يعاني أكبر مشروع علمي في العالم من ارتفاع التكاليف والتأخير في الاختبارات، بعد أن عرقلت موجات متكررة من جائحة "كوفيد-19" سلاسل التوريد الخاصة به.
تشارك 35 دولة في تمويل المفاعل النووي الحراري التجريبي الدولي "ITER"، الذي ما زال قيد الإنشاء في جنوب فرنسا، والذي تُقدَّر قيمته بـ22 مليار دولار. وتعتمد الدول الممولة على المفاعل لإثبات ما إذا كان يمكن توليد كميات غير محدودة من الطاقة النظيفة عن طريق إدماج الذرات لا شَطرِها، في ما قد يكون الحلّ المنتظَر لإبطاء ظاهرة الاحتباس الحراري على الأرض.
وقال برنارد بيغو، المدير العامّ للمفاعل، في إفادة إعلامية مؤخراً، بلا خوض في تفاصيل: "على الرغم من الجهود التي نبذلها، أتوقع بعض التأخير"، كما يتوقع الفيزيائي الفرنسي تقديم تقييم كامل بحلول نهاية العام يتضمن تقديرات لتكلفة أعلى.
ويأتي التأخير في وقت تدعو فيه الأكاديمية الوطنية الأمريكية للعلوم، حكومة الولايات المتحدة إلى تسريع خطط بدء توليد الكهرباء من خلال محطة اندماج تجريبية بحلول عام 2040. وللوصول إلى هذا الهدف، سيتعين على المهندسين الاتفاق على تصميم قابل للتطبيق خلال السنوات السبع المقبلة، حسب تقرير نُشر الشهر الماضي.
ليس التأخير الأول
على عكس المحطات النووية التقليدية، التي تولّد الطاقة عن طريق شطر الذرات داخل مفاعلات الانشطار، يهدف "ITER" إلى إدماج الذرات معاً عند 150 مليون درجة مئوية، وذلك أعلى بعشر مرات من حرارة الشمس.
وصُمّم المفاعل، الذي يُطلَق عليه "توكاماك"، ليكون مستوحىً من التصميمات التي اختُبرت لأول مرة في الاتحاد السوفييتي، إذ تُجمَّع أشعة الليزر والمغناطيسات الكهربائية القوية حول حاوية فائقة التبريد على شكل كعكة "دونات"، وتُثبَّت البلازما شديدة السخونة في مكانها.
وقال بيغو إن اقتراح الأكاديمية الوطنية الأمريكية للعلوم يجب أن يُنظر إليه على أنه "مكمّل" لمشروع "ITER" العالمي، وتابع: "نعتقد أن هذا النوع من الأهداف الطموحة هو الذي يمكن أن يدفع التقدم".
يُذكر أن هذه لا تُعَدّ المرة الأولى التي يواجه فيها المفاعل النووي الحراري التجريبي الدولي تأخيراً، ففي عام 2016 حصل المشروع على خمس سنوات إضافية وتمويل بقيمة 4.5 مليار دولار ليخضع لأول اختباراته في عام 2025. وقد زادت تقديرات التكلفة بأكثر من الضعف منذ الموافقة على المشروع في عام 2006 وحتى بدء المشروع، الموجود في كاداراش بفرنسا.
ووفقاً لبيغو، فإنه من غير المرجح أن تدفع النكسة الأخيرة الحكومات إلى إعادة النظر في دعمها للمشروع، وقال: "حتى مع تأثير كوفيد، فقد مُنحْنا الفرصة لتقييم جدوى التقنيات الرئيسية بدقة أكبر من ذي قبل. لم نعُد قادرين على تحمُّل الاستخدام المكثف للوقود الأحفوري، وكل الحكومات العالمية تدرك ذلك".