تفاعل نماذج الذكاء الاصطناعي بشكل أكثر مع المستهلكين قد يهدد الصحة النفسية للمستهلكين

جاذبية "تشات جي بي تي" قد لا تصب في مصلحة البشر

سام ألتمان، الرئيس التنفيذي لشركة "أوبن إيه آي"  - المصدر: بلومبرغ
سام ألتمان، الرئيس التنفيذي لشركة "أوبن إيه آي" - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

- مقال رأي

"هي".. هذه كانت التغريدة الوحيدة التي نشرها سام ألتمان، الرئيس التنفيذي لشركة "أوبن إيه آي" (OpenAI)، بينما كان مساعدوه يعرضون نموذج "تشات جي بي تي" جديد بنفس اللمسات الصوتية الساحرة التي استخدمتها سكارليت جوهانسون في فيلم يدور حول رجل يقع في حب برنامج الذكاء الاصطناعي الخاص به.

الشيء الأكثر إثارة للإعجاب في النموذج الجديد "جي بي تي-4 أو" (GPT-4o) (الحرف "o" يرمز إلى كل شئ) هو إمكانية مناقشة ما "يراه" عبر كاميرا هاتفك في الوقت الفعلي، وهي مهارة زيفتها "غوغل" في عرض تقديمي لنموذجها للذكاء الاصطناعي في ديسمبر . والأكثر إثارة للدهشة أن الأمر لم يبدُ بشرياً فحسب، بل جذاباً بشكل غريب.

استخدمت النسخة الجديدة من "تشات جي بي تي" صوت امرأة خجولة وقالت لشاب في العرض التقديمي الرئيسي للشركة: "مرحباً.. أرى أنك ترتدي سترة ذات قلنسوة عليها كلمة (أوبن إيه آي)، اختيار موفق".

في عرض تقديمي حي في المقر الرئيسي لـ"أوبن إيه آي" في سان فرانسيسكو، فاجأ نظام الذكاء الاصطناعي الجمهور عندما قال لشخص كان يساعده في حل مسألة حسابية "واو، الملابس التي ترتديها رائعة". ووصفت "بلومبرغ نيوز"، التي تواجدت في هذا الحدث، بأن نبرتها "غزلية".

في فيديو تقديمي آخر، ضحك الذكاء الاصطناعي، مجدداً بصوت أنثوي، عندما تظاهر أحد موظفي "أوبن إيه آي" بطلبه نصيحة بشأن ما يجب ارتداؤه لمقابلة عمل. فقال مقهقهاً بعد أن ارتدى قبعة غريبة "أوه، روكي!.. هذه قطعة مميزة حقاً!".

طريق طويل لبناء نموذج أكثر دقة

يبدو أن مهندسي "أوبن إيه آي" الذكور، على مسار صحيح إذا كانوا يحاولون إيجاد الصديقة المثالية. وإذا كانت الشركة تحاول بناء نموذج ذكاء اصطناعي أكثر دقة وموثوقية، فلا يزال أمامها طريق طويل، خاصة أن نموذج "GPT-4o" متقدماً قليلاً فقط في المعايير الرئيسية للذكاء الاصطناعي، كما تُظهر الاختبارات الأولية أنه لا يزال يرتكب أخطاء في المهام الرئيسية.

ركزت الشركة بدلاً من ذلك على المضي قدماً في تجربة المستخدم، مما يجعل "جي بي تي-4 أو" أكثر توجهاً نحو المستهلكين مقارنة بالعملاء من المؤسسات. ويمكن لنموذجها الجديد استنتاج المشاعر والرد على الصوت بنفس سرعة الإنسان أثناء المحادثة. وهذا قد يحقق هدفاً طويل الأمد في تكنولوجيا "الحوسبة المحيطة"، التي تتجنب الاضطرار إلى التحديق في شاشة صغيرة والكتابة بإصبع الإبهام لمجرد التحدث وعرض الأشياء للحاسوب.

يقدم هذا النموذج كثيراً من الإمكانات، مثل الدروس الخصوصية ووجود مساعد رقمي ذكي يحلل شاشة حاسوبك أثناء العمل. لكن جهود "أوبن إيه آي" لتعزيز جاذبية نموذجها للذكاء الاصطناعي مثيرة للقلق.

