كشفت "إنفيديا كورب" عن أقوى تصميم للرقائق الإلكترونية أثناء المؤتمر السنوي لـ"تكنولوجيا وحدات معالجة الرسوم" (GTC)، الذي يطلق عليه بعض المحللين مهرجان "وودستوك" الذكاء الاصطناعي، في إشارة إلى مهرجان موسيقى الروك في نهاية ستينيات القرن الماضي.
صعد الرئيس التنفيذي للشركة جنسن هوانغ على المسرح حتى يعرض وحدة الحوسبة الجديدة "بلاكويل" (Blackwell)، التي تتصدرها شريحة "B200"، وهي شريحة قوية تضم 208 مليارات ترانزستور، وتتفوق في أدائها على مسرعات الذكاء الاصطناعي الحالية من "إنفيديا" الرائدة بالفعل في فئتها.
هذه الشريحة تبشر باستمرار تقدم "إنفيديا" على المنافسين، في وقت تضع فيه الشركات، بل والدول، مهمة تطوير الذكاء الاصطناعي ضمن أولوياتها.
اقرأ أيضاً: رئيس "إنفيديا" يعوّل على الإنفاق السخي على مراكز البيانات
بعد اعتمادها على نظام "هوبر" للحوسبة، السابق على "بلاكويل"، لتتجاوز قيمتها السوقية تريليوني دولار، تعلق "إنفيديا" آمالاً كبيرة على أحدث منتجاتها.
1) ما هي وحدة "إنفيديا" الجديدة "بلاكويل B200" لمعالجة الرسوم؟
شريحة "B200" هي منتج "إنفيديا" الجديد الرائد في مجال الذكاء الاصطناعي. وهي تقع في قلب نظام عمل واسع من المنتجات، يشمل تكنولوجيا الربط البيني الخاصة التي تسمح لـ"إنفيديا" بطرح رقائقها في حزم هائلة تعمل معاً كوحدة معالجة واحدة.
الشركة التي يقع مقرها في سانتا كلارا بولاية كاليفورنيا ستبيع شريحة "B200" عبر مجموعة متنوعة من الخيارات، بما في ذلك بيعها كجزء من الرقاقة فائقة القوة "GB200"، التي تجمع بين اثنتين من وحدات معالجة الرسوم "بلاكويل" مع وحدة معالجة مركزية واحدة من نوع "غريس" (Grace)، أو وحدة معالجة مركزية للأغراض العامة.
2) ما مدى قوة شريحة "إنفيديا" الجديدة؟
تتفوق شريحة "بلاكويل" في أدائها على شريحة "هوبر" مرتين ونصف المرة عند تدريب الذكاء الاصطناعي، بحسب "إنفيديا". والتدريب هو عملية مكثفة تهدف إلى تغذية أحد نماذج الذكاء الاصطناعي بالبيانات لمساعدته في التعلم وتكوين الذكاء – مثل عملية التفرقة بين القطة والكلب – بهدف تحقيق أغراض ذات فائدة.
هذا ما تركز عليه الشركات التي تتطلع إلى تطوير أدواتها الخاصة للذكاء الاصطناعي بنفسها، وما ساهم بالجانب الأكبر من مبيعات "إنفيديا" من أشباه الموصلات المرتبطة بالذكاء الاصطناعي حتى الآن.
يطلق على عملية التعرف على القطط والكلاب والتمييز بينهما وصف الاستدلال، وتقول شركة "إنفيديا" إن سرعة شريحة "بلاكويل" في القيام بذلك خمسة أضعاف سرعة الشريحة السابقة. فما أن تتجمع في وحدات تضم عشرات الشرائح، تحقق عائلة المنتج الجديد كفاءة في استهلاك الكهرباء أعلى بواقع 25 مرة، بحسب "إنفيديا". ربما يمثل ذلك التحسن سبباً رئيسياً حتى ينتقل العملاء إلى استخدام الرقائق الجديدة، حيث إن لديها القدرة على خفض تكاليف التشغيل بمراكز البيانات الضخمة بشكل كبير.
3) من سيشتري رقائق "بلاكويل"؟
تواجه شريحة "بلاكويل" تحدياً قاسياً، فشريحة "هوبر" التي طرحت منذ عامين حققت انتعاشاً كبيراً في مبيعات "إنفيديا".
ومع ذلك، فالشرائح الجديدة ستستخدم في مراكز البيانات الكبرى في العالم، ومن بينها تلك المراكز التي تديرها "أمازون" و"مايكروسوفت" و"غوغل" التابعة لـ"ألفابت"، و"أوراكل".
ومن بين الشخصيات التي قالت "إنفيديا" إنها أقرت بريادة الشركة لدعم تطوير الذكاء الاصطناعي رئيس شركة "تسلا" التنفيذي إيلون ماسك، والرئيس التنفيذي لشركة "أوبن إيه آي" سام ألتمان. وقال ألتمان، الذي تعتمد شركته على البنية السحابية لشركة "مايكروسوفت" إن وحدة "بلاكويل" سترفع من "قدراتنا على الإسراع بإنتاج نماذج رائدة". وهذه المنتجات ستصبح متاحة في وقت لاحق من هذا العام.
اقرأ أيضاً: ثورة الذكاء الاصطناعي بحاجة للرقائق والبرامج.. وأنابيب الغاز
تطلب خط معالجات "هوبر" ما يقدر بنحو 30,000 دولار إلى 40,000 دولار لكل شريحة - وهي ليست تكلفة قليلة الأهمية بالنسبة لشركات الحوسبة السحابية التي تطلبها بالآلاف. سيحرص المستثمرون على معرفة المزيد عن خطط "إنفيديا" بشأن تسعير "بلاكويل" في مؤتمر (GTC) هذا الأسبوع.
