التكنولوجيا الحديثة تغير طريقة تعلم الطلاب ونوعية المعرفة المهمة

الذكاء الاصطناعي يلتهم واجباتي المدرسية وعملي المدرسي أيضاً

الاستخدام المبكر للتكنولوجيا في الفصول الدراسية - المصدر: بلومبرغ
الاستخدام المبكر للتكنولوجيا في الفصول الدراسية - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

- مقال رأي

بوصفي أستاذاً بالجامعة، تلقيت أسئلة كثيرة حول الواجبات الدراسية، وفي الآونة الأخيرة كانت جميعها تقريباً تدور حول طريقة تغيير الذكاء الاصطناعي لها. ففي النهاية، إذا تمكنت تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي من حل العديد من الاختبارات الطبية والمحاماة والاقتصاد، فيمكنها قطعاً التعامل مع الواجبات الدراسية للمرحلة الثانوية أو الكليات.

لطالما كانت الواجبات الدراسية عنصراً أساسياً في التجربة الأكاديمية. فكيف ستتطور مع إتقان مزيد من الطلاب الاستفادة من قدرات أنظمة الذكاء الاصطناعي (التي تتحسن سريعاً)؟ أو لنطرح سؤالاً أشد وضوحاً: كيف يفترض بي أن أعرف ما إذا كنت أقوم بتقدير درجة الطالب أم درجة الذكاء الاصطناعي؟

تغييرات مهمة

التغييرات المهمة على الأبواب، لكنها ستحدث ببطء. تعد الممارسات داخل الفصول الدراسية، أفضل أو أسوأ، من بين أشد الأعراف البشرية صعوبة في التغير. لم تتبدل التعليمات كثيراً عما كانت عليه قبل آلاف السنين، حتى لو كان الطباشير الحديث أفضل من المواد الأولية العتيقة.

النقطة الأساسية هي أن درجات التقييم ستعني شيئاً مختلفاً. فتقليدياً، على الأقل من الناحية النظرية، كانت الدرجات مقياساً لمدى فهم الطلاب للمادة الدراسية. إذا حصلوا على درجة "A" في مادة تاريخ الولايات المتحدة الأميركية، فمن المفترض أن يكون بمقدورهم التعرف على العديد من الشخصيات المؤسسة للبلاد. أما مستقبلاً، فإن الدرجة "A" ستشير إلى نوع من الضمير : أي أنهم، على الأقل، طبقوا الذكاء الاصطناعي بطريقة متسقة لحل الأسئلة المطروحة عليهم. واعتبار أن هذا الأمر "غشاً" أو "مباحاً" سيعتمد على سياسات المؤسسة التعليمية في هذا الشأن، لكن البرمجيات المناهضة للذكاء الاصطناعي غير موثوقة ولا يمكن تطبيق القواعد المناهضة لاستخدام الذكاء الاصطناعي بسهولة.

قد تبدو شهادة "تطبيق أدوات الذكاء الاصطناعي بطريقة متسقة" متواضعة. لكنني صادفت كثيراً من الطلاب على مر السنين لا يلبون حتى هذا المعيار. قد يتجاهلون تسليم الواجبات الدراسية أو يخفقون في الالتزام بالمواعيد النهائية لتسليمها. قد يعرفون أو لا يعرفون المواد ذات الصلة -لا يدركون ذلك غالباً- ومن غير الواضح مطلقاً أن تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي الحالية ستمكنهم تلقائياً من حصد درجات جيدة.

باختصار، إن نظاماً أكاديمياً يعج بالذكاء الاصطناعي يظل يختبر شيئاً ما، حتى لو كان أقل عظمة مما كنا نطمح إليه. مع مرور الزمن لن تدل الدرجات على معرفة كبيرة بالمواد الدراسية بقدر ما تدل على قدرة الطالب على أن يكون منظماً ومستعداً.

