حذر معهد بحوث السياسات العامة، أن نحو 8 ملايين موظف بريطاني عرضة لخطر فقدان وظائفهم بسبب الذكاء الاصطناعي في ظل السياسات الحكومية الراهنة.
أوضح مركز البحوث في تقرير نُشر اليوم، أن الذكاء الاصطناعي يؤثر فعلياً على 11% من المهام التي يؤديها الموظفون في المملكة المتحدة، وهو رقم قد يصعد إلى 60% تقريباً إذا دمجت الشركات هذه التكنولوجيا بطريقة أكبر. تعد الوظائف بدوام جزئي ووظائف المبتدئين ووظائف الأعمال الداخلية على غرار خدمة العملاء الأكثر عرضة للخطر ولكن الوظائف ذات الأجور المرتفعة ستتأثر بطريقة متنامية.
الحكومة تراهن على الذكاء الاصطناعي
تُبرز النتائج الصعوبات التي تواجه الحكومة إذ تراهن بصورة متزايدة على الذكاء الاصطناعي لعلاج مشكلة ضعف الإنتاجية في المملكة المتحدة. تستخدم الشركات عبر كافة المجالات تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي لتعزيز الكفاءة، بينما أعلن وزير الخزانة البريطاني جيريمي هنت عن استثمار بقيمة 800 مليون جنيه إسترليني (مليار دولار) في التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي لتدعيم إنتاجية القطاع العام.
ذكر كارستن جونغ، كبير خبراء الاقتصاد بمعهد بحوث السياسات العامة، الذي حلل 22 ألف مهمة عبر كافة أنواع الوظائف: "يمكن أن يسفر الذكاء الاصطناعي التوليدي الموجود فعلياً عن وقوع اضطرابات هائلة بسوق العمل أو قد يعزز النمو الاقتصادي بطريقة كبيرة، وفي كلتا الحالتين يرجح أن يمثل نقطة تحول جذري بالنسبة للملايين منا".
أضاف: "لا تعد مسألة تقويض الوظائف حتمية، حيث إن الحكومة وأصحاب الأعمال والنقابات يملكون الفرصة لاتخاذ قرارات تسمح بتبني استراتيجية حيوية حالياً تضمن أننا ندير هذه التكنولوجيا الجديدة بطريقة جيدة. إذا لم يتخذوا إجراءات بوقت قريب، ربما يكون قد فات الأوان".
في تقريرها الخاص المنشور في نوفمبر الماضي، اعترفت الحكومة بأن الذكاء الاصطناعي يؤثر فعلاً على الوظائف في قطاعي التمويل والتأمين. ودعت الجامعات وأصحاب الأعمال إلى تزويد العمال بالمهارات التي يحتاجون إليها للتكيف مع التغيرات.
تأثير "الموجة الثانية" على سوق العمل
أشار تقرير معهد بحوث السياسات العامة إلى أن سياسة الحكومة ستكون العامل الفارق بين فقدان الوظائف وتحقيق النمو الاقتصادي في سياق تبني استخدام الذكاء الاصطناعي.
بواسطة وضع نموذج للتأثير المحتمل لـ"الموجة الثانية" من تبني الذكاء الاصطناعي على سوق العمل، وجد معهد بحوث السياسات العامة أن التكنولوجيا يمكن أن تضيف ما يصل إلى 306 مليارات جنيه إسترليني سنوياً إلى اقتصاد المملكة المتحدة دون أي فقدان للوظائف في أفضل السيناريوهات، بالاعتماد على تطبيق سياسات معينة للحكومة. بمقدور الذكاء الاصطناعي أيضاً رفع الأجور بما يصل إلى 30%.
بدون أي تغييرات في السياسات الحكومية، قدر الباحثون أن الذكاء الاصطناعي سيقوض 8 ملايين وظيفة دون تحقيق مكاسب اقتصادية.
أظهر بحث منفصل لمنصة "لينكد إن" أن بريطانيا تتخلف عن ركب الهند والولايات المتحدة وألمانيا وكندا وإسرائيل فيما يتعلق بمهارات الذكاء الاصطناعي. يعزا ذلك إلى أن أقل من نصف الشركات البريطانية تستثمر في تحسين مهارات عمالها، وفق جانين تشامبرلين، المديرة الإقليمية للمملكة المتحدة المختصة بمنصة التواصل الاجتماعي التي تركز على التوظيف.
يملك 32 من كل 10 آلاف عضو بمنصة "لينكد إن" في المملكة المتحدة مهارات الذكاء الاصطناعي، بما فيها تعلم الآلة أو هندسة صياغة التعليمات. أوضحت تشامبرلين عبر مقابلة في لندن أنه حتى مع تضاعف هذا الرقم منذ 2016، فإنه يبقى "صغيراً نسبياً".
أكبر الخاسرين
يمكن أن تكون فئتا السيدات والشباب أكثر عرضة لخطر الاستبعاد جراء الذكاء الاصطناعي. توظف السيدات بطريقة غير ملائمة في تلك المهام التي تعد الأكثر تأثراً بهذه التكنولوجيا، بينما يمكن للشركات توظيف عدد أقل بوظائف حديثي التخرج الشاغرة واللجوء للاعتماد أكثر على الذكاء الاصطناعي لأداء مهام المبتدئين.
بين معهد بحوث السياسات العامة أنه ينبغي للحكومة تطوير استراتيجية الذكاء الاصطناعي في المجال الصناعي لدعم تحول الوظائف وتوزيع مكاسب الأتمتة عبر أنحاء الاقتصاد، عوضاً عن استئثار عدد قليل من الشركات بها. تتضمن التوصيات توفير حوافز مالية لزيادة الوظائف عوضاً عن إزالتها وإحداث تغييرات تنظيمية ودعم الوظائف الخضراء الأقل تعرضاً للأتمتة.
اختتمت تشامبرلين: "كان يُنظر تقليدياً إلى الاستثمار في تنمية المهارات داخل أي منظمة على أنه أمر جيد، مع دمج الذكاء الاصطناعي التوليدي، بات حالياً "ضرورياً. يتعلق الأمر في أي منظمة بفهم المهارات التي أمتلكها، وتحديد المهارات التي أحتاجها وطريقة سد هذه الفجوة، وينطبق نفس الشيء على مستوى البلد بأكملها".