عواقب اللجوء للذكاء الاصطناعي

ما هي العواقب الاجتماعية والنفسية للتحدث بانتظام إلى صوت اصطناعي لطيف ومرح ومقبول على هاتفك، ومن ثم إجراء مواجهة ديناميكية مختلفة تماماً مع الرجال والنساء في الحياة الواقعية؟ ماذا يحدث عندما تطور الفئات العاطفية المستضعفة رابطاً غير صحي مع "جي بي تي-4 أو"؟.

لم ترد "أوبن إيه آي" على هذه الأسئلة وقت كتابة هذا المقال، ولم توضح سبب منحها "جي بي تي4 أو" طابعاً شخصياً أكثر. فإذا كان هدفها هو جعل منتجها أكثر تفاعلاً مع المستهلكين، كما حاولت بالفعل مع المطورين، فإن ذلك قد يفتح الباب لمشاكل كثيرة، ويهدد بتأثيرات خبيثة على صحتنا النفسية الجماعية.

تذكر أن هذه الأولويات هي التي دفعت "فيسبوك" إلى تصميم خوارزميات تروج لأكثر المنشورات المثيرة للجدل على موقعها الإلكتروني ليواصل الأشخاص التصفح، وبالتالي التسبب في قدر أكبر من الانقسام السياسي.

مع ذلك، يمكنك أن ترى سبب سعي ألتمان لجعل روبوت الدردشة الخاص به أكثر جاذبية. فقد كان نمو مستخدمي "تشات جي بي تي" راكداً، وسط منافسته على حصة سوقية مع أمثال "كلود" التابع لشركة "أنثروبيك" (Anthropic) و"جيمني" التابع لـ"غوغل". وهذا على الأرجح أيضاً هو سبب جعل "جي بي تي-4"، وهو نموذج "أوبن إيه آي" الأكثر تقدماً في السوق، مجانياً للجميع.

مساعد شخصي

لم تصف "أوبن إيه آي" نموذج "جي بي تي-4 أو" بأنه "مساعد شخصي"، لكن يبدو أن هذا هو ما تسعى إليه الشركة ومنافسوها الآن. ويُتوقع أن تعلن "غوغل" عن أداة مماثلة يوم الثلاثاء.

تعتزم شركة الذكاء الاصطناعي "إكس دوت إيه آي" (X.AI) التابعة لإيلون ماسك، العمل أيضاً على تطبيق يلعب دور مساعد شخصي، طبقاً للعرض التقديمي التمويلي الصادر في أبريل 2024 والذي اطلعت عليه وحدة "بلومبرغ أوبنيون".

يهدف التطبيق، الذي يبلغ اشتراكه 20 دولاراً شهرياً مع وجود إصدار مجاني منه، إلى عرض موجز مقترح بواسطة الذكاء الاصطناعي لمقالات إخبارية وتذكيرات مثل شراء الزهور من متجر قريب لعيد ميلاد صديق، أو شراء تذاكر حفل لفريقك الموسيقي المفضل الذي يقوم بجولة موسيقية، وفقاً لأحد الشرائح التقديمية. ويضيف العرض التقديمي إمكانية خوض "تجربة اجتماعية خارقة للعادة" عبر دمج التطبيق مع البيانات الشخصية على منصة "إكس". وغرد ماسك يوم الثلاثاء قائلاً إن تطويراً كبيراً لتطبيق "غروك" (Grok) في الطريق.

وتستكشف "ميتا" أيضاً سماعات أذن مزودة بكاميرات مدعومة بالذكاء الاصطناعي، كما تتضمن نظاراتها الذكية "راي بان" (Ray-ban) مساعداً يعمل بالذكاء الاصطناعي بالفعل.

في ظل التقدم نحو المساعدات الرقمية، ربما يرى عمالقة التكنولوجيا أن الشخصية ساحة المعركة القادمة في مجال الذكاء الاصطناعي. لكن السباق لجعل روبوتات الدردشة أكثر إثارة قد يكون له آثار جانبية غريبة. وربما كانت الإشارة إلى فيلم "هي" تشبيهاً مناسباً بالنسبة لسام ألتمان، رغم أن الفيلم لا ينتهي بشكل جيد بالنسبة للبشر.

اضغط هنا لقراءة المقال الأصلي
هذا المقال لا يعكس موقف أو رأي "الشرق للأخبار"وهو منشور نقلا عن Bloomberg Mediaولا يعكس بالضرورة آراء مجلس تحرير Bloomberg أو ملاكها
تصنيفات

قصص قد تهمك

فى هذا المقال

الآراء الأكثر قراءة