أقرَّ البرلمان الأسترالي قانوناً هو الأول من نوعه في العالم لإجبار الشركات الرقمية العملاقة، مثل فيسبوك، وغوغل على الدفع للناشرين المحليين مقابل محتوى الأخبار، وهي خطوة قد تطلق المزيد من الإجراءات التنظيمية العالمية للحدِّ من نفوذهم.
وأشار غوش فرايدنبرغ، وزير الخزانة الأسترالي، إلى أنَّ التشريع الذي صدر اليوم الخميس، سيضمن حصول شركات وسائل الإعلام المحلية على بدل عادل مقابل المحتوى الذي تنتجه. وهذا القانون يُعدُّ إصلاحاً مهماً، وجذب أنظار العالم إلى البرلمان الاسترالي".
وكانت الجهات التنظيمية على مستوى العالم تراقب الهيئة التشريعية الأسترالية عن كثب، وهي تتصارع مع الهيمنة الإعلانية لشركتي فيسبوك، وغوغل؛ إذ تواجهان الآن احتمال اتخاذ إجراءات مماثلة تجاههما في جميع أنحاء العالم. وصرَّح سكوت موريسون، رئيس الوزراء الأسترالي، أنَّه ناقش القانون الجديد مع زعماء الهند، وكندا، وفرنسا، وبريطانيا.
مفاوضات صعبة
تفاوض عمالقة التكنولوجيا في أمريكا بشدَّة مع الحكومة الأسترالية لانتزاع الامتيازات.
وأعلنت شركة "ألفابت"، المالكة لشركة غوغل العام الماضي أنَّها ستغلق محرِّك البحث الخاص بها في أستراليا إذا جرى إقرار القانون. وفي الوقت نفسه، حظرت شركة فيسبوك الأخبار على منصتها الأسترالية في معارضة للتشريع، وهي خطوة مفاجئة قوبلت بإدانة من موريسون.
وبعد محادثات استمرت 11 ساعة مع مارك زوكربيرغ، الرئيس التنفيذي لشركة فيسبوك، وافقت الحكومة الأسترالية على تعديل التشريع، وأفصحت منصة التواصل الاجتماعي أنَّها ستعيد تشغيل بثِّ الأخبار المحلية على موقعها.
ومن بين التنازلات الرئيسية، تتمتَّع كلٌّ من غوغل، وفيسبوك بالحرية في تقرير الصفقات التجارية مع صنَّاع المحتوى. وإذا رأت الحكومة أنَّهم قدَّموا مساهمة كافية لقطاع الأخبار المحلي، فلن يخضعوا لهذا القانون. وفي حال قررت الحكومة تطبيق القانون عليهما؛ ستحصل الشركتان على إشعار لمدة شهر واحد، وسيكون لديهما المزيد من الوقت لإبرام الصفقات مع ناشري وسائل الإعلام قبل إجبارهم على تقديم العرض النهائي من الطرفين لهيئة تحكيم كملاذ أخير.
لم يفلتا من العقاب
ترى بليندا بارنت، أستاذة الإعلام بجامعة سوينبورن للتكنولوجيا في ملبورن، أنَّ غوغل، وفيسبوك ربما تمكَّنتا من تجنُّب أسوأ إجراءات القانون في الوقت الحالي، لكنَّهما لم يفلتا من العقاب. فالمقوِّمات الأساسية الواردة في القانون موجودة، وربما سيجبرهم ذلك على حسن التصرف".
ويرى نيك كليغ، نائب رئيس الشؤون العالمية في فيسبوك، أنَّ "التعديلات على القانون تعني تشجيع المفاوضات العادلة، دون التهديد الوشيك المتمثِّل في التحكيم القاسي، وغير المتوقَّع. ونحن نتطلَّع إلى الموافقة على صفقات جديدة مع الناشرين، وتمكين الأستراليين من نشر روابط الأخبار مرة أخرى على منصتنا".
ويوضح أنَّ فيسبوك أوقف نشر الأخبار مؤقتاً في أستراليا، لأنَّ التشريع أساء تفسير علاقة الشركة بالناشرين، مشيراً إلى أنَّ الشركات الإعلامية تنشر الأخبار طواعية على فيسبوك، مما يساعدها على الوصول إلى جمهور أكبر.
ويتابع قائلاً: "نحن لا نأخذ، ولا نطلب المحتوى المطلوب منا دفع ثمن باهظ مقابله. ونسبة 4 % فقط من المنشورات التي يراها الأشخاص في موجز الأخبار على فيسبوك هي أخبار. ومع ذلك، فإنَّنا استثمرنا 600 مليون دولار منذ عام 2018 لدعم صناعة الإعلام على مستوى العالم، وتخطط لإنفاق مليار دولار إضافية على الأقل خلال السنوات الثلاث المقبلة".
من جانبها، أبرمت غوغل صفقات لدفع أموال لسلسلة من الناشرين الأستراليين مقابل الأخبار، بما في ذلك شركة "نيوز كورب".
وأعرب وزير الخزانة الأسترالي عن "سرور الحكومة برؤية تقدُّم من جانب غوغل، وفيسبوك مؤخَّراً على صعيد الوصول لترتيبات تجارية مع وسائل الإعلام الإخبارية الأسترالية".
وكشف أنَّه سيجري مراجعة القانون الجديد من قِبل وزارة الخزانة بغضون عام واحد للتأكُّد من أنَّه يعمل على النحو المنشود.