اتخذت شركة "أرم" التابعة لمجموعة"سوفت بنك" خطوة نحو الطرح العام والذي قد يكون الأكبر في الولايات المتحدة خلال 2023، وهو ما يمثل رهاناً على أن مصممة رقائق الهواتف الذكية، يمكن أن تزدهر في عصر حوسبة الذكاء الاصطناعي، بعد خفوت سابق.
في بيان إفصاح طال انتظاره قدمته إلى الجهات التنظيمية أمس الإثنين، قالت شركة "أرم" إنها عينت أربع مؤسسات وهي "باركليز" و"غولدمان ساكس" و"جيه بي مورغان" و"ميزوهو فايننشال غروب" لإدارة عملية الاكتتاب.
أدرج البيان أسماء 24 شركة أخرى إضافة إلى البنوك الرئيسية لإدارة الطرح العام الأولي، مع ملاحظة غياب بنك "مورغان ستانلي".
من شأن الطرح العام الناجح لشركة "أرم" أن يوفر مكاسب غير متوقعة لـ ماسايوشي صن مؤسس"سوفت بنك" بعد أن خسر"صندوق رؤية" التابع للمجموعة، رقماً قياسياً قدره 30 مليار دولار العام الماضي.
يمكن أن يحفز الطرح العام أيضاً عشرات الشركات على اتخاذ نفس الخطوة -أو المزيد من التأخير- في خطط الاكتتاب العام الأولي الخاصة بها. يشمل ذلك شركات مثل شركة "إنستاكارت" لتوصيل مواد البقالة عبر الإنترنت، و"كلافيو"، مزودة التسويق وأتمتة البيانات، وصانعة الأحذية "بيركنشتوك".
أفادت "بلومبرغ" أن شركة "أرم" تخطط لبدء جولتها الترويجية في الأسبوع الأول من سبتمبر وتحديد سعر السهم في الاكتتاب العام خلال الأسبوع التالي.
الإدراج الأكبر في الولايات المتحدة
لم تكشف الشركة في البيان عن الشروط المقترحة لطرح الأسهم، ولكن من المتوقع أن تسعى للحصول على تقييم يتراوح بين 60 إلى 70 مليار دولار.
كما أجرت شركة "أرم"، التي يقع مقرها في كامبريدج بالمملكة المتحدة، محادثات مع بعض أكبر عملائها حول دعم الاكتتاب العام.
في حين كانت شركة "أرم" تهدف إلى جمع ما بين 8 إلى 10 مليارات دولار من خلال الاكتتاب العام الأولي، فإن هذا الهدف قد يكون أقل منذ أن قررت "سوفت بنك"الاحتفاظ بالمزيد من أسهم الشركة بعد شراء حصة "صندوق رؤية" فيها. قدرت هذه الصفقة قيمة شركة"أرم"بأكثر من 64 مليار دولار، بناءً على بيان الإفصاح.
مع ذلك، فإن الطرح يعد بإعطاء سوق الاكتتابات الأولية المتعثرة أكبر دفعة لها منذ عامين تقريباً. ومن المتوقع أن يكون هذا الإدراج هو الأكبر في الولايات المتحدة منذ طرح شركة صناعة السيارات الكهربائية "ريفيان أوتوموتيف" بقيمة 13.7 مليار دولار في أكتوبر 2021.
ويمكن أن يحتل مرتبة قريبة أو حتى أقل بقليل من أكبر الاكتتابات العامة الأولية على الإطلاق في صناعة التكنولوجيا مثل، طرح مجموعة "علي بابا القابضة" بقيمة 25 مليار دولار في عام 2014، وشركة "ميتا بلاتفورمز" التي كانت تُعرف آنذاك باسم شركة "فيسبوك"، بقيمة 16 مليار دولار في عام 2012.
يعكس التقييم المستهدف لشركة "أرم"اعتقاداً بأنها ستستفيد من التدافع نحو رقائق الذكاء الاصطناعي والذكاء الاصطناعي وهو التحول الذي ساعد على منح شركة "إنفيديا كورب" لصناعة الرقائق قيمة سوقية 1.2 تريليون دولار.
الحوسبة الأكثر تقدماً
قال كايل ستانفورد، المحلل في "بيتش بوك"(PitchBook): "الأداء القوي لـ"أرم" لن يكون بمثابة مكاسب كبيرة غير متوقعة لـ"سوفت بنك" فحسب، بل سيعزز أيضاً استراتيجية الذكاء الاصطناعي الخاصة بها من خلال إظهار أن الهالة في السوق حول الذكاء الاصطناعي لم تتضاءل".
رغم استخدام تقنية "أرم" في كل الهواتف الذكية تقريباً، إلا أنها ليست معروفة جيداً بين المستهلكين.
تبيع "أرم" المخططات اللازمة لتصميم المعالجات الدقيقة، وتراخيص التكنولوجيا المعروفة باسم مجموعات التعليمات التي توضح كيفية نقل البرامج عبر تلك الرقائق.
ساعدت كفاءة الطاقة التي تتمتع بها تقنية "أرم" لأن تصبح واسعة الانتشار على الهواتف، إذ يمثل عمر البطارية أمراً بالغ الأهمية.
