عدم قدرة الشركات السنغافورية على استجلاب تصاريح عمل للأجانب يمثل تحدياً في تعيين أصحاب المهارات

قطاع التقنية المالية السنغافوري يواجه شحاً في العمالة

سنغافورة - الشرق/بلومبرغ
سنغافورة - الشرق/بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

- مقال رأي

يثبط شح التمويل وعدم اليقين حيال آفاق النمو حماسة الشركات الناشئة في سنغافورة تجاه زيادة عديد منسوبيها في المدينة التي يبلغ عدد العاملين في قطاع التقنية المالية فيها 18 ألفاً. رغم ذلك، قد يكون التوقيت ملائماً للبحث عن وظائف في مركز آسيا المالي. تتعطش المدن المنافسة مثل هونغ كونغ وأبوظبي لاجتذاب الفئات المؤهلة من المهنيين، وهذا يجعل عقبات الهجرة إلى سنغافورة أسهل من ذي قبل.

في استبيان من "أكسنتشر" (Accenture) في 2021، عزا ثلثا الشركات تقريباً النقص في أصحاب المهارات لديها على عدم قدرتها على استجلاب تصاريح عمل للأجانب. أما اليوم، فتقول 37% فقط من الشركات إن صعوبة الحصول على تصاريح عمل تمثل تحدياً في عملية تعيين موظفين جدد. على أرباب العمل والموظفين أن يشعروا بالامتنان لهونغ كونغ على هذا التحول الكبير.

تعزم هونغ كونغ، المنطقة الصينية ذات الإدارة الخاصة، على أن تعكس اتجاه هجرة عقول أطلقت شرارتها حملة قمع للمعارضة السياسية إضافةً إلى سياسات العزل التي اتبعتها لمكافحة فيروس كورونا. لكنها تنضم للسباق من جديد هذا العام. إذ يجتذب برنامج جديد اسمه "توب تالنت باس" (Top Talent Pass) الذي طرحته في أواخر 2022، خريجي الجامعات المرموقة من مختلف بقاع العالم عبر منحهم تأشيرة لعامين، حتى لو لم يتلقوا أي عرض عمل. خلال الأشهر التسعة الأولى من هذا العام، أصدرت المدينة 100 ألف تصريح عمل، أي ما يقرب من مرتين ونصف عدد ما أصدرته العام الماضي.

تحديات ضخمة

لا تستطيع سنغافورة أن تقلص حجم العمالة لديها فيما تسعى هونغ كونغ لزيادته. يُعقد مهرجان التقنية المالية السنوي في المدينة- الدولة هذا الأسبوع وسط جفاف في رأس المال المسخر للنمو، فقد شهد القطاع إبرام صفقات بلغ إجماليها مليار دولار فقط خلال الفصول الثلاثة الأولى من العام، وهو الثاني الذي شهد تراجعاً في الصفقات من 5.5 مليار دولار في 2021 و2.6 مليار دولار في 2022.

قضى انهيار قطاع العملات المشفرة في العام الماضي على الحماسة تجاه التمويل اللامركزي. كما يبدو في الوقت نفسه أن هونغ كونغ قد حصلت على موافقة ضمنية من بكين لتتموضع كمركز لتجارة التجزئة في الأصول الافتراضية.

يأتي هذا إلى جانب مسألة الهجرة. بدءاً من الانتخابات العامة التي عُقدت في 2011، دأب ناخبو سنغافورة على تأكيد أنهم يودون خفض عدد الأجانب في البلاد. أثّرت الضوابط الصارمة على تأشيرات العمالة الوافدة على القطاعات كلها مذ ذاك، بما يشمل الخدمات المصرفية والتقنية المالية. ورغم أن حلقة أصحاب المهارات المحلية محدودة أفقياً وعمودياً، ما تزال هناك حساسية سياسية بشأن الاستعانة بالأيدي العاملة من الخارج.

في ضوء أن غير المواطنين يمثلون نحو 40% من 5.9 مليون يسكنون المدينة، فإن عكس مسار السياسات على نحو مفاجئ غير مرجح، خصوصاً في ضوء تلميحات رئيس الوزراء لي هسين لونغ بأن الانتخابات التي يُفترض أن تُقام بحلول نوفمبر 2025 قد تنعقد في وقت أقرب وربما يكون في مطلع العام.