وعلى أي حال، ستمنع شركات التكنولوجيا الصينية الرائدة من شراء شريحة "B200"، لأن قدراتها تتجاوز الحدود التي تسمح بها الولايات المتحدة للصادرات. ولشركة "إنفيديا" مع ذلك أن تطرح تصميمات أضعف أداءً من ذلك ومصممة خصيصاً للسوق الصينية. فكما هو الحال في الولايات المتحدة، يضخ قطاع التكنولوجيا والإنترنت في الصين استثمارات هائلة حتى يتمكن من المنافسة في سباق الذكاء الاصطناعي.
4) من يصنع رقائق "بلاكويل"؟
التصميم الجديد للشريحة يضم عدداً هائلاً من وحدات الترانزستور – وهي المفاتيح الدقيقة التي تمنح أشباه الموصلات القدرة على معالجة المعلومات – وهذا ما يجعلها ضخمة للغاية، بحيث لا يمكن إنتاجها باستخدام التقينات التقليدية. إنها في واقع الأمر عبارة عن شريحيتين تندمجان مع بعضهما البعض عبر اتصالٍ يضمن عملهما كشريحة واحدة لا تنفصم، بحسب الشركة.
ستستخدم شركة "تايوان سيميكونداكتور مانيفاكتشرينغ"، شريكة "إنفيديا"، تقنية "نانوميتر 4" (4NP) الخاصة بها في إنتاج هذه الشريحة. وهذه التقنية ليست أكثر تقنيات التصنيع تقدماً عند الشركة التايوانية، التي تستخدم تقنية "نانوميتر 3" الأصغر في الإنتاج الكبير حالياً.
لم تغير "إنفيديا" تقنياتها الإنتاجية منذ تصنيع شريحة "هوبر"، وتقوم بصناعة الشرائح المتطورة في أماكن أخرى مع أحدث وحدة لمعالجة الرسوم في مراكز البيانات.
ستأتي الرقائق المجمعة التي تمثل أجزاء "بلاكويل" في الغالب في شكل رفوف خوادم، تُبرد بالسوائل التي ستقوم على تجميعها شركات إنتاج الأجزاء الصلبة من شركاء "إنفيديا".
في مؤتمر "تكنولوجيا وحدة معالجة الرسوم" (GTC) أعلنت شركة "بيغاترون كورب"، وإحدى الشركات التابعة لـ"فوكسكون" أنهما ستطرحان وحدات تضم بداخلها 36 و72 شريحة فائقة من شرائح "GB200" على التوالي.
5) ما أهمية "بلاكويل" بالنسبة للذكاء الاصطناعي؟
وضع هوانغ هذه المسألة في إطار أن النماذج الأكبر تحتاج إلى وحدات أكبر من وحدات معالجة الرسوم، ومن هنا تأتي أهمية دمج رقائق "بلاكويل" مع بعضها البعض لصناعة منتجات مثل معالج "إنفيديا" "GB200 NVL72".
تطوير النماذج الأكثر تقدماً يحدث عبر دمج مجموعة أكبر من البيانات، تشمل الصور والرسوم التوضيحية ومقاطع الفيديو ووسائط أخرى، بدون أن تقتصر على النصوص.
تستخدم هذه النماذج التأسيسية متعددة الوسائط أيضاً عوامل أكثر في إجراء عملياتها الحسابية، وقال الرئيس التنفيذي لشركة "إنفيديا" إن رفوف الخوادم مثل وحدة "GB200" ستتيح "نماذج تستخدم تريليونات العوامل". حتى الآن، تغامر معظم الشركات باستخدام مليارات العوامل عند إعداد نماذجها للذكاء الاصطناعي، على الرغم من عدم الإفصاح عادة عن الأرقام الدقيقة، كما هو الحال مع "جي بي تي 4"، أحدث نماذج شركة "أوبن إيه آي".
6) ما هو موقف "بلاكويل" مستقبلاً في المنافسة؟
طرحت شركة "أدفانسيد مايكروديفايسيز" (AMD) شريحتها الأكثر تقدماً "MI300" في أواخر العام الماضي، وهي تعتبر أقرب الشركات المنافسة لـ"إنفيديا" عند كثيرين.
وقد تراجعت شركة "إنتل كورب"، الرائدة في مجال وحدات المعالجة المركزية منذ فترة طويلة، في سباق تسريع الذكاء الاصطناعي، وتفتقر إلى تكنولوجيا يمكن مقارنتها بمنتجات "إنفيديا" الرائدة في الوقت الحالي، ناهيك عن التطورات التي شهدتها وحدة "بلاكويل".
وربما يشكل عملاء "إنفيديا"، بمرور الوقت، أكبر تهديد لموقعها التنافسي. فلدى كل من "غوغل" و"أمازون" و"مايكروسوفت" تصاميم معالجات خوادمها الخاصة بها، إما قيد الاستخدام أو قيد التطوير. وفي نهاية المطاف، ستفضل كل شركة من هذه الشركات الكبرى في مجال الحوسبة السحابية تطوير حلول أشباه الموصلات الخاصة بها، بدلاً من الاعتماد على مورد خارجي مثل "إنفيديا".
7) من هو "بلاكويل" ولماذا أطلقت "إنفيديا" اسمه على الشريحة الجديدة؟
أطلقت "إنفيديا" على مجموعة المنتجات الجديدة اسم ديفيد هارولد بلاكويل، وهو عالم الرياضيات الذي كان أول عالم من أصول أفريقية ينضم إلى الأكاديمية الوطنية للعلوم. وقد سميت السلسلة السابقة من الرقائق، "هوبر"، على اسم رائدة علوم الكمبيوتر غريس هوبر.