هل خطة "بايدن" لتوسيع تقنية النطاق العريض جريئة بما يكفي؟

طلاب المدارس يلجأون للإنترنت المجاني في مطاعم الوجبات السريعة في المناطق المحرومة من إنترنت النطاق العريض - المصدر: بلومبرغ
طلاب المدارس يلجأون للإنترنت المجاني في مطاعم الوجبات السريعة في المناطق المحرومة من إنترنت النطاق العريض - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

- مقال رأي

تعدُّ خطة البنية التحتية للرئيس "جو بايدن" التي تبلغ تكلفتها 2 تريليون دولار أمراً ذكياً، لأنَّها تتطلَّع إلى ما وراء الموانئ والحفر. لكنَّني قلق بشأن جزء الخطة الذي يهدف إلى توسيع تقنية النطاق العريض. إنَّ هذا الجزء طموح جداً، لكنَّه في الوقت نفسه غير طموح بدرجة كافية.

ولا يجب عليكم أن تخطئوا، فإنَّ النطاق العريض هو البنية التحتية. فمن غير المقبول أن يضطر تلاميذ المدارس الأمريكية إلى استخدام شبكة الإنترنت اللاسلكية التي توفِّرها مطاعم الوجبات السريعة لتقديم واجباتهم المدرسية.

وتتفاوت قدرة وصول البالغين إلى الإنترنت في الوقت الذي يعملون فيه عن بعد، أو يتقدَّمون لوظائف، أو يحددون مواعيد لقاح كوفيد، لذلك المشكلة تحتاج إلى إصلاح في وقت قريب.

ميزانية غير كافية

لكنَّ خطة بايدن لا تطلب أموالاً كافية لإصلاحها، إذ تقترح ميزانية بقيمة 100 مليار دولار على مدى ثماني سنوات لسد الفجوة الرقمية في أمريكا، على غرار مشروع قانون مماثل في الكونغرس.

تستند هذه المقترحات إلى تخطيط غير صحيح للجنة الاتصالات الفيدرالية للبنية التحتية الرقمية للبلاد، التي تقدِّر أنَّ هناك "أقل من 14.5 مليون" شخص يفتقرون إلى الوصول إلى الإنترنت واسع النطاق.

وهذا التقدير غير دقيق، فقد أقرت بذلك رئيسة لجنة الاتصالات الفيدرالية الحالية، جيسيكا روزنوورسيل، وطلبت إعداد خرائط مناسبة لتقنية النطاق العريض على الصعيد الوطني.

وكان إحصاء أكثر موثوقية أجرته مجموعة بحثية مستقلة تدعى (BroadbandNow)، قدَّرت أنَّ 42 مليون أمريكي كانوا بدون نطاق عريض، ويعيشون في كل من المناطق الريفية والمناطق الحضرية ذات الدخل المنخفض.

سرعات أعلى

علاوةً على ذلك، تدعو خطة بايدن إلى النطاق العريض "الواقي من المستقبل"، وذلك لأنَّ معيار النطاق العريض الحالي في أمريكا المُقاس بسرعات الإنترنت، أصبح قديماً بالفعل.

ومعيار النطاق العريض هو سرعة تنزيل لا تقل عن 25 ميغابت في الثانية. في الدنمارك، كان متوسط سرعة التنزيل الفعلية أسرع بخمس مرات تقريباً، وفي سويسرا وكوريا الجنوبية، كان أسرع بأربع مرات.

ومع أخذ كل هذا في الاعتبار، وتطبيق هياكل التكلفة المحددة من قبل لجنة الاتصالات الفيدرالية، يقدِّر فريق البحث الخاص بي أنَّ الميزانية يجب أن تكون على الأقل 240 مليار دولار - أكثر من ضعف الهدف الحالي. لذا فالاستنتاج الذي لا مفرَّ منه هو أنَّ ميزانية الخطة ليست طموحة بما يكفي، ولديها عجز في الميزانية يبلغ 140 مليار دولار.

حل طموح للغاية

في الوقت نفسه، فإنَّ خطة بايدن طموحة للغاية في حلها المقترح. وتعتزم حل مشكلة النطاق العريض من خلال الشبكات العامة والبلدية المحلية؛ و تلك التي تعمل بدون دافع للربح.

سيكون من الصعب القيام بذلك، على أقل تقدير: الشبكات البلدية محظورة في 18 ولاية على الأقل.

سيتعيَّن على بايدن العمل مع أطراف أخرى ذات موارد أفضل. وسيتعيَّن عليه أيضاً إيجاد طرق جديدة لزيادة الإيرادات لدفع تكاليف ترقيات البنية التحتية الرقمية لأمريكا.

وهنا أود أن أقترح حلاً من شقين. كلاهما يشمل شركات التكنولوجيا العملاقة، لأنَّ هذه الصناعة تحقق أكبر قدر من المال عبر امتلاكها لاتصال أفضل.

ضريبة التكنولوجيا

أولاً، ضع في اعتبارك "ضريبة التكنولوجيا" لتضييق فجوة الميزانية. اقترح بول رومر الحائز على جائزة نوبل مؤخراً فرض ضرائب على الإيرادات التي تجنيها شركات التكنولوجيا الكبرى من الإعلانات الرقمية المستهدفة.

