المشرعون قلقون من مشاركة بيانات الأميركيين مع الحكومة الصينية.. و"بايت دانس" تخطط للطعن قضائياً على قرار الكونغرس

ما تداعيات حظر "تيك توك" المتوقع في الولايات المتحدة؟

شعار تطبيق "تيك توك" على شاشة هاتف ذكية - المصدر: بلومبرغ
شعار تطبيق "تيك توك" على شاشة هاتف ذكية - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

يتجه مستقبل "تيك توك" في الولايات المتحدة نحو مصير حاسم، حيث أصدر مجلس النواب الأميركي تشريعاً في 20 أبريل من شأنه أن يجبر "بايت دانس"، وهي الشركة الصينية الأم لمنصة التواصل الاجتماعي "تيك توك"، على بيع أصولها في الولايات المتحدة، وإلا ستواجه الحظر. تلا ذلك تصويت مجلس الشيوخ على مشروع القانون مساء الثلاثاء 23 أبريل، ليوقعه بعد ذلك الرئيس جو بايدن بحيث أصبح تشريعاً.

مع تحول الإجراء المتخذ من الحزبين إلى قانون، ستُمنح "بايت دانس" مهلة تصل إلى عام لبيع حصصها قبل فرض الحظر. وأدرج رئيس مجلس النواب مايك جونسون التشريع الخاص بأصول "تيك توك" ضمن الجلسات التي تناولت إقرار حزمة مساعدات سريعة دعماً لأوكرانيا وإسرائيل، وأقر المجلس التشريع بأغلبية ساحقة في مشروع قانون مستقل.

تهديد "تيك توك" لأمن الولايات المتحدة

أعلنت "تيك توك" أنها تخطط لرفع دعوى قضائية للطعن على هذا الإجراء. في هذا الإطار، قال مايكل بيكرمان، رئيس السياسة العامة للأميركتين في "تيك توك"، في مذكرة إلى موظفي الشركة في الولايات المتحدة: "هذا اتفاق غير مسبوق تم التوصل إليه بين رئيس مجلس النواب الجمهوري والرئيس بايدن"، مُضيفاً: "خلال المرحلة التي يُوقّع فيها على مشروع القانون، سنتوجّه إلى المحاكم لتقديم طعن قانوني".

يتمثل قلق المشرعين في أن "تيك توك" يشكل تهديداً أمنياً للمستخدمين الأميركيين لأن الصين تطلب من شركاتها مشاركة أي بيانات متعلقة بالأمن القومي مع الحكومة عند الحاجة،

وهناك مخاوف من أن تسيء الحكومة الصينية استخدام بيانات مستخدمي "تيك توك"، على سبيل المثال من خلال تطوير ملفات تعريف لهم وتعريضهم للابتزاز، وأن ذلك قد يؤثر على المحتوى الذي يشاهده المستخدمون الأميركيون على التطبيق.

لكن "تيك توك" نفت بشدة هذه المخاوف، وأنفقت أكثر من ملياري دولار في مشروع تقول إنه يطوق بيانات المستخدمين الأميركيين. إذاً، ماذا يمكن أن يحدث بعد ذلك؟ ومن سيستفيد من عملية تصفية "تيك توك" المحتملة؟

فيما يلي بعض أكبر الأسئلة حول مستقبل تطبيق الفيديو الشهير في حالة تحول مشروع القانون الأميركي إلى قانون:

هل ستبيع "بايت دانس" بالفعل "تيك توك"؟

سيواجه الطلب على بيع "بايت دانس" لأصولها القيّمة (والمتنامية) مقاومة هائلة، حيث ترفض "بايت دانس" بيع "تيك توك"، وستفعل كل ما في وسعها لتجنب مثل هذا السيناريو، بما في ذلك التقاضي أمام المحاكم الأميركية. كما يتطلب الأمر أيضاً موافقة الحكومة الصينية على أي خطة لتصفية الاستثمارات، وأعلنت أنها ستعارض البيع القسري.

يُتوقع أن يتم استرضاء المشرعين الأميركيين بإجراء أقل من البيع بالكامل. ويُحتمل أن تصبح "تيك توك" كياناً مستقلاً بذاته في مقره الرئيسي بالولايات المتحدة، مع بقاء "بايت دانس" مستثمراً فيها.

