي ستصاغ بموجب هذه القوانين الجديدة.

كما اكتشفت "أمازون"، و"ولمارت"؛ فإنَّ البقاء على الجانب الصحيح من القواعد الهندية التمييزية يمكن أن يكون أمراً مكلفاً.

اقتصرت خدمة رسائل "واتس اب" التابعة لشركة "فيسبوك" التي أرادت جزءاً من سوق المدفوعات الهندية المزدهر بدون بطاقة، على إصدار تجريبي طالت مدَّته بشكلٍ مفرط.

حتى في هذه الحالة، كانت العثرة تكمن في توطين البيانات. قالت "واتس أب"، إنَّها استوفت جميع المتطلَّبات، ولكن بحلول الوقت الذي اقتنعت فيه شركة المدفوعات الوطنية الهندية والبنك المركزي، كانت الخدمة قد تأخرت لمدة ثلاث سنوات تقريباً.

يريد الاحتياطي الهندي أن تبقى البيانات الخاصة بمدفوعات البطاقات الهندية على الخوادم المحلية فقط، مع عدم الاحتفاظ بنسخ منها في مكان آخر.

التأثير على سوق مراكز البيانات

وبما أنَّ المزيد من الدول تفرض متطلَّبات سيادة البيانات هذه؛ فإنَّ الكفاءات الاقتصادية من التخزين المركزي والمعالجة ستصبح بلا فائدة.

يتركَّز سوق مراكز البيانات بشكل كبير في خمسة أسواق: شمال فيرجينيا، وسنغافورة، ولندن، وسيدني، ووادي السيليكون، وفقاً لدراسة أجرتها "كوشمان آند واكفيلد" للمشاريع قيد التطوير النشط في عام 2021.

تُتخذ القرارات بشأن مكان إنشاء المتجر على أساس الكهرباء الموثوقة على مدار 24 ساعة طوال أيام الأسبوع واليقين القانوني، وتوفِّر الاتصال عبر الألياف الضوئية، وتوفِّر السحابة من المزوِّدين الرئيسيين الثلاثة – "أمازون"، و"مايكروسوفت"، و"ألفابت"، التابعة لشركة "غوغل".

لكنَّ متطلَّبات التأقلم قادمة في الطريق. كما أنَّ "ماستركارد" أعلنت عن استثمار بقيمة 350 مليون دولار في مركز معالجة البيانات في بيون، ماهاراشترا - وهو الأول خارج الولايات المتحدة - امتثالاً للوائح الهندية. ومع ذلك؛ من الواضح أنَّ الاحتياطي الهندي لم يكن معجباً بذلك.

"حيوانات برية"

لا تشبه البيانات أي سلعة أخرى. كل شيء آخر، من النفط إلى برامج الكمبيوتر، يحصل على قيمته من حقوق الملكية المحددة جيداً التي تحميها الأنظمة القانونية.

ولكن كما جادلت كاثرينا بيستور الأستاذة بكلية الحقوق بجامعة كولومبيا؛ فإنَّ صناعة التكنولوجيا قد التقطت البيانات ببساطة باعتبارها "حيوانات برية".

حالياً، إذا سارعت الدول إلى ملء الفراغ القانوني، وأعلنت من جانب واحد حقوقها في البيانات الفردية، فسوف يؤدي ذلك إلى مزيد من الفوضى.

ما يريده المستهلكون في كل مكان هو أن تصرَّ حكوماتهم على الخصوصية، والتعامل العادل من جانب شركات التكنولوجيا.

عدم ثقة

بالنظر إلى المناخ الحالي من عدم الثقة المتبادل؛ فإنَّ توصُّل الصين والولايات المتحدة إلى تفاهم مشترك حول الوصول إلى وحدات البت، والبايت الخاصة ببعضهما مع بعض يبقى أمراً مشكوكاً فيه.

أما بالنسبة لبقية العالم؛ فإنَّ صفقة التجارة الرقمية المقنعة من إدارة بايدن من شأنها أن تساعد في وضع المعايير، إذ ستؤمن المصالح التجارية الأمريكية على مستوى العالم، وتؤكِّد للشركاء التجاريين أنَّ السماح للمعلومات بالتحرُّك بحرية - في ظل قواعد قوية - أفضل من وضعها في صوامع.

سيكون حجم وتفصيل البيانات في شبكة الجيل الخامس التي تعمل بكامل طاقتها أعلى بكثير مما هي عليه حالياً.

ستحتاج موارد الحوسبة السحابية إلى التوزُّع على نطاق أوسع للتعامل مع الآلات المعقَّدة، مثل السيارات ذاتية القيادة.

ستؤدي محاولة إبطاء الأمور مع متطلَّبات التوطين إلى نتائج عكسية. وهكذا انتهى عمل الرئيس الأمريكي.

اضغط هنا لقراءة المقال الأصلي
هذا المقال لا يعكس موقف أو رأي "الشرق للأخبار"وهو منشور نقلا عن Bloomberg Mediaولا يعكس بالضرورة آراء مجلس تحرير Bloomberg أو ملاكها
تصنيفات

قصص قد تهمك