هناك مجموعات كبيرة من الإيرادات - تزيد على 120 مليار دولار سنوياً - يمكن التعمق فيها: في عام 2020، ارتفعت عائدات إعلانات وسائل التواصل الاجتماعي إلى 41.5 مليار دولار، في حين نمت عائدات إعلانات الفيديو الرقمية إلى 26.2 مليار دولار، وكان من المتوقَّع أن ينفق المعلنون 59.22 مليار دولار على الإعلانات الموجودة على محرِّكات البحث.

يمكن تحصيل عائدات ضرائب التكنولوجيا في صندوق عالمي جديد للنطاق العريض، على غرار صندوق الخدمة الشاملة، الذي تمَّ بموجبه تقييم الاتصالات بعيدة المدى لدعم خدمة الهاتف في المناطق عالية التكلفة.

لماذا لا نعيد إحياء حل قديم لنسخة حديثة من مشكلة قديمة؟ في حين أنَّه قد يكون من السذاجة أن نتوقَّع شراكة من الحزبين في هذا الشأن، لكنْ لا يبدو حدوث ذلك أمراً مستبعداً؛ إذ يحرص المشرِّعون من كلا الحزبين على دفع هذه الصناعة لتقوم بسداد مستحقاتها.

وبالنظر إلى أنَّ مبيعات إيرادات الإعلانات الرقمية تزيد بالفعل على 120 مليار دولار سنوياً، ومع ارتفاع مبيعات الإعلانات الرقمية، فإنَّ هذا المجمع الضريبي سينمو فقط على المدى القريب.

فعلى سبيل المثال، معدل الضريبة بمقدار 15% يمكن أن يساعد في سدِّ فجوة الميزانية البالغة 140 مليار دولار على مدى ثماني سنوات.

وبمرور الوقت، يمكن لوجود مثل هذه الضريبة أيضاً أن يخلق حوافز لصناعة التكنولوجيا للابتكار في نماذج أعمال جديدة لا تعتمد على حصاد البيانات؛ وهي ميزة حددها "رومر" لفرض مثل هذه الضريبة في المقام الأول.

مشاركة اللاعبين الكبار

ثانياً، يجب على الحكومة الفيدرالية أن تتشارك مع اللاعبين الكبار الهادفين للربح لجلب النطاق العريض إلى المناطق غير المتصلة - وهو أمر غير ربحي لا يمكن للاعبين المحليين فعله بشكل واقعي.

تعمل شركات التكنولوجيا الكبيرة، مثل"فيسبوك"، و"غوغل"، و"أمازون"، و"أبل" في مجال يتقاطع مع المشرِّعين، إذ يعملون في مجال توفير إمكانية الوصول إلى الإنترنت، عبر مشاريع مثل "اتصال فيسبوك"، والأقمار الصناعية المنخفضة التي تدور حول الأرض، التي يبلغ عددها 3 آلاف قمر من شركة "أمازون".

ويجب أن تعمل إدارة بايدن معهم لجلب الإنترنت عالي السرعة إلى المناطق التي ليس لديها وفرة في إمكانية الوصول إلى الإنترنت، ويجب أن يتمَّ ذلك من خلال تقديم الأهداف، والحوافز، وعملية العطاءات.

شراكات ناجحة

لقد كانت هناك بالفعل بعض الشراكات الناجحة بين القطاعين العام والخاص، التي تُثبت أنَّ فكرة إقران شركات التكنولوجيا بالحكومات والمؤسسات الاجتماعية، يمكن أن تنجح. مثلاً؛ عندما تعاونت "غوغل" وولاية كاليفورنيا لإيصال الإنترنت إلى 100 ألف أسرة ريفية.

وعملت "مايكروسوفت"، وشركات أخرى مع المنظمات غير الحكومية في مشروع تجريبي للاتصال الرقمي في شرق كليفلاند.

ولكن لتحقيق ذلك على مستوى وطني، تحتاج هذه الأنواع من المشاريع إلى أن تلعب الحكومة الفيدرالية دور المنظِّم والداعي للأطراف.

إنَّ شركات التكنولوجيا الكبرى هي أكبر المستفيدين من الاتصال. إذ تجني هذه الصناعة المال في كل مرة نلمس فيها لوحة مفاتيح.

ولا يبدو من الراديكالي أن نقترح عليهم المساعدة في دفع تكاليف خلق المزيد من العملاء من خلال الضريبة، و خاصةً إذا كان بإمكانهم المساعدة في حل المشكلة ببعض أجهزتهم الخاصة.

ولا ينبغي أن نفرك أيدينا ارتباكاً من هذه المشكلة الملحة؛ لأنَّ حلَّ الفجوة الرقمية لدينا، وهو في متناول أيدينا حرفياً.

اضغط هنا لقراءة المقال الأصلي
هذا المقال لا يعكس موقف أو رأي "الشرق للأخبار"وهو منشور نقلا عن Bloomberg Mediaولا يعكس بالضرورة آراء مجلس تحرير Bloomberg أو ملاكها
تصنيفات

قصص قد تهمك