تواجه شركة "فيسبوك" أوَّل تحقيق معمَّق من قبل المنظِّمين الأوروبيين، وهو الأحدث في سلسلة من الجهود للقضاء على هيمنة سوق التكنولوجيا الكبرى في جميع أنحاء القارة.
وقالت المفوضية الأوروبية، إنَّها ستحقق فيما إذا كانت "فيسبوك" تسيء استخدام مجموعة من البيانات التي تمَّ جمعها من المعلنين للتنافس ضدَّهم في الإعلانات المبوبة. كما ستتحقق مما إذا كانت الشركة تربط بشكل غير عادل خدمة إعلانات السوق الصغيرة الخاصة بها بشبكتها الاجتماعية.
في الوقت نفسه، قالت المملكة المتحدة، إنَّها تفتح تحقيقات حول متجر "فيسبوك ماركت بليس"، وخدمات التعارف التابعة إليه. جاء ذلك بعد ساعات من إعلان هيئة الرقابة الألمانية لمكافحة الاحتكار عن قضية تستهدف منتج "غوغل نيوز شوكيس".
من شأن هذه القضايا فتح جبهة أخرى أمام أكبر شركات التكنولوجيا في العالم، إذ يتحقَّق المنظِّمون من قوَّتهم السوقية أثناء الوباء عندما أصبحت التجارة والإعلان عبر الإنترنت أكثر أهمية بكثير للأشخاص الذين يعملون من المنزل. وتجري ألمانيا حالياً تحقيقات تستهدف "فيسبوك"، و"أمازون"، في حين تدرس فرنسا ممارسات الإعلان التي يقوم بها كلٌّ من "غوغل"، و"أبل".
يعني فتح تحقيق رسمي أنَّ المنظِّمين يمكنهم البدء في بناء دليل قاطع بشأن انتهاكات مكافحة الاحتكار، وهي عملية يمكن أن تؤدي إلى لائحة اتهام أو إلى لوائح اعتراضية، وقد تؤدي في النهاية إلى فرض غرامات باهظة أو إصدار أمر لتغيير طريقة عمل الشركة.
وانخفضت أسهم "فيسبوك" لفترة وجيزة بأكثر من 1% في تداول ما قبل السوق لتصل إلى 324.51 عند الساعة 7:41 صباحاً بتوقيت نيويورك.
بحث تفصيلي
تعدُّ الخطوة التي اتخذها الاتحاد الأوروبي يوم الجمعة المرة الأولى التي يتمُّ فيها وصول قضية في سلوك "فيسبوك" إلى ما بعد المراحل الأولية. يأتي ذلك بعد قضايا أخرى تستهدف شركات رفيعة المستوى، مثل: "غوغل"، و "أبل"، و "أمازون"، وقد فرض الاتحاد الأوروبي سابقاً غرامة على "فيسبوك" لفشلها في تقديم المعلومات الصحيحة عندما تمَّ فحص عملية الاندماج التي استحوذت من خلالها على "واتساب".
في هذا السياق، تقول مارغريت فيستاغر، مفوَّضة الاتحاد الأوروبي لشؤون المنافسة: "تجمع "فيسبوك" مجموعة كبيرة من البيانات حول أنشطة مستخدمي شبكته الاجتماعية وخارجها". وتضيف أنَّ المنظِّمين في الاتحاد الأوروبي "سينظرون بالتفصيل فيما إذا كانت هذه البيانات تمنح "فيسبوك" ميزة تنافسية غير مشروعة، على وجه الخصوص في قطاع الإعلانات المبوبة عبر الإنترنت، إذ يشتري الناس، ويبيعون السلع كل يوم".
تحقيقات مستقلة
أصبحت التجارة عبر الإنترنت تلعب بشكل متزايد دوراً مهماً في أعمال "فيسبوك" في فترة الوباء، إذ يشتري المزيد من الناس السلع عبر الإنترنت.
وكان مارك زوكربيرغ، الرئيس التنفيذي لشركة "فيسبوك"، قد قال في مؤتمر عبر الهاتف لمناقشة أرباح الشركة عقد في شهر إبريل: "تستمر الإعلانات التجارية في العمل بشكل جيد للغاية، وتحقِّق قدراً مهماً من مجمل أعمالنا "، لافتاً إلى أنَّ أكثر من مليار شخص يزورون الآن متجر "فيسبوك ماركت بليس" كل شهر.
وقالت الشركة في بيان أرسل عبر البريد الإلكتروني:
"ستواصل فيسبوك التعاون الكامل مع التحقيقات لإثبات أنها عديمة أهلية، نحن نعمل دائماً على تطوير خدمات جديدة وأفضل لتلبية الطلب المتزايد من الأشخاص الذين يستخدمون فيسبوك.
كما فتحت هيئة مكافحة الاحتكار في المملكة المتحدة تحقيقها الخاص في بيانات "فيسبوك"، تنظر فيه إلى كلٍّ من "فيسبوك ماركت بليس"، وخدمة التعارف التي أطلقتها الشركة في أوروبا العام الماضي. وقالت هيئة المنافسة والأسواق البريطانية، إنَّها تخطط للتحقيق فيما إذا كان "فيسبوك" قد أساء استخدام موقعه المهيمن من خلال جمع البيانات من الخدمات، بما في ذلك خيار تسجيل الدخول الموحد.
وتجري هيئة المنافسة والأسواق البريطانية التي تركِّز بشكل متزايد على التكنولوجيا تحقيقاً مستقلاً، لكنَّها قالت، إنَّها ستتعاون مع تحقيق الاتحاد الأوروبي. وقالت الهيئة، إنَّ تحقيقها الأولي، بما في ذلك جمع المعلومات، سيستمر حتى الرابع من فبراير.
شروط غير منطقية
من جهته قال مكتب اتحاد المنتجين (الكارتل) الفيدرالي الألماني في يوم الجمعة، إنَّه ينظر في منتج "غوغل نيوز شو كيس" للتحقق فيما إذا كانت شروطه تفرض "شروطاً غير منطقية" على الناشرين. وتعدُّ هذه الخطوة هي الأحدث في سلسلة من الهجمات على شركات التكنولوجيا الكبرى من قبل رئيس مكافحة الاحتكار الألماني أندرياس موندت.
ويتشابه تحقيق الاتحاد الأوروبي هذا مع تحقيق سابق استهدف "أمازون"، وذلك من خلال النظر في كيفية استخدام ما يسمى بالمنصة الرقمية للبيانات التي تجمعها من الشركات التي تستخدم خدمتها بهدف التنافس ضد هذه الشركات. يُذكر أنَّ مفوضية الاتحاد الأوروبي تقوم بالتحقيق مع "فيسبوك" منذ عام 2019. وسعت "فيسبوك" إلى كبح التحقيق عبر دعاوى قضائية في العام الماضي، كما سعت للحدِّ من المعلومات التي يمكن للمسؤولين الحصول عليها.