لماذا لا نسمح للطائرات الأسرع من الصوت بالتحليق مجدداً؟

الطائرات النفاثة الأسرع من الصوت تحتاج لفرصة جديدة من أجل إحداث نقلة في مجال السفر الجوي - المصدر: بلومبرغ
الطائرات النفاثة الأسرع من الصوت تحتاج لفرصة جديدة من أجل إحداث نقلة في مجال السفر الجوي - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

- مقال رأي

تحسّنت الكثير من أوجه الحياة الحديثة منذ السبعينيات وحتى يومنا هذا؛ إلا أن ذلك لا يشمل السفر الجوي: فالنقل من نيويورك إلى لندن يستغرق اليوم تقريباً، وهو نفس الوقت الذي كان يستغرقه في أيام الديسكو. فهل يمكن أن يكون هذا على وشك التغيير؟

بعد ما يقرب من 20 عاماً من الهبوط النهائي لطائرة "كونكورد"، أصبحت الرحلة الأسرع من الصوت احتمالاً محيراً مرة أخرى؛ حيث تُصنّع الآن مجموعة قليلة من الشركات المغامرة طائرات من الجيل التالي يمكنها تجاوز سرعة الصوت وتقليل أوقات الرحلات بشكل كبير.

وفي هذا الصدد، طلبت شركة "نتجيتس" (NetJets) التي يملكها "وارن بافيت" مؤخراً 20 طائرة من شركة "إيريون" (Aerion) الناشئة، مقابل مبلغ 120 مليون دولار للطائرة الواحدة. وترى شركة "يو بي إس" (UBS) أن إجمالي سوق الطائرات الأسرع من الصوت يمكن أن يصل إلى 340 مليار دولار بحلول عام 2040.

الطائرة الأفضل

وتختلف هذه الطائرات عن سابقاتها من نواحٍ رئيسية؛ وأهمها أن التحسينات في تصميم الطائرات، وعلوم المواد، وأنظمة المحرك تضمن أنها ستكون أخف وزناً، وأكثر هدوءً وكفاءة، وأقل تلويثاً؛ حيث تساعد الهندسة الذكية التي يبتكرونها في تقليل أو إزالة تأثير "دوي الاختراق الصوتي"؛ وفي الواقع، فإن الاستثمار الخاص الغزير يعني أنهم يجب أن يكونوا متحررين من تدخل الحكومة الذي أربك طائرة "كونكورد"؛ وليس من قبيل الصدفة أنها تبدو رائعة.

وفي حال بدأ العمل، فقد تكون الفوائد عميقة؛ حيث يمكن للطائرات الأسرع من الصوت أن تربط المدن الكبرى بشكل لم يحدث من قبل، وأن تُوسّع بشكل كبير شبكات الأعمال العالمية، وتُعزز القدرة التنافسية الأمريكية، وتُنشط الصناعة التي ظلت راكدة لعقود.

ومن المحتمل أن تلبي احتياجات العملاء من الشركات في البداية، إلا أن الفوائد يجب أن تنتشر في النهاية مع ترسيخ ضغوط المنافسة والابتكار - تماماً كما فعلت مع السيارات، والهواتف المحمولة، وتقنيات أخرى لا تعد ولا تحصى أصبحت الآن من المسلمات. وفي المستقبل، لن يكون السفر فائق السرعة مستبعداً بالنسبة للجماهير.

عوائق أمام الطائرة

لكن، ولسوء الحظ، فهناك عوائق تقف أمام الحلم الأسرع من الصوت.

وأحد هذه العوائق هو القلق بشأن الضوضاء؛ حيث أدى ذلك إلى قيام إدارة الطيران الفيدرالية بحظر الطيران الأسرع من الصوت فوق اليابسة في الولايات المتحدة في عام 1973، وما يزال الحظر سارياً؛ وهو يجعل الحالة الاقتصادية للطائرات الأسرع من الصوت أضعف بكثير: حيث يحد من حجم السوق، ويمنع الشركات من الانخراط في التجربة والخطأ للعثور على أكثر الطرق ربحية، ويُلغي الغالبية العظمى من رحلات العمل المحتملة.

وفي الواقع، يتعيّن على إدارة الطيران الفيدرالية أن تستبدل الحظر بمعيار ضوضاء مستهدف، والذي يمكن أن يكون عتبة 90 ديسيبل، على سبيل المثال - أو ما يقرب من نفس مستوى ضوضاء أجهزة تهذيب الحشائش أو الدراجات النارية – حيث من شأن هذا المعيار حماية أولئك الذين يعيشون تحت مسارات الطيران مع السماح للطائرات الأسرع من الصوت بالازدهار.

القضية الثانية هي تلوث الغلاف الجوي؛ فهناك العديد من المخاوف التي أثيرت بشأن السفر الأسرع من الصوت - مثل المخاطر على طبقة الأوزون – والتي تشكل تهديداً أقل مما كان يُعتقد سابقاً.

ويمكن التخفيف من الآثار الأخرى، بما في ذلك زيادة انبعاثات الكربون، عن طريق التكنولوجيا. فعلى سبيل المثال، تخطط شركة "بوم تكنولوجي" (Boom Technology Inc) لتزويد طائراتها النفاثة الأسرع من الصوت بالوقود باستخدام التقاط الكربون في الهواء مباشرة، مما يجعل الرحلات الجوية محايدة كربونياً.

وتعمل شركات أخرى على محركات ذات دورات متغيرة يمكن أن تعزز كفاءة الوقود بشكل كبير. ومع ذلك، فإن دعاة حماية البيئة يدقون ناقوس الخطر بشأن الطائرات الأسرع من الصوت - ويمكنهم بالفعل إبقاؤها على الأرض، تماماً كما فعل مشروع مكافحة طائرة "كونكورد" ذات مرة.

وعلى الرغم من أن إدارة الطيران الفيدرالية تعيد التفكير بوضوح في الأمور – حيث خففت في يناير قواعد الرحلات التجريبية الأسرع من الصوت - إلا أنها بحاجة إلى التحرك بشكل أسرع لضمان أن تأخذ الشركات الأمريكية زمام المبادرة في هذا المجال الجديد الواعد.

وبالإضافة إلى استبدال الحظر المضلل على الرحلات الجوية الأسرع من الصوت فوق الأرض، يجب أن تعالج الاعتراضات البيئية من خلال جمع ونشر بيانات التأثير من الرحلات التجريبية للطائرات، والتأكد من امتثال جميع الشركات الأسرع من الصوت للقواعد الدولية لتعويض انبعاثات الكربون.

وبالطبع، لا ينبغي تجاهل المخاوف بشأن مثل هذه التكنولوجيا القوية؛ ولكن مع وجود القواعد الصحيحة، فإن عصر السفر الأسرع من الصوت لا يدعو للقلق؛ بل يجب الترحيب به بأذرع مفتوحة - وأجواء مفتوحة.

اضغط هنا لقراءة المقال الأصلي
هذا المقال لا يعكس موقف أو رأي "الشرق للأخبار"وهو منشور نقلا عن Bloomberg Mediaولا يعكس بالضرورة آراء مجلس تحرير Bloomberg أو ملاكها
تصنيفات