ما يزيد الأمور تعقيداً هو معارضة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، المرشح الجمهوري المفترض للرئاسة، عملية البيع، متراجعاً بذلك عن الموقف الذي اتخذه عندما كان في منصبه. ويمكن أن تلعب معارضة ترمب عاملاً مؤثراً في حال فوزه في الانتخابات قبل الانتهاء من عملية بيع الأصول.

من سيشتري "تيك توك"؟

أي جهة تشتري الشركة ستحتاج إلى مبلغ هائل من المال. وتُقدر قيمة "بايت دانس"، ذات الملكية الخاصة، بحوالي 268 مليار دولار، وعلى الرغم من أن أعمال "تيك توك" في الولايات المتحدة ستكون بالتأكيد أصغر بكثير، إلا أن قيمتها ربما تتراوح بين 40 و50 مليار دولار. بالمقارنة، دفع إيلون ماسك 44 مليار دولار مقابل الاستحواذ على "إكس"، وهي منصة التواصل الاجتماعي المعروفة سابقاً باسم "تويتر"، في عام 2022.

هذا السعر المرتفع يستبعد مشاركة معظم المشترين المحتملين بشكل مباشر. وقد تبدو كل من شركتي "ميتا بلاتفورمز" (Meta Platforms) و"ألفابت" (Alphabet) كمرشحتين منطقيتين لهذا الاستحواذ، لكنهما متوجستين من مخاوف تنظيمية بشأن الاحتكار، ما قد يستبعدهما بشكل أساسي عن عملية الشراء.

وغالباً ما يُنظر إلى شركة "أوراكل " (Oracle) “على أنها المشتري النهائي المحتمل لأن شركة البرمجيات هي الشريك الحالي لحماية بيانات "تيك توك" في الولايات المتحدة. فهي لديها بيانات المستخدم الأميركي للتطبيق، وقد درست عرضاً لشرائه في عام 2020، عندما حاول ترمب آنذاك فرض عملية بيع. ومع ذلك، فإن ديون" أوراكل" التي تتجاوز 87 مليار دولار، بما في ذلك بسبب عملية استحواذ كبيرة أخرى في عام 2022، قد تُعيق قدرة الشركة على تحمل تكاليف شراء "تيك توك" بمفردها.

وكانت "مايكروسوفت"(Microsoft) واحدة من الشركات الرئيسية الأخرى المرشحة لشراء "تيك توك" في الولايات المتحدة في عام 2020، لكن هذه الصفقة انهارت في النهاية. وقال وزير الخزانة السابق ستيفن منوشين خلال مقابلة مع "سي إن بي سي"، دون الإدلاء بمزيد من التفاصيل، إنه يحشد مجموعة من المستثمرين للاستحواذ على عمليات "تيك توك" في الولايات المتحدة، واصفاً إياها بأنها "شركة رائعة".

في حالة الحظر، هل يمكن لـ"تيك توك" الاستمرار دون التواجد بالسوق الأميركية؟

نعم، هذا ممكن، إذ تفتخر "تيك توك" على موقعها على الإنترنت بأنها التطبيق الأول الذي تم تحميله في أكثر من 40 دولة مختلفة. على الرغم من أن الولايات المتحدة تشكل جمهوراً كبيراً للتطبيق-أكثر من 170 مليون مستخدم شهرياً- إلا أن هذا العدد لا يزال جزءاً محدوداً من إجمالي مستخدمي "تيك توك" الذين يتجاوز عددهم مليار مستخدم. وتدير "بايت دانس" بالفعل نسخة "تيك توك" الصينية التي تسمى "دويين" (Douyin)، مع مئات الملايين من المتابعين.

ومع ذلك، فقد أدركت المنصات الأخرى أن الولايات المتحدة هي السوق الأكثر قيمة لشبكات التواصل الاجتماعي بسبب انتشار كبار شركات الإعلان المستعدة للدفع للوصول إلى الجماهير الأميركية. وقد تتسبب مغادرة الولايات المتحدة لصالح منافس من بقية الأسواق العالمية في تعريض "تيك توك" للخطر، حيث سيكون هناك قلق حقيقي من أن تجذب تأثيرات الشبكة في الولايات المتحدة الناس بعيداً عن "تيك توك"، إلى بدائل أخرى تركز على الولايات المتحدة.