منظومة جديدة

لكي أكون واضحاً، هذه عادات جيدة ينبغي أن نزرعها في الطلاب، وعلينا أن نتذكر أن هذه المنظومة الجديدة لن تكون مختلفة كثيراً عن الوضع الحالي. فالطلاب يتعاونون مع آخرين في أداء الواجبات الدراسية منذ فرضها، بما في ذلك الوالدان، سواء كان ذلك مسموحاً لهم أم لا. ويسهل الذكاء الاصطناعي هذه العملية التعاونية ويسرع من وتيرتها. لم يكن هناك وجود لدرجات دقيقة بصورة تامة، ولا حتى في "أيام الزمن الجميل".

رغم ذلك، قد تستمر الحاجة أو الرغبة في اختبار مدى الدراية بالمواد الفعلية نفسها. وينبغي أن يجري هذا الاختبار حضورياً. ربما ستقدم تدريبات ينبغي الانتهاء منها داخل قاعة الدرس، كما أشار زميلي بقسم "رأي بلومبرغ" أدريان وولريدج ، أو إجراء اختبارات شفوية بأسلوب جامعتي "أكسفورد" و"كامبريدج".

من المرجح إجراء هذه التعديلات في مجالات تحظى فيها النتائج بأهمية مباشرة وقابلة للقياس، على غرار الهندسة الفيزيائية. غير أن هذا الاحتمال أقل في مجال العلوم الإنسانية، إذ ربما أن الطالب الذي يستخدم الذكاء الاصطناعي في غش المعلومة لن يتحصل على معرفة ذات قيمة على أي حال.

نوع آخر من التعديلات سينطوي على التكليف بعمل مشاريع، ينفذها الطالب بالعمل عليها مع الذكاء الاصطناعي. في الربيع الماضي، قمت بالتدريس لطلاب القانون، وكان من بين ما طلبته منهم أن يتعاونوا مع الذكاء الاصطناعي في تقديم ورقة بحثية، بشفافية قطعاً، مع شرح لطريقة استخدامهم له. في المتوسط، كتب الطلاب الذين تعلموا طريقة العمل بالتعاون مع الذكاء الاصطناعي أوراقاً بحثية أفضل. سيصبح هذا النوع من المهارات التعاونية أشد أهمية، وسيتطور الواجب الدراسي لمكافأة هذا الواقع. في هذا الإطار، لم يعد يمثل الاعتماد على الذكاء الاصطناعي "للغش" أي مشكلة.

الجانب السلبي

من الناحية السلبية، عادة ما تكون المشروعات التعاونية مع الذكاء الاصطناعي أقل قابلية للتنبؤ وأقل "إبرازاً للفروق الفردية"، ومن ثم يصعب على المعلمين تقدير درجات الطلاب. يبدو أن هذا ثمن زهيد لتعليم الطلاب هذه المهارة بالغة الأهمية.

سيغير الذكاء الاصطناعي بلا أدنى شك من طبيعة الواجبات الدراسية ولكنه أيضاً سيغير أسلوب التدريس. فالأستاذ الجامعي الذي يمكنه استعراض كثير من المعلومات ربما لن يبدو مثيراً للإعجاب بعد الآن: إذ لماذا تدفع ثمن ما يمكن أن يقدمه الذكاء الاصطناعي بتكلفة رخيصة؟ عوضاً عن ذلك، سينتقل التركيز إلى ما لا يمكن أن يوفره سوى البشر (حتى الآن) مثل الإلهام وجاذبية الشخصية والإرشاد. وسوف يكون ذلك أيضاً تغييراً نحو الأفضل.

اضغط هنا لقراءة المقال الأصلي
هذا المقال لا يعكس موقف أو رأي "الشرق للأخبار"وهو منشور نقلا عن Bloomberg Mediaولا يعكس بالضرورة آراء مجلس تحرير Bloomberg أو ملاكها
تصنيفات

قصص قد تهمك

الآراء الأكثر قراءة