انقضت الأيام التي كانت فيها بتكوين خياراً حقيقياً وحيداً أمام المستثمرين، الذين يتطلعون إلى اقتحام عالم العملات المشفّرة. وارتفعت الإيثر، ثاني أكبر عملة، إلى مستوى قياسي في ظل استمرار الاهتمام بما يسمى بالعملات البديلة المرتفعة، حيث بلغت قيمة المتداول من عملة "دوغكوين" التي بدأت على شكل مزحة، ما يقرب من 90 مليار دولار حالياً.
وإجمالاً، تتّبع "كوين غيكو" (CoinGecko) أكثر من 7000 قطعة نقدية حالياً، تحمل مجموعة أسماء محيّرة؛ مثل "بانكيك سواب" (PancakeSwap)، الذي يستهوي البعض.
ويبدو منطقياً أن يبدأ معظم الناس ببتكوين والإيثر، فكلاهما يبدو استثماراً جيداً نسبياً حتى هذا الوقت من عام 2021، إذ تضاعفت البتكوين تقريباً، بينما تضاعفت الإيثر بأكثر من أربعة أضعاف مقارنة بمكاسب نسبتها 11% لمؤشر "إس آند بي" 500.
ولكن ما الذي تحتاج إلى معرفته قبل أن تقرر أين تضع أموالك؟
إيثر
هو الرمز المميز المستخدم في "إيثيريوم"، بتنقية البلوكتشين الأكثر استخداماً في العالم والتكنولوجيا المستخدمة للتحقق من المعاملات وتسجيلها.
وتقوم شركات من أمثال "مايكروسوفت" باستخدام "إيثيريوم" لعرض البلوكتشين الخاص بها، وتعزيز النمو الهائل في الرموز غير القابلة للاستبدال، وهو الهوس الأحدث في الفن الرقمي.
وقال بات لافيتشيا، الرئيس التنفيذي لشركة "أوازيس برو ماركتس"، المنصة المتخصصة في تداول الأوراق المالية الرقمية الأمريكية، إن "الإيثر عبارة عن منصة لتقنية البلوكتشين تعمل مثل متجر "أبل" أو متجر تطبيقات "أندرويد". بتكوين سلعة أيضاً مثل الذهب أو مخزن للقيمة".
وعلى عكس بتكوين التي يتم فيها دمج العديد من المزايا الأساسية، مثل غطاء المعروض ضمن تصميمها، فإن منصة "إثيريوم" تتطور، حيث تخضع حالياً إلى عدة ترقيات من شأنها تحسين الشبكة، حتى وإن أدى تغيير ما إلى تقليل العرض. ويمكن أن يؤدي هذا إلى تعزيز السعر من خلال جاذبيته الكبيرة ووضع المزيد من القيود على عدد عملة الإيثر المتاحة في نفس الوقت.
وقال فيل بونيلو، مدير الأبحاث في"غرايسكيل إنفيستمتس" (Grayscale Investments)، التي تشرف على الصناديق الائتمانية التي تخدم وسائل العملتين المشفّرتين: "غالباً ما ينظر المستثمرون إلى "إثيريوم" باعتباره استثماراً نامياً، ويراهنون على التطوير المستمر للنظام البيئي اللامركزي المبني على الإثيريوم. إنهم أحياناً يعتبرون الإيثر مؤشراً للانكشاف على جميع التطورات التي تحدث بالنظام".
بتكوين
ورغم أن بتكوين فقدت جزءاً من هيمنتها هذا العام، إلا أنها لا تزال أكبر عملة منفردة حتى الآن. وتمثل بتكوين حالياً حوالي 46% من إجمالي القيمة السوقية للعملات المشفّرة، بانخفاض من 70% تقريباً في بداية العام، وفقاً لمتتّبع "كوين غيكو"، كما تبلغ قيمتها السوقية أكثر من 1 تريليون دولار مقارنة بـ 380 مليار دولار لإيثريوم.
ولا تزال عملة بتكوين خيار المزيد من الشركات الكبرى، فشركتا "تسلا" و"ميكرو استراتيجي" تشتريان أكبر عملة مشفّرة ولا تشتري إيثر، وفقاً لما قاله المليارديران، بول تودور جونز، و راي داليو، في حديثهما حول العملات المشفّرة، عملة بتكوين تحديداً.
وينعكس ذلك في التقلّبات أيضاً، مثلما أظهرت نتائج دراسات الخبراء الاستراتيجيين في "كورنرستون ماكرو" حول أداء عملات بتكوين وإيثر في حالة الانكماش الاقتصادي. ومع انخفاض نسبته 20% تقريباً في مؤشر "بلومبرغ غالاكسي"، تتعرض إيثر لمخاطر سلبية أكبر من نظيرته بيتكوين، بحسب قول الخبير الاستراتيجي بنسون دورهام.
وقال دورهام: "مع ارتفاع بنفس النسبة حتى 20%، أنت حقاً لا تحصل على نفس الاتجاه الصعودي المصاحب لإيثر مقابل بتكوين. تحمل الفارق، وإذا أردت فلتفضل بتكوين".
الجمع بين العملتين
وبالحديث عن التقلبات، يجب على أي متعامل مع العملات المشفّرة أن يكون مرتاحاَ لتقلبات الأسعار التي يمكن أن تكون كبيرة، حتى في الحالات الأكثر رسوخاً. هناك أيضاً مشكلات دورية مع اختراق البورصات أو تعرضها للاختراق.
ويمكن أن تتعرض العملات المشفّرة لمجموعة من اللوائح أو احتمال حدوثها. كما يمكن أن تنخفض الأسعار، ولهذا يحذر بعض مراقبي السوق من احتمال حدوث فقاعة في السوق.
ويقول معظم المستشارين الماليين الرئيسيين، إنهم يرفضون أن يضع عميل أكثر من 5% من محفظته الاستثمارية الإجمالية في العملات المشفّرة، ويحذرونهم من أنهم يجب أن يكونوا على استعداد لخسارة النسبة كلها.
ومع ذلك، يُنصح الراغبون في دخول فضاء التشفير بشراء كلا العملتين كجزء من الاستراتيجية القديمة التي تؤمن بضرورة التنويع والتحوّط.
وكتب محللو "كورنيرستون" في تقرير حديث: "نظراً لتواجد التنوّع بين العملات الرقمية نفسها، علينا أن نفكر في سلة عملات مشفّرة، بدلاً من بتكوين بمفردها، وأن نفكر في ذلك أيضاً عند تقييم ما إذا كان تخصيص بعض الأصول المشفّرة قد يقّلل من تقلب المحفظة إلى جانب الأصول التقليدية".