القطاع مطالب بدراسة دقيقة للنماذج الأولية للطائرات إذا كان جاداً بشأن تحقيق الحياد الكربوني 2050

ما هي التحديات التي تواجه تصنيع الطائرات الكهربائية؟

هل يمكن أن يحلق هذا النموذج التجريبي حقاً؟ - المصدر: بلومبرغ
هل يمكن أن يحلق هذا النموذج التجريبي حقاً؟ - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

- مقال رأي

حققت البطاريات نجاحاً كبيراً في دفع محركات السيارات بدلاً من المنتجات البترولية لدرجة جعلت اعتقادنا بتحقيق النجاح ذاته مع محركات الطائرات أمراً طبيعياً. غير أن الجهود المبذولة لتصنيع نموذج أولي لطائرة قادرة على التحليق دائماً ما تبوء بالفشل.

كانت شركة "كيتي هوك" (Kitty Hawk) الناشئة، والمدعومة من لاري بيغ المؤسس المشارك لشركة "غوغل"، تأمل في تصنيع سيارة كهربائية طائرة، لكنها أوقفت المشروع بهدوء بعد مرور 5 سنوات في 2020. كما تخلت "رولز رويس هولدينغز" (Rolls-Royce Holdings) ووكالة "ناسا" عن مشروعين لتطوير طائرتين منفصلتين تعملان بالبطاريات في غضون شهر واحد العام الماضي.

لقد دفعت تلك الخطوات معظم الناس، وأنا واحد منهم، إلى التشكك في إمكانية إقلاع الطائرات الكهربائية على الإطلاق. مع ذلك، كانت أسباب الفشل جوهرية كون البطاريات ثقيلة، فيما ينبغي للطائرات أن تتمتع بخفة الوزن. يخزن الكيروسين ما يزيد عن 40 ضعفاً من الطاقة لكل كيلوغرام مقارنة ببطاريات أيونات الليثيوم.

لكي تحمل نفس القدر من الطاقة كنظيرتها التي تعمل بالوقود الأحفوري، ستحتاج طائرة رجال الأعمال ذات السبعة مقاعد إلى حمل بطارية يضاهي وزنها طائرة "إيرباص" من طراز "A320" محملة بكامل احتياجها من الوقود و180 راكباً والبضائع، وجلياً أن ذلك لن ينجح.

تصميم مختلف

مع ذلك، هناك افتراض غير مدروس في هذا السيناريو يستحق دراسته عن كثب. فتصميم طائرة كهربائية ليس مسألة بسيطة تتمثل في توصيل بطارية بالجزء الخلفي من محرك نفاث؛ بل تحتاج بدلاً من ذلك إلى العودة إلى المبادئ الأساسية وتصور التصميمات من الألف إلى الياء. لنبدأ بورقة بيضاء، وربما نجد تصميمات مبتكرة لم نفكر بها من قبل.

هذا هو ما تقدمه شركة "إليزيان إيركرافت" (Elysian Aircraft) الناشئة التي تعمل بالشراكة مع جامعة "دلفت" الهولندية للتقنية، إحدى المؤسسات الرائدة في تصميم الطائرات عالمياً. قال مؤسسو الشركة وأكاديميون من الجامعة، في بحثين منفصلين نُشرا هذا الشهر، إن الدراسات السابقة للطائرات الكهربائية أهملت فرصة لتقليص البصمة الكربونية لهذا القطاع بشكل كبير. كما طرح المؤسسون تصميماً لطائرة تتسع لتسعين مقعداً تعتمد على البطارية الكهربائية وحدها خلال الرحلات العادية.

قال رينارد دي فريس، مدير قطاع التصميم والهندسة لدى "إليزيان أيركرافت"، في مقابلة: "الطائرات التي يجري تصنيعها حالياً مصممة بكفاءة عالية لتعمل بالكيروسين. لكن الخطأ الذي ربما وقع فيه بعضنا هو افتراض أن الطائرة الكهربائية المثالية تبدو بنفس الشكل تماماً".

تنطوي حجة "إليزيان أيركرافت" على تفاصيل يصعب على معظم الأشخاص استيعابها، بما في ذلك تقييمات المعايير التقنية مثل نسبة الرفع إلى السحب والوزن القياسي فارغاً. بينما قد يكون استيعاب مفهوم الطائرة أيسر بوجه عام، حيث يتضمن التصميم جسماً ضيقاً يتسع لأربعة مقاعد في كل صف. كما ستحلق الطائرة بأجنحة ضخمة مزودة بأربعة محركات توربينية لكل منها، فيما ينبغي طي أطرافها عند الهبوط نظراً لضخامتها. أخيراً، يضمن التصميم تزويد الطائرة بنظام طاقة احتياطي يستخدم وقوداً منخفض الانبعاثات يمكن تشغيله في حالات الطوارئ.

قدرة تنافسية محدودة

قال مؤسسو "إليزيان إيركرافت" إن مثل هذه الطائرة يمكن أن تطير لمسافة تصل إلى 800 كيلومتر (497 ميلاً) اعتماداً على طاقة بطاريتها، وهذا من شأنه أن يسمح لها بالمنافسة على العديد من الطرق الجوية الأكثر ازدحاماً في العالم مثل سيول -جيجو وهونج كونج- تايبيه وسيدني-ملبورن وأتلانتا-أورلاندو. تمثل تلك السوق نحو خمس انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الناشئة عن قطاع الطيران.