من المحتمل أيضاً أن يقضي الحظر على طموح "تيك توك" الكبير لتوسيع النسخة الأميركية من "تيك توك شوب" TikTok Shop ، التي تجمع بين الترفيه عبر الإنترنت وعمليات الشراء الاندفاعي. وتتوقع الشركة أن تنمو أعمالها عشرة مرات أكثر في عام 2024.

من سيستفيد من تصفية "تيك توك"؟

الجواب الأكثر وضوحاً هنا هو "ميتا"، التي تمتلك "انستغرام"، وهو تطبيق يحظى بالفعل بشعبية واسعة ومذهلة، ويتميز بخاصية "ريلز" (مقاطع الفيديو القصيرة) المنافسة لـ"تيك توك". و إذا تم بيع "تيك توك" إلى شركة أخرى وأُسيء التعامل معه، أو تم حظره لأي فترة زمنية طويلة أثناء العمل على الخواص اللوجستية للتصفية، فستكون خاصية "ريلز" البديل الأكثر بروزاً للمستخدمين الأميركيين.

قال ترمب إنه يعارض حالياً فرض بيع "تيك توك" لأنه سيفيد "ميتا"، التي علقت حساباته من منصاتها لمدة عامين في يناير 2021 بعد أن شهد عدداً من منشوراته تحريضاً لأنصاره على القيام بأعمال شغب عنيفة في مبنى الكابيتول هول الأميركي.

ومن الممكن أن تستفيد بعض الخدمات الأخرى التي تركز على مشاركة مقاطع الفيديو كذلك، بما في ذلك "يوتيوب" (YouTube)، المملوكة لشركة "ألفابت" من هذا الإجراء. بالإضافة إلى زيادة عدد المستخدمين، كما يُحتمل أن تجذب "ميتا" و"يوتيوب" عائدات الإعلانات من "تيك توك" إذا عُلّق تشغيل التطبيق. وقفزت قيمة كل من أسهم "ميتا" و"ألفابت" بشكل ملحوظ بعد أن أقر مجلس النواب مشروع قانون التصفية. كما يمكن أن تشهد "إكس" ارتفاعاً في عدد المستخدمين والإعلانات إذا اختفى تطبيق "تيك توك"، أو واجه مشكلات في استمرار تشغيله.

ما الأبعاد السياسية لقضية "تيك توك"؟

قد يصبح الجدل الأميركي حول مستقبل "تيك توك" أكثر فوضى مع اقتراب الانتخابات العامة. وأدى تقلب رأي ترمب بشأن الإجراءات التي يجب اتخاذها بشأن "تيك توك" إلى تعقيد الأمور بالنسبة للجمهوريين. فلطالما أيّد الجمهوريون الحظر، ويحتاجون الآن إلى اتخاذ قرار حول ما إذا كانوا سيمضون قدماً على الرغم من تغيير مرشح الرئاسة لرأيه.

ونشر أحد المانحين الجمهوريين الأثرياء، وهو رأسمالي الاستثمارات ذات رأس المال الجريء كيث رابوا، على حسابه على منصة "إكس" أنه "لن يمول أبداً" أي مرشح جمهوري يصوت ضد مشروع القانون.

في الوقت نفسه، قد يضر التصويت لصالح مشروع القانون ببعض السياسيين الذين لديهم ناخبون شباب يحبون التطبيق، وسيشعرون بالاستياء الشديد في حال حظره.

بالطبع، يجب النظر في رد فعل الصين. ومن غير الواضح بعد كيف سترد الحكومة الصينية على البيع القسري للتطبيق، لكن قد تتأثر العلاقات التجارية والدبلوماسية بين الولايات المتحدة والصين.

وعندما ضغطت إدارة ترمب لبيع "تيك توك" قبل سنوات، أشارت وزارة الخارجية الصينية إلى أن سابقة الاستحواذ على شركة تحت ذريعة حماية الأمن القومي قد تؤدي إلى استهداف دول أجنبية للشركات الأميركية، واصفةً ذلك بفتح "صندوق باندورا" (في إشارة إلى المتاعب الكبيرة المترتبة على ذلك).

تصنيفات

قصص قد تهمك