وافقت شركة "تيليكوم إيطاليا" (Telecom Italia SpA) على بيع شبكتها الأرضية إلى "كيه كيه آر أند كو"، في صفقة ضخمة بقيمة 22 مليار يورو (23.6 مليار دولار) دعمتها الحكومة الإيطالية، ما قوبل بمعارضة من كبار المساهمين في الشركة.
أقر مجلس إدارة شركة خطوط الهاتف الأرضية يوم الأحد، بعد اجتماع استمر طوال نهاية الأسبوع، بيع الشبكة إلى شركة الأسهم الخاصة الأميركية، مؤكداً أن الموافقة على الصفقة لن تخضع لتصويت المساهمين.
يعني ذلك أن الشركة تعتزم تنفيذ القرار رغم المعارضة الكبيرة لأكبر مساهميها، وهي مجموعة "فيفندي" (Vivendi SE) الإعلامية الفرنسية.
ارتفعت أسهم "تيليكوم إيطاليا" بنحو 5.4% قبل بدء جلسة التداول صباح اليوم الإثنين، فيما صعدت سندات الشركة أيضاً على جميع المستويات، وارتفعت السندات الممتازة غير المضمونة التي يحل أجل استحقاقها في 2025 بمقدار سِنتين تقريباً لليورو، بحسب أحدث أسعار التداول التي جمعتها "بلومبرغ".
اعتراض "فيفندي"
بعد دقائق من إعلان "تيليكوم إيطاليا" الموافقة على الصفقة، أشارت "فيفندي" إلى أنها ستسعى لعرقلتها، وأصدرت بياناً أفاد بأنها "ستستخدم أي وسيلة قانونية تحت تصرفها" للاعتراض على القرار. سبق ودعت المجموعة الإعلامية إلى عقد جمعية عمومية استثنائية للمساهمين، ستحاول فيه حشد الدعم لوقف البيع.
قد تمثل الصفقة حبل نجاة للشركة التي أثقلتها الديون، ما سيتيح لها إعادة تشكيل نشاطها الأساسي ويعدّها للاندماجات والاستحواذات في المستقبل.
كما ستتمكن شركة الاتصالات التي خفضت عدد موظفيها، من التركيز على تسويق وبيع خدمات الهاتف الأرضي، فيما ستسيطر شركة الاستثمار الأميركية، تحت إشراف الحكومة الإيطالية، على الشبكة التي تنفذ العمليات الرقمية والنطاق العريض فائق السرعة.
قيمت "كيه كيه آر" شبكة الاتصالات عند 18.8 مليار يورو، لكن القيمة الإجمالية للصفقة قد تبلغ 22 مليار دولار، اعتماداً على المدفوعات الإضافية في حال الاندماج مع شركة أخرى تابعة لمنافستها الأصغر حجماً "أوبن فايبر" (Open Fiber SpA).
قالت "تيليكوم إيطاليا" إنها تتوقع إتمام الصفقة بحلول صيف 2024، وإن البيع سيمكنها من خفض مديونيتها بمقدار 14 مليار دولار.
سوق تنافسية
الصفقة ستمهد الطريق لمزيد من فرص الاندماج والاستحواذ في قطاع الاتصالات الإيطالي.
تُعد إيطاليا إحدى أشد أسواق الاتصالات تنافساً في العالم؛ إذ إن تكلفة الاشتراك الشهري في حزمة خدمات الخط الأرضي، التي تتضمن عادةً إنترنت غير محدود، منخفضة وتتراوح ما بين 20 و25 يورو، ما يقارب ربع قيمة الاشتراك الذي يدفعه معظم المستهلكين في الولايات المتحدة.
احتدمت المنافسة في السنوات الماضية مع دخول أطراف جديدة، لا سيما "إلياد" (Iliad SA) الفرنسية، التي دخلت سوق الهواتف الإيطالية في 2018، وقدمت نفسها على أنها متخصصة تقدم الخدمات الأساسية، وشنت حرب أسعار شاملة.
رفض مجلس إدارة "تيليكوم إيطاليا" عرضاً منفصلاً من "كيه كيه آر" لشراء "سباركل" (Sparkle)، وحدة الكابلات البحرية، ومددت الموعد النهائي حتى 5 ديسمبر للتحقق من إمكانية الحصول على عرض أكبر للوحدة التي سبق تقييمها بنحو مليار يورو.
نرى أن بيع الشبكة المحلية للخطوط الأرضية إلى "كيه كيه آر" من دون تصويت المساهمين يشير إلى نزاع قضائي وسط رد الفعل العنيف من "فيفندي" القادرة على عرقلة الصفقة. كما أن ارتفاع نسبة المدفوعات الإضافية -تمثل 15% من التقييم- وعدم بيع "سباركل" يقللان من جاذبية الصفقة لمساهمي "تيليكوم إيطاليا".
رأي "بلومبرغ إنتليجنس"
ترحيب حكومي بالصفقة
القرار الذي جاء بأغلبية 11 مقابل 3 واتُّخِذ في نهاية الأسبوع، يُعد انتصاراً للرئيس التنفيذي للشركة بيترو لابريولا، المصمم الرئيسي لخطة بيع الشبكة.
كما سترحب إدارة رئيسة الوزراء جورجيا ميلوني، أيضاً بتلك النتيجة. فالصفقة ستمكن الشركة، التي احتكرت قبلاً خطوط الهاتف الأرضي، من خفض مديونيتها، مع منح روما قدراً من الإشراف على أصل طالما عدته استراتيجياً.
سعت "تيليكوم إيطاليا" إلى بيع الشبكة لشهور. ورغم أن الشركة ذات ملكية خاصة، إلا أن حكومة ميلوني وإدارة سلفها ماريو دراغي، أدتا معاً دوراً رئيسياً في التخطيط للصفقة التي ستتيح للدولة الاحتفاظ بنفوذها في الشركة.
محاولة أخرى لوقف الصفقة
موافقة مجلس الإدارة على الصفقة لم تكن مؤكدة في نهاية الشهر الماضي، بعدما قدّمت "مرلين أدفايزرز" (Merlyn Advisors Ltd.)، شركة الاستثمار البريطانية، خطة مفاجئة لوقف البيع واستبدال لابريولا.
رغم أن "مرلين" تمتلك نحو 0.006% فقط من "تيليكوم إيطاليا"، تشبثت "فيفندي" باقتراحها ضمن حملتها لتقييم الشبكة بسعر أعلى، عند 30 مليار يورو على الأقل. وقالت "مرلين" بعد إعلان الموافقة على الصفقة إنها ستتخذ الإجراءات القانونية أيضاً لوقف البيع.