مع ذلك، سيتعين مضاعفة سعر وقود الطيران لجعل الطائرات الكهربائية أكثر قدرة على تقديم أسعار تنافسية مقارنةً بنظيراتها التقليدية. يمكننا توقع ذلك فقط إن أوفت شركات الطيران والجهات التنظيمية بوعودها بدفق كميات متزايدة من وقود الطيران المستدام، وهو بديل منخفض الكربون للكيروسين.

ناهيك عن خطط البدء في فرض ضرائب على شركات الطيران لتعويض تأثيراتها الملوثة على تفاقم الاحتباس الحراري. إلى ذلك، ينبغي أن تستغرق مدة شحن بطارية الطائرة مابين 30 و45 دقيقة بحد أقصى، وهو ما يتماشى مع أهداف معظم شركات الطيران لتحويل طائراتها بسرعة.

لا يزال من غير المؤكد ما إذا كانت الطائرات الكهربائية ستتمكن من منافسة نظيراتها التقليدية بشكل مباشر. على سبيل المثال، في حين أن أعداد الر كاب على متن طائرة "إليزيان أيركرافت" ومداها أقرب بكثير إلى الطائرات التجارية التقليدية مما كان يعتقد، إلا أنها ليست قريبة بما يكفي لتوجيه ضربة تنافسية حاسمة.

يمكن لطائرة "إيرباص" من طراز "إيه 321 نيو" (A321neo)، وهي الطائرة الأكثر شعبية، أن تحمل على متن جسمها الضيق ضعف عدد الركاب وقطع ثمانية أضعاف المسافة سالفي الذكر، ما يمنح شركات الطيران مرونة أكبر بكثير في كيفية استخدامها.

كما تحلق الطائرة بسرعة 716 كيلومتراً/ساعة، ما يعد أبطأ على نحو ملحوظ مقارنةً بمعدل 954 كيلومتراً/ساعة قد تحظى به على متن طائرة "أيرباص" من طراز "إيه 320" أو "بوينغ 737". يقول دان رايمر، مصمم الطائرات المقيم في لوس أنجلوس ورئيس شركة "كونيبشوال ريسيرش كوربوريشن" (Conceptual Research Corporation)، إن هذا يعني أن الرحلات ستستغرق على الأرجح وقتاً أطول بنسبة 15% إلى 20% إذا أخذنا عامل الوقت في الاعتبار.

تطوير الطائرات المبتكرة قد يستغرق عقوداً

تساءل رايمر عبر البريد الإلكتروني: "هل سيقبل الركاب هذا؟"، مرجحاً أنهم: "ربما لن يكون أمامهم خيار آخر إذا مُنعت الطائرات التقليدية من القيام برحلات قصيرة كما اقترح البعض".

تجدر الإشادة بشركة "إليزيان كرافت" لمعارضتها بعض الآراء السائدة حول الطيران الكهربائي. لم يبذل الاحتكار الثنائي بين "إيرباص" و"بوينغ"، وهما المؤسستان الوحيدتان اللتان تتمتعان بنفوذ السوق والخبرة اللازمين لجمع شركات الطيران والمطارات والجهات التنظيمية والسياسيين في جهد مشترك لتناول قضية الطيران الكهربائي؛ سوى محاولات غير منتظمة لتطوير مثل هذه الطائرات.

لقد غذى هذا الشعور بالرضا عوامل مثل الاستنتاج القائل بأن الطائرات ذات البطاريات الضخمة لن يمكنها التحليق قيد أنملة، بالإضافة إلى قدرة الصناعة على التعتيم على البصمة الكربونية المتزايدة للطيران من خلال تقديم ادعاءات مشكوك فيها حول إمكانات وقود الطيران المستدام.

لن تؤتي استراتيجية التباطؤ هذه ثماراً، حيث تستغرق دورة تطوير الطائرات المبتكرة عقوداً. لذا، إذا كانت الشركات المصنعة وشركات الطيران جادين إلى حد ما بشأن وعودهم بخفض التلوث الكربوني إلى صافي الصفر بحلول 2050، فينبغي أن يكون العمل على تطوير مثل هذه الطائرات جارياً على قدم وساق.

على الرغم مما ستخبرك به شركات الطيران، إلا أنه ما من خارطة طريق قابلة للتطبيق لنتحول بعيداً عن مستقبل يمثل فيه الطيران 22% من الانبعاثات بحلول 2050، مقارنة بنحو 2% في الوقت الحالي. من ثم، ينبغي الإشادة بجهود "إليزيان أيركرافت" كونها أوجدت الإحداثيات الأولية للوصول إلى تلك الوجهة الأكثر استدامة.

اضغط هنا لقراءة المقال الأصلي
هذا المقال لا يعكس موقف أو رأي "الشرق للأخبار"وهو منشور نقلا عن Bloomberg Mediaولا يعكس بالضرورة آراء مجلس تحرير Bloomberg أو ملاكها
تصنيفات

قصص قد تهمك

فى هذا المقال

الآراء الأكثر قراءة