حذرت المملكة المتحدة من أن صفقة اندماج "فودافون غروب" وشركة "ثري" (Three) البالغة قيمتها 15 مليار جنيه إسترليني (19.7 مليار دولار) يمكن أن تقوّض الاستثمار وتؤدي إلى زيادات محتملة في الأسعار، لكنها لم تغلق الباب أمام إتمامها.
ذكرت هيئة المنافسة والأسواق البريطانية (CMA) يوم الجمعة بأنها كشفت مشكلات في الصفقة، خاصة فيما يتعلق بارتفاع الأسعار وتقليص مستوى الخدمة للعملاء. ومع ذلك، رأت أن الاندماج قد يسهم في تحسين جودة شبكات الهاتف المحمول.
الصفقة مع شركة "سي كيه هوتشيسون هولدينغز" (CK Hutchison Holdings) المملوكة لعائلة "لي"، المليارديرة من هونغ كونغ، تشمل اندماج أصغر شركتين من بين أربع شركات تشغيل شبكات الهواتف المحمولة في المملكة المتحدة، لتشكيل أكبر شركة من حيث الإيرادات في سوق تشهد منافسة شرسة.
قالت كارين إيغان من شركة "إندرز أناليسيس" (Enders Analysis) إن تقرير هيئة المنافسة كان يشير بشكل أساسي إلى منح الضوء الأخضر للاندماج. أشارت إلى أن الأضرار المحتملة على التسعير "طفيفة"، وأن الحلول المقترحة يمكن للشركتين تنفيذها بسهولة.
الهيئة البريطانية تطلب حلولاً
طلبت الهيئة الآن من "فودافون" تقديم حلول لتبديد هذه المخاوف قبل أن تتخذ قرارها النهائي في 7 ديسمبر. في هذه الأثناء، لم تشهد أسهم "فودافون" تغيراً كبيراً بحلول الساعة 8:15 صباحاً في لندن.
على الرغم من أن الهيئة قالت إن الصفقة ربما تحسّن جودة الشبكات المحمولة وتسرّع نشر شبكات الجيل الخامس، إلا أنها أبدت تخوفها من أن الشركتين قد لا تكونان لديهما الدافع الكافي لتنفيذ الاستثمارات التي وعدتا بها بعد الاندماج.
اقترحت الهيئة في النتائج التي خلصت إليها عدداً من الحلول لمعالجة المخاوف، مثل التزام الشركتين بأهدافهما الاستثمارية وعدم رفع الأسعار على العملاء. كما اقترحت اعتماد تسعير جملة موحد لضمان حصول مشغلي الشبكات الافتراضية على أسعار عادلة.
أشارت الهيئة إلى أن إطلاق مشغل رابع للهواتف المحمولة "قد لا يكون فعالاً" في معالجة مخاوف المنافسة.
كانت "ثري" قد فشلت محاولة استحواذها على شركة "أو2" (O2) في عام 2016 بسبب رفض الهيئة التنظيمية المعنية في الاتحاد الأوروبي للصفقة قبل خروج بريطانيا من الاتحاد. وكان أحد الأسباب الرئيسية للرفض هو أن الصفقة تقلص عدد مشغلي الشبكات المحمولة في المملكة المتحدة من أربعة إلى ثلاثة، وهو السيناريو نفسه الذي تطرحه صفقة "فودافون" و"ثري".
ذكرت "فودافون" و"ثري" في بيان مشترك أنهما "تعترضان على عدد من العناصر" الواردة في نتائج الهيئة، مؤكدتين أن الاندماج "سيعالج الخلل في سوق شبكات الهواتف المحمولة بالمملكة المتحدة، ويحفز المزيد من المنافسة والاستثمار".
تواجه شركات الاتصالات في أوروبا صعوبات في تحقيق عوائد على استثماراتها، وتحتاج إلى منح الضوء الأخضر لها بالاندماج، وفقاً لتقرير هذا الأسبوع من رئيس البنك المركزي الأوروبي السابق ماريو دراغي، الذي قدم توصيات للحفاظ على تنافسية الاتحاد الأوروبي.
مشكلات شبكات الجيل الخامس
على الرغم من أن مشغلي الاتصالات في المملكة المتحدة لن يستفيدوا من تغيير في نظام المنافسة داخل الاتحاد الأوروبي بعد خروج بريطانيا، إلا أن لديهم المخاوف نفسها التي تواجه نظراءهم في أوروبا. فالانتشار الواسع لشبكات الجيل الخامس لم يعد بالنفع على العديد من الشركات، مما أدى إلى تباطؤ في توسيع التكنولوجيا، بحسب شركات مثل "فودافون".
في بيان منفصل يوم الجمعة، أشارت "فودافون" إلى أن المملكة المتحدة تحتل المرتبة 22 من أصل 25 دولة أوروبية من حيث توفر خدمات الجيل الخامس، كما أنها تسجل أبطأ سرعات بيانات بين دول مجموعة السبع، مستشهدة بتقرير من "أوبن سيغنال" (Opensignal). ومع ذلك، أكدت هيئة المنافسة أنها تعتقد أن وعود "فودافون" و"ثري" بشأن تحسين تغطية الشبكات كانت مبالغاً فيها.
أشار باولو بيسكاتوري من شركة "بي بي فورسايت" (PP Foresight) إلى أن مخاوف الهيئة كانت تركز في الأساس على الزيادات المحتملة في الأسعار للمستهلكين، وهو أمر متوقع.
أضاف: "حتى لو صدقت التوقعات المتعلقة بزيادة الأسعار، والتي تناقشها الشركتان، فإن الزيادة ستكون بضعة بنسات شهرياً، وهي لا تفوق بأي حال من الأحوال الفوائد المحتملة لبناء الشبكة التي تحتاجها البلاد".