ربما يتعين على شركة "إبيدن" (Ibiden)، المورّد الرئيسي للطبقة السفلية لغلاف الرقائق المستخدمة في أحدث أشباه موصلات "إنفيديا" تطوراً، زيادة سرعة رفع الإنتاج لمواكبة الطلب، وفق تصريحات رئيس الشركة التنفيذي، كوجي كاواشيما.
تشهد مبيعات "إبيدن" -التي تأسست قبل 112 عاماً- من الطبقة السفلية المستخدمة في الذكاء الاصطناعي انتعاشاً كبيراً، وسط شراء العملاء كامل إنتاجها، ويُرجح أن يستمر الطلب حتى نهاية العقد المقبل، بحسب كاواشيما.
وأضاف أن الشركة تبني مصنعاً جديداً لإنتاج الطبقة السفلية في مقاطعة غيفو في وسط اليابان، ويتوقع أن يعمل بنسبة 25% من قدرته الإنتاجية عند بدء تشغيله قرب نهاية الربع الأول، قبل رفعها إلى 50% بحلول مارس 2026. إلا إن ذلك قد لا يكفي. وتجري الشركة محادثات حول الموعد المرتقب لرفع قدرتها الإنتاجية بالنسبة المتبقية، التي تبلغ 50%.
وقال كاواشيما في مقابلة: "عملاؤنا قلقون. نتلقى استفسارات عن استثمارنا المقبل والزيادة القادمة للقدرة الإنتاجية".
عملاء من كبرى شركات الرقائق
ارتفع سعر سهم "إبيدن" بنحو 5.5% الإثنين في طوكيو، ما يُعد أكبر ارتفاع خلال يوم تداول واحد منذ أكثر من شهر.
وفضلاً عن "إنفيديا"، تضم قائمة عملاء "إبيدن" شركات "إنتل"، و"أدفانسد مايكرو ديفايسز"، و"سامسونغ إلكترونيكس"، و"تايوان سيميكوندوكتور مانوفاكتشورينغ"، بحسب البيانات التي جمعتها "بلومبرغ".
ويتشاور أغلب العملاء مع الشركة اليابانية في مرحلة مبكرة من تطوير المنتجات، إذ يجب تصنيع الطبقة السفلية التي تساعد على نقل الإشارات من أشباه الموصلات إلى لوحة الدوائر الكهربائية بشكل مخصص لكل رقاقة. كما يجب تصنيع الطبقة السفلية لتتحمل حرارة وحدة معالجة الرسوم التي تنتجها "إنفيديا"، لتشكل مع مكونات أخرى، مثل شريحة الذاكرة، غلافاً كاملاً لرقائق الذكاء الاصطناعي.
تبعات أزمة "إنتل" تطال "إبيدن"
تأسست "إبيدن" كشركة للكهرباء في 1912، واكتسبت خبرة في أشباه الموصلات بفضل الشراكة مع "إنتل"، التي عززها كاواشيما في مطلع التسعينيات عبر الانتظار يومياً أمام مقر الشركة الأميركية في سانتا كلارا ليوقف المهندسين والتنفيذين ويسألهم عن آرائهم في المنتج.
شكلت "إنتل" في مرحلة ما مصدر نحو 70% إلى 80% من إيرادات "إبيدن" من الطبقة السفلية لغلاف الرقائق، وانخفضت هذه النسبة إلى نحو 30% خلال العام المالي المنتهي في مارس، إذ واجهت صانعة الرقائق الأميركية صعوبات في التحول إلى الربحية، كما أنها شهدت مؤخراً إقالة الرئيس التنفيذي بات غلسنغر.
أثر هذا الاعتماد سلباً على سعر سهم "إبيدن"، حيث انخفض بنحو 40% هذا العام. وفي أكتوبر، خفضت الشركة توقعاتها للأرباح بعد أن تجاوز تراجع الطلب على المكونات المستخدمة في خوادم الأغراض العامة النمو المرتبط بخوادم الذكاء الاصطناعي. لكن رغم إشارة كاواشيما إلى أهمية توسعة نطاق النشاط مع مصنعي الرقائق الآخرين بخلاف "إنتل"، أعرب عن ثقته بأنها ستتعافى من أزمتها.
وأضاف كاواشيما، البالغ 61 عاماً، أن: "تكنولوجيا (إنتل) متطورة جداً بشكل عام. كما أنها عززت قدراتنا ومكانتنا وأتاحت لنا فرصاً كثيرة. ستكون علاقتنا معها دوماً محل تقدير، وستبقى واحدة من أهم العملاء".
مستقبل سوق الرقائق في أميركا
كما لفت إلى أنه في ظل عدم رغبة عدد كبير من مصنعي الرقائق الأجانب نقل أحدث تقنياتهم إلى الولايات المتحدة، يُرجح أن تؤدي "إنتل" دوراً محورياً في تحقيق هدف واشنطن لرفع القدرة الإنتاجية المحلية لأحدث أشباه الموصلات تطوراً، وأن "إبيدن" بحد ذاتها لا تملك منشآت تصنيع في الولايات المتحدة ولا تعتزم بناء أي منشأة هناك بسبب تكلفة العمالة واللوجستيات، بغض النظر عن خطط الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب لفرض رسوم جمركية على مجموعة كبيرة من المنتجات.
وتستخدم كل أشباه موصلات الذكاء الاصطناعي التي تنتجها "إنفيديا" حالياً الطبقات السفلية للغلاف التي تصنعها "إبيدن"، مع ذلك، فإن الشركات التايوانية المنافسة، مثل "يونيمايكرون تكنولوجي" (Unimicron Technology)، تراقب المجال بدقة. لكن إزاحة "إبيدن" من مكانتها كمورد رئيسي لن يكون سهلاً، بحسب المحلل لدى شركة "تويو سكيوريتيز" (Toyo Securities) هيديكي ياسودا.
وأضاف أن "رقائق الذكاء الاصطناعي التي تنتجها (إنفيديا) تتطلب طبقات سفلية متطورة، و(إبيدن) هي الشركة الوحيدة القادة على إنتاجها بكميات كبيرة بعائد إنتاج جيد"، و"لن يتمكن المنافسون التايوانيون من تقليص حصة (إبيدن) في السوق بقدر كبير".
منافسة مرتقبة مع "إنفيديا"
تشكل أشباه موصلات الذكاء الاصطناعي أكثر من 15% من مبيعات "إبيدن" البالغة نحو 370 مليار ين ياباني (2.3 مليار دولار)، ويُنتظر أن ترتفع هذه النسبة بدرجة أكبر. وأشارت "إنفيديا" إلى أنها ستبدأ إنتاج رقائق الجيل الجديد "بلاكويل" (Blackwell) بكامل الطاقة الإنتاجية، بعد مواجهة بعض التحديات التقنية في البداية.
واختتم كاواشيما بأن "إنفيديا" قد تواجه في المدى الطويل منافسة متزايدة من الرقائق ذات الاستخدامات الخاصة التي تنتجها شركتا "مارفل تكنولوجي" (Marvell Technology) و"برودكوم"، إلى جانب تصنيع الرقائق داخلياً في "جوجل"، التابعة لـ"ألفابت"، و"مايكروسوفت".
ومن الناحية النظرية، يُفترض أن بمقدور "إبيدن" تلبية احتياجاتهم جميعاً، إذ إن تصميم ومواد غلاف رقائق الذكاء الاصطناعي ستظل مشابهة لتلك التي تستخدمها "إنفيديا" على الأرجح.