عندما قالت شركة "سامسونغ" العملاقة، إنَّ هناك "اختلالاً خطيراً في العرض والطلب" على الرقائق، لم يكن هناك الكثير من الشكِّ في أننا نتعامل مع نقص حاد في أشباه الموصلات، وكان التحذير من قِبل أكبر صانعة هواتف في العالم - ومنتجي الرقائق الرئيسيين - هو الأعلى صوتاً من بين مجموعة من الشكاوى في الآونة الأخيرة من صنَّاع السيارات، وقطع الغيار، والإلكترونيات وغيرهم من شركات المعالجات الدقيقة.
وتُواصل بيانات بعض أكبر صانعي الرقائق إظهار أنَّ المنتجات بجميع أنواعها تستغرق وقتاً أطول لتخرج من المصانع، وأصبحت أنواع معينة من المعالجات الدقيقة تستغرق 17 أسبوعاً في المتوسط على مدار العام الماضي مقارنة بـ 10 أسابيع، وفق بيانات "باين آند كومباني" (Bain & Company)، و"ليفاداتا" (LevaData) منصة المشتريات والتوريدات.
وقالت "آي إتش إس ماركيت"، إنَّ 75% من جميع أجزاء أشباه الموصلات شهدت قفزة في وقت التسليم، وجاءت أغلب التأخيرات في الأجزاء الأولى من العام، ولا تزال أرقام استغلال القدرة الإنتاجية مرتفعة، مما يعني أنَّ المصانع تعمل بأقصى طاقتها، وهناك مجموعة من الرقائق التي يستغرق إنتاجها 52 أسبوعاً، وإذا احتجت أنواعاً مختلفة من الرقائق لسيارتك، أو هاتفك، أو لوحة شاشتك، فإنَّ المشكلات تتضاعف.
الطلب القوي مستمر
ويُرجَّح أن يظلَّ الطلب قوياً مع استمرار النمو العالمي في الاستهلاك، والتحوُّل نحو تكنولوجيا شبكة الجيل الخامس المتقدِّمة، وجيل السيارات فائق التكنولوجيا، ولكنَّ معروض الرقاقات لم يرتفع بعد، ويواجه صنَّاع مكوِّنات أشباه الموصلات كافةً مثل مكثفات السيراميك متعددة الطبقات، والركائز، ووحدات التحكُّم الدقيق، وطبقات السيليكون، طلبيات لا يستطيعون تلبيتها، وفقاً لتوقُّعات الطلب من قبل الشركات.
وتسبَّبت العوامل المؤثِّرة غير المتكررة التي تضرُّ بمستويات متعددة من سلسلة التوريد العالمية، سواء المتعلِّقة بالجغرافيا السياسية أو المناخ، في تفاقم الخلل الكامن، ولننظر على سبيل المثال إلى شركة "كوالكوم إنك" في سان دييغو، فهي
لا تدير أي مصانع لتصنيع الرقائق الدقيقة بنفسها، بل في الواقع هناك بعض من الرقائق الخاصة بها صنَّعتها "سامسونغ" التي يتصادف أنَّ هواتفها تعتمد على معالجات التطبيقات التي تصمِّمها "كوالكوم".
لكنَّ"كوالكوم" كانت بالفعل تحت ضغط؛ لأنَّ الطلب على مجموعة متنوعة من رقائقها، التي تتغيَّر طرازاتها وخصائصها كل عامين أو نحو ذلك، ارتفع من قِبل صنَّاع الهواتف التي تعمل بنظام "أندرويد" الذين اعتادوا على الاعتماد على منتجات "هواوي" حتى تمَّ حظر الشركة من قبل الحكومة الأمريكية.
وتأخَّر كل شيء الآن بسبب انقطاع التيار الكهربائي أثناء موجة البرد الشديدة في مصنع "سامسونغ" بتكساس، الذي ينتج حوالي 28% من إجمالي ناتج الشركة، وقالت "سامسونغ" يوم الأربعاء، إنَّها لا تزال تحاول إعادة تشغيل المصنع.
اضطراب سلاسل التوريد
وأدَّت فترة الطقس السيىء والتأخيرات في الموانئ إلى إعاقة الإمدادات في أمريكا الشمالية، مما دفع "تويوتا موتور"، و"هوندا موتور" إلى التحذير من اضطرابات في سلاسل التوريد في المنطقة.
وقالت "تويوتا"، إنَّ "نقص المواد البتروكيماوية" في بعض مصانعها سيؤثِّر على الإنتاج، في حين قالت "هوندا"، إنَّ العديد من العوامل بما في ذلك انفجار الأنابيب في المصانع سيتسبَّب في إغلاقات مؤقتة، والمفاجأة أنَّها قالت، إنَّ نقص الرقائق يعدُّ عاملاً أيضاً.
ومع ذلك، فقد تعاملت سلاسل التوريد في جميع الصناعات من قبل مع نقص الإمدادات الناتج عن الكوارث، وعلى سبيل المثال أثَّرت الفيضانات في تايلاند على صناعة محرِّكات الأقراص الصلبة، وفي اليابان، توقَّفت شركات صناعة السيارات ومورِّدي قطع الغيار عن العمل في أعقاب زلزال فوكوشيما، وتسونامي، وانهيارات المحطات النووية، بحسب ما قال بيتر هانبري من "باين آند كومباني".
ومع ذلك، هذه المرة، هناك نقص في بعض أنواع أشباه الموصلات، والمكوِّنات الفرعية، وفي ظلِّ عمل المصانع في كل مكان بأقصى طاقتها، لا يوجد أي مسار واضح لتلبية الطلب.
ولا يشبه الأمر إعادة الأمور إلى نصابها بعد عاصفة؛ لأنَّ هذا النقص مستمر لفترة.