وتيرة حذرة

عوضاً عن ذلك، تسد سنغافورة الفجوة التي خلفتها هجرة العمالة الأجنبية خلال الجائحة. تقلصت أعداد العاملين الأجانب في مجالات غير الأشغال المنزلية بين يوليو 2019 ويونيو 2021 بواقع 194 ألفاً. وخلال الأشهر الـ24 التالية حتى يونيو 2023، نمت الأعداد بواقع 260 ألفاً. يمثل ذلك متوسط زيادة سنوية حجمها أقل من 17 ألفاً على مدى أربع سنوات، وهي وتيرة توسع يبدو منها الحذر.

إن استقطاب الشباب مهم ليبقى المجتمع، الذي يتزايد وسطي أعماره، في طليعة الابتكار، خصوصاً حين يتعلق الأمر بكفاءة المدينة بشكل رئيسي في التجارة وعالم المال. يعني ذلك استقبال مزيد من مطوري البرمجيات والمتخصصين في المبيعات والامتثال للوائح ومهندسي الذكاء الاصطناعي ومديري الإنتاج.

قد لا تكون مشاريع العملات المشفرة جذابة كما كانت قبل عامين، لكن البنك المركزي للدولة الجزيرة ما يزال مهتماً جداً بتحويل الأصول المالية إلى رموز رقمية عبر إبرام شراكات مع مؤسسات مثل "جيه بي مورغان" و"سيتي غروب" و"تي رو برايس غروب" (T Rowe Price Group). في تلك الأثناء، فإن الاهتمام بالذكاء الاصطناعي، وهو الفكرة الرئيسية في مهرجان قطاع التقنية المالية هذا العام، شديد جداً.

لا تقتصر المنافسة في هذا المجال على هونغ كونغ، التي تُعد المنافس التقليدي، فحسب. إذ تسعى أبوظبي بجد لإغراء أصحاب المواهب في مجال الذكاء الاصطناعي بدعم من نموذج اللغة الكبير مفتوح المصدر لديها. لذا فإن المتقدمين من أصحاب المهارات النادرة وكذلك الشركات التي تساهم في أولويات سنغافورة الاقتصادية الاستراتيجية سيحصلون على نقاط إضافية بموجب نظام جديد يعتمد على النقاط لإصدار تصاريح للعمل بدأ العمل به في 1 سبتمبر.

قيود أخرى

رغم ذلك، فقد لا يكون ذلك كافياً. لا يرتبط الأمر فحسب بجهود مدن أخرى في جذب أصحاب المواهب. فقد تكون شركات التقنية العملاقة والمؤسسات المالية تزاحم المشروعات الأصغر أيضاً. أشارت توقعات شركة "غارتنر" (Gartner) في يونيو إلى زيادة نسبتها 8% في الإنفاق على تقنية المعلومات للخدمات المصرفية والاستثمارية على مستوى العالم هذا العام.

قالت 64% من الشركات التي شملها استبيان "أكسنتشر" أن "تفضيل المرشحين لأن يعملوا لدى مؤسسات راسخة" هو أحد تحديات التعيين. ذكر التقرير المشترك بين "سينغابور فنتك أسوسيشن" (Singapore FinTech Association) و"أكسنتشر" إن كبرى الشركات متعددة الجنسيات "قد تقدم استقراراً وظيفياً أفضل وفرصاً للتقدم الوظيفي ومكافآت نقدية وغير نقدية ومزايا تتوافق مع السوق".

رغم قيود التمويل التي تواجهها، فإن الشركات الناشئة في قطاع التقنية المالية في سغافورة ما تزال ترغب بتعيين موظفين جدد، لكن ليس بقدر الزيادة في أعداد الموظفين التي بلغت 40% العام الماضي. رغم أن الحصول على تصاريح عمل لن يكون سهلاً جداً، لكنه لن يكون عقبة كما كان الحال قبل عامين. يمثل ترحاب مراكز التوظيف المتنافسة بأصحاب المهارات عاملاً أساسياً في ضمان ذلك.

اضغط هنا لقراءة المقال الأصلي
هذا المقال لا يعكس موقف أو رأي "الشرق للأخبار"وهو منشور نقلا عن Bloomberg Mediaولا يعكس بالضرورة آراء مجلس تحرير Bloomberg أو ملاكها
تصنيفات

قصص قد تهمك