كيف سمحت "مايكروسوفت" بخسارة "سكايب" أمام "زووم"؟

بدأت "مايكروسوفت" في أغسطس الماضي التخطيط لإنهاء متصفح الإنترنت "إكسبلورر"بعد أن كان يسيطر على 95% من سوق المتصفحات في 2001 - المصدر: بلومبرغ
بدأت "مايكروسوفت" في أغسطس الماضي التخطيط لإنهاء متصفح الإنترنت "إكسبلورر"بعد أن كان يسيطر على 95% من سوق المتصفحات في 2001 - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

- مقال رأي

أعلنت شركة "زووم فيديو كوميونيكيشنز"، الشركة المصنّعة لأداة مؤتمرات الفيديو في كل مكان، والتي جعلت تفشّي وباء فيروس كورونا العالمي أقلّ عزلة، عن نموٍ هائل خلال فترة ربع سنوية أخرى.

وفي حين أن أعمالها قد لا تستمر في الارتفاع إلى حد كبير، فإن "زووم" في وضعٍ جيد، ويبدو أن لديها قاعدة معجبين موالين لها، وهي مستمرة في عملية الابتكار.

لقد حقّقَت أيضاً إنجازاً نادراً لشركة، فقد ابتكرت منتجاً يتمتع بدرجة كافية من الشعبية، ليصبح فعلاً منتشراً على نطاق واسع.

تفوُّق "زووم"

تعبّر كلمة "زووم" الآن عن "المحادثة عبر الفيديو"، بنفس الطريقة التي تعبّر بها كلمة "غوغل" عن البحث في الإنترنت. ولكن منذ وقت ليس ببعيد، كان اسم مُنتَج آخر يعبّر عن "مؤتمرات الفيديو" هو "سكايب".

على الرغم من أن برنامج "سكايب"، الذي أُطلقَ عام 2003، كان متاحاً لمدة تسع سنوات أطول من برنامج "زووم"، وهو مملوك لشركة "مايكروسوفت" التقنية العملاقة، فإن برنامج "زووم" تَفوَّق عليه في السباق.

لم يعد الناس يقولون سأحدثك "عبر سكايب" بقدر ما يقولون "سأحدثك عبر زووم"... كيف حدث هذا؟

"سكايب" يخسر السباق

ليس من السهل أبداً تحديد سبب تراجع شعبية منتج "سكايب"، ولكن غالباً ما يرجع ذلك إلى السعر والجودة والأداء وسهولة الاستخدام.

إذا كانت الشركة تبيع شيئاً آخر غير السلع الفاخرة ولم تحقق هذه العناصر، فإنها تصبح في ورطة، حتى لو كانت الشركة غنية وقوية مثل شركة "مايكروسوفت". في هذا الصدد تُعتبر "مايكروسوفت" مثالاً توضيحياً عن كيفية أن السبق لا يهم إذا لم تتمكن من البقاء في الصدارة.

لا يُعَدّ برنامج "سكايب" المنتج الوحيد الرائد الذي تخبطت فيه شركة "مايكروسوفت"، فقبل عقدين من الزمان كان متصفح "إنترنت إكسبلورر" للإنترنت الخاص بها، مهيمناً وشائعاً لدرجة أنه لفت انتباه السلطات التنظيمية الفيدرالية الأمريكية المختصة بمكافحة الاحتكار.

في شهر أغسطس بدأت شركة "مايكروسوفت" تتخطط لإنهاء متصفح الإنترنت "إكسبلورر"، بعد نحو شهر من التخطيط لنفس الشيء مع برنامج "سكايب فور بيزنس"، وهو إصدار الشركة من أداة مؤتمرات الفيديو الخاصة بها.

من المؤكد أن شركة "مايكروسوفت" لا تتخلى عن برامج تصفح الإنترنت وبرامج مؤتمرات الفيديو. سيمتص متصفح الإنترنت الأحدث عبر الأنظمة الأساسية لمستخدمي الأعمال "إيدج" (Edge) مستخدمي متصفح "إكسبلورر" الذين يرغبون في الاستمرار في استخدام أحد منتجات "مايكروسوفت". أثبتت أداة الفيديو والمشاركة الأحدث للشركات، وهي "تيمز" (Teams)، أنها تحظى بشعبية كبيرة وستجذب نظرياً عشاق "سكايب فور بيزنس".

التركيز على الأعمال المربحة

كل هذا يدعم أعمال شركة "مايكروسوفت" المربحة، ويقلّل عدد المنتجات التي تدور حول عروض برامجها الأساسية. لكن ربما لم تكن الشركة مضطرة إلى تحمُّل مشكلة إعادة تجهيز تلك المنتجات، إذا كانت أدّت عملها على نحو أفضل في إدارة متصفح الإنترنت "إكسبلورر" وبرنامج "سكايب" في المقام الأول.

في عام 1985، عندما أطلقت شركة "مايكروسوفت" نظام التشغيل "ويندوز" الخاص بها، كان إيذاناً ببدء ثورة الكمبيوتر الشخصي، من خلال منح المستهلكين والشركات، منتجاً ميسور التكلفة وموثوقاً وسهل الاستخدام.

