يقوم الاتحاد الأوروبي بسن حواجز الحماية الأكثر شمولاً في عالم الذكاء الاصطناعي سريع التطور، بعد أن أقر برلمان الكتلة قانون الذكاء الاصطناعي يوم الأربعاء.
ومن الممكن أن تحدد مجموعة القواعد الجديدة التاريخية وخصوصاً في ظل غياب أي تشريع من الولايات المتحدة، أسلوب إدارة الذكاء الاصطناعي في الغرب. لكن إقرار التشريع يأتي في وقت تشعر الشركات بالقلق من أن القانون مغالٍ، في حين تقول هيئات الرقابة الرقمية إنه لا يزال قاصراً.
وقال مفوض السوق الداخلية تيري بريتون في بيان، إن "أوروبا أصبحت تضع المعايير العالمية في مجال الذكاء الاصطناعي الجدير بالثقة".
سيصبح هذا التشريع قانوناً بعد توقيع الدول الأعضاء عليه، وهو أمر عادة ما يكون إجراءً شكلياً، وبمجرد نشره في الجريدة الرسمية للاتحاد الأوروبي.
أهداف القانون
يهدف القانون الجديد إلى معالجة المخاوف بشأن التحيز والخصوصية والمخاطر الأخرى الناجمة عن التكنولوجيا سريعة التطور. ومن شأن التشريع أن يحظر استخدام الذكاء الاصطناعي للكشف عن المشاعر في أماكن العمل والمدارس، فضلاً عن الحد من كيفية استخدامه في المواقف عالية المخاطر مثل فرز طلبات العمل. كما أنه سيضع القيود الأولى على أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدية، التي استحوذت على اهتمام العالم العام الماضي بفضل شعبية "تشات جي بي تي" (ChatGPT).
اقرأ أيضاً: جنون الذكاء الاصطناعي يدفع مستثمري الصين لشراء أسهم "فوكسكون" بكثافة
ومع ذلك، أثار مشروع القانون مخاوف في الأشهر الثلاثة التي تلت توصل المسؤولين إلى اتفاق مؤقت بعد جلسة مفاوضات ماراثونية استمرت أكثر من 35 ساعة.
تراجع ألمانيا وفرنسا
ومع وصول المحادثات إلى محطتها النهائية في العام الماضي، تراجعت الحكومتان الفرنسية والألمانية ضد بعض الأفكار الأكثر صرامة لتنظيم الذكاء الاصطناعي التوليدي، بحجة أن القواعد ستضر بالشركات الأوروبية الناشئة مثل شركة "ميسترال" للذكاء الاصطناعي الفرنسية، وشركة "ألف ألفا" الألمانية. أثارت مجموعات المجتمع المدني مثل "مرصد الشركات الأوروبية" (CEO) مخاوف بشأن تأثير شركات التكنولوجيا الكبرى والشركات الأوروبية على صياغة النص النهائي.
وكتبت هيئات الرقابة، بما في ذلك "مرصد الشركات الأوروبية" و"لوبي كونترول" في بيان، في إشارة إلى أنظمة الذكاء الاصطناعي القادرة على أداء مجموعة أوسع من المهام: "هذا التأثير أحادي الجانب يعني أن الذكاء الاصطناعي للأغراض العامة تم إعفاؤه إلى حد كبير من القواعد، ولم يكن مطلوباً منه سوى الامتثال لبعض التزامات الشفافية".
أثار الإعلان الأخير عن شراكة "ميسترال" مع شركة "مايكروسوفت" مخاوف بعض المشرعين. وكتب كاي زينر، وهو مساعد برلماني رئيسي في كتابة القانون، ومستشار للأمم المتحدة بشأن سياسة الذكاء الاصطناعي، أن هذه الخطوة كانت ذكية من الناحية الاستراتيجية و"ربما ضرورية" للشركة الفرنسية الناشئة، لكنه قال: "تم اللعب بالمشرع الأوروبي مرة أخرى".
اقرأ أيضاً: "TSMC" تستعيد مكانتها بين أعلى 10 شركات قيمة في العالم
أما براندو بينيفي، المشرع والمؤلف الرئيسي للقانون، فقال إن النتائج تتحدث عن نفسها، مضيفاً في مؤتمر صحفي يوم الأربعاء، أن "التشريع يحدد بوضوح احتياجات السلامة لأقوى النماذج بمعايير واضحة، ولذا فمن الواضح أننا وقفنا على أقدامنا".
مخاوف من التأثير على التنافسية
كما أثارت الشركات الأميركية والأوروبية مخاوف من أن القانون سيحد من القدرة التنافسية للكتلة.
وكتب رالوكا سيرناتوني، وهو زميل باحث في "مركز أبحاث كارنيغي أوروبا" أنه "في ظل صناعة التكنولوجيا الرقمية المحدودة، والاستثمار المنخفض نسبياً مقارنة بعمالقة الصناعة مثل الولايات المتحدة والصين، تواجه طموحات الاتحاد الأوروبي في السيادة التكنولوجية وقيادة الذكاء الاصطناعي عقبات كبيرة".
واعترف المشرعون خلال مناقشة يوم الثلاثاء بأنه لا يزال هناك عمل كبير ينتظرهم. لذا يخطط الاتحاد الأوروبي لإنشاء مكتب للذكاء الاصطناعي، وهو هيئة مستقلة داخل المفوضية الأوروبية.
ومن الناحية العملية، سيكون المكتب هو المنفذ الرئيسي، مع القدرة على طلب المعلومات من الشركات التي تطور الذكاء الاصطناعي التوليدي، وربما حظر النظام من العمل في الكتلة.
اقرأ أيضاً: التفكير النقدي أفضل تكتيك لمحاربة التزييف العميق
وقال دراغوس تيودوراش، عضو البرلمان الأوروبي الذي كان أيضاً أحد المؤلفين الرئيسيين للقانون، إن "القواعد التي مررناها لتنظيم المجال الرقمي - وليس فقط قانون الذكاء الاصطناعي - هي قواعد تاريخية ورائدة حقاً"، مضيفاً: "لكن جعلها جميعاً تعمل في انسجام مع التأثير المطلوب، وتحويل أوروبا إلى القوة الرقمية للمستقبل سيكون اختبار حياتنا".