لكن شركة "مايكروسوفت" كانت مقيَّدة جداً بأجهزة الكمبيوتر المكتبية، وفشلت في التعرف على الكيفية التي سيغير بها الإنترنت أعمالها في التسعينيات، وكيف كانت الأجهزة المحمولة ستفعل الشيء نفسه في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين. لقد أهملت تعديل عروضها لتتكيف مع تلك العوالم الجديدة.

وفي تصريح لوكالة "أسوشيتيد برس" الأمريكية يعود إلى عام 2009، قال الرئيس التنفيذي السابق لـ"مايكروسوفت" ستيف بالمر": "دعونا نواجه الأمر، جرى تصميم الإنترنت لجهاز الكمبيوتر"، وأضاف: "الإنترنت ليس مصمَّماً لجهاز آيفون".

القضاء على "إكسبلورر"

اقتنصت متصفحات الإنترنت التي تعمل بشكل أفضل على الإنترنت والهواتف الذكية، مثل "غوغل كروم"، حصة السوق من شركة "مايكروسوفت". وتميزت متصفحات الإنترنت الأخرى بسرعة تحميلها، أو كونها أكثر أماناً، أو جعلت الحياة أسهل للمطورين، أو كانت لديها عناصر تحكُّم أفضل في الخصوصية، فقضت على متصفح الإنترنت "إكسبلورر" في النهاية. وبات المنتج الذي سيطر عام 2001 على نحو 95% من سوق المتصفحات العالمية، لديه أقل من 1% اليوم (تمتلك Edge نحو 3.4%).

زيادة عدد المستخدمين

في عام 2011، عندما استحوذت "مايكروسوفت" على برنامج "سكايب" مقابل 8.5 مليار دولار، وأُطلِقَ برنامج "زووم" للتوّ، كان لدى برنامج "سكايب" بالفعل 100 مليون مستخدم.

بحلول عام 2014 كان برنامج "سكايب" مستخدَماً على نطاق واسع بما يكفي لاستحقاق تضمينه كـ"فعل" من أفعال اللغة الإنجليزية في قاموس "أكسفورد" الإنجليزي.

وبحلول عام 2015 كان لدي البرنامج 300 مليون مستخدم، لكن تقنية برنامج "سكايب" لم تكن مناسبة تماماً للأجهزة المحمولة. عندما شرعت شركة "مايكروسوفت" في معالجة هذه المشكلة، قدمت مجموعة من متطلبات الموثوقية التي كانت كوابيس للمستخدم. لقد تسبب ذلك لهم في مزيد من الصداع من خلال إعادة تصميم برنامج "سكايب" بطريقة متكررة وعشوائية في أثناء إدماج وظائف المراسلة والفيديو.

بحلول الوقت الذي ظهر فيه فيروس كورونا، ربما كان لدى "سكايب" 23 مليون مستخدم. ارتفع هذا الرقم إلى 70 مليوناً خلال الجائحة، وفقاً لموقع "فيرج" الإلكتروني المتخصص في التكنولوجيا، لكن المنتج لا يزال يتراجع أمام برنامج "زووم".

"زووم" أسهل كثيراً

كان برنامج "زووم" أسهل في الاستخدام، بخاصة لغير التقنيين، وأقلّ بكثير من حيث الأخطاء ومواطن الخلل. يمكن أن يظهر عشرات من الأشخاص على شاشة برنامج "زووم" على خلاف برنامج "سكايب". وكان من السهل دعوة الأشخاص للمحادثة لأن مستخدمي "زووم" الجدد احتاجوا فقط إلى عنوان بريد إلكتروني للانضمام، لا إلى إجراء عملية تسجيل لحساب كامل.

حسب شركة "زووم"، التي نجحت في القضاء على عديد من المخاوف الأمنية بشأن برنامجها، فإن إجمالي المشاركين في الاجتماع يومياً نما خلال فترة الجائحة من 10 ملايين إلى نحو 350 مليوناً (لا تقدم الشركة بيانات مستخدم محددة، لذلك لا يمكن مقارنة حجم جمهورها بشكل مباشر مع حجم جمهور برنامج "سكايب").

حالياً بعد أن أصبحت شركة "زووم" هى الرائدة، سيتعين عليها تجنُّب أخطاء شركة "مايكروسوفت"، بخاصة أن عمليات الإغلاق بسبب تفشِّي فيروس كورونا أفقدتها الدعم المتوافر لدفع أنشطتها. إنها شركة تقنية، بعد كل شيء، في قطاع تكون فيه أمور الشركة جيدة كلما كان آخر تحديث لها جيداً، وعليك فقط أن تسأل برنامج "سكايب".

اضغط هنا لقراءة المقال الأصلي
هذا المقال لا يعكس موقف أو رأي "الشرق للأخبار"وهو منشور نقلا عن Bloomberg Mediaولا يعكس بالضرورة آراء مجلس تحرير Bloomberg أو ملاكها
تصنيفات

قصص قد تهمك