يعمل رينيه هاس، الذي تولى منصب الرئيس التنفيذي لشركة "أرم" العام الماضي، حالياً على التوسع خارج سوق الهواتف الذكية، الذي عانى من الركود في السنوات الأخيرة. ويضع هاس نصب عينيه الحوسبة الأكثر تقدماً، وخاصة شرائح مراكز البيانات وتطبيقات الذكاء الاصطناعي. والمعالجات الخاصة بهذا السوق ضمن الأغلى سعراً وأكثرها ربحية في الصناعة.
اعتمدت شركة"أمازون" رقائق "أرم" لخدمات "أمازون ويب سيرفيسز"، إذ تقول إنها أكثر كفاءة من حيث الطاقة والاقتصاد. ويستخدمها نحو 40 ألف عميل لدى "أمازون ويب سيرفيسز"وهي أكبر مزود للحوسبة عبر الإنترنت.
كيف أثرت طفرة الذكاء الاصطناعي على توقعات نتائج أعمال "إنفيديا"؟
"سوفت بنك" ستظل مالكة لحصة مسيطرة في"أرم"بعد بدء التداول، وفق بيان الإفصاح. استحوذت شركة "سوفت بنك"، ومقرها في طوكيو، على كامل حصة "صندوق رؤية" البالغة 25% في شركة "أرم" مقابل 16.1 مليار دولار. قال بيان الإفصاح إن هذه الصفقة قد لا تكون مؤشراً على سعر سهم "أرم" بعد الطرح. أكد البيان أيضاً أن شركة "أرم" شهدت انخفاضاً في إيراداتها 1% تقريباً خلال سنتها المالية الأخيرة. تراجعت مبيعات الشركة إلى 2.68 مليار دولار للسنة المنتهية في 31 مارس، بحسب الوثيقة.
عملاء "أرم"
ما تزال صناعة الرقائق بشكل عام تواجه تراجعاً في المبيعات، وتفاقم بسبب وفرة المخزون. في وقت تضررت فيه سوق الهواتف الذكية بشدة.
قدمت شركة "كوالكوم"، إحدى أكبر عملاء شركة"أرم"، توقعات مخيبة للآمال خلال الربع الأخير في وقت سابق من هذا الشهر، مما أدى إلى تراجع أسهمها. وشهد هاتف "أيفون" الثمين الذي تنتجه شركة"أبل" تباطؤاً في الطلب.
التوترات مع الصين يمكن أن تلقي بظلالها على أعمال شركة "أرم". حيث أشارت في بيان الإفصاح، إلى قيود التصدير التي تفرضها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة كونها مخاطر، مما يعيق قدرتها على بيع معالج "نيوفيرس"(Neoverse) الخاص بها في الصين.
تخطط شركة "أرم" لتغيير اسمها إلى "أرم هولدنغز" قبل بدء التداول في سوق "ناسداك غلوبال سيليكت ماركت"(Nasdaq (Global Select Market تحت الرمز(ARM).
يؤكد البيان أن البنوك الأربعة الكبرى التي تتولى إدارة الاكتتاب العام، ستعمل بشكل مشترك لإدارة تسجيل الأوامر أو الطلبات خلال الطرح. ذكرت "بلومبرغ" أن البنوك الأربعة ستحصل على حصة متساوية من الرسوم، وهو ما يخالف المعتاد.
في بيان الإفصاح، أطلقت "أرم" على نفسها اسم "شركة الهندسة أولاً"، حيث يركز 4753 من العاملين فيها -أو نحو 80% من الموظفين- على البحث والتصميم والابتكار التقني.
قالت الشركة إنها تمتلك أو تشارك في ملكية نحو 6800 براءة اختراع صادرة ولديها نحو 2700 طلب براءة اختراع معلقة عالمياً. في السنة المالية الماضية، كانت أكثر من 260 شركة تستخدم رقائق "أرم"، بما في ذلك "أمازون" و"ألفابت" و"كوالكوم" و"أدفانسد مايكرو ديفايسز". استمرت الشركة في العمل مع أكبر 10 عملاء لديها -وفق الإيرادات- لأكثر من 20 سنة في المتوسط.
تكنولوجيا متقدمة
مع اجتياح حمى (موجة) الذكاء الاصطناعي صناعة التكنولوجيا، ستحتاج الشركات إلى الرقائق المناسبة لتشغيل البرامج المعقدة.
تقول"أرم"إن كل معالج تصممه سيعمل على تسريع تقنية الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي التي تساعد في تشغيلها.
تقوم معالجات "أرم" فعلياً بتشغيل هذه التقنيات، وبدأت الشركة في إضافة وظائف جديدة لجعل الخوارزميات تعمل بشكل أسرع.
في إطار هذا التوجه، تعمل شركة "أرم"مع "ألفابت" وشركة "كروز" لتطوير السيارات ذاتية القيادة، و"مرسيدس-بنز" و"ميتا" و"إنفيديا" لاستخدام تقنية "أرم" التي يمكنها تشغيل البرامج المستندة إلى الذكاء الاصطناعي.
تأسست "أرم" في عام 1990، بالشراكة بين "أكورن كومبيوترز"(Acorn Computers) و"أبل" و"في إل إس آي تكنولوجي" (VLSI Technology). وأُدرجت في بورصتي "لندن" و"ناسداك" من عام 1998 حتى عام 2016، عندما استحوذت "سوفت بنك"على الشركة مقابل 32 مليار دولار.
حاولت "سوفت بنك" سابقاً بيع "أرم" إلى "إنفيديا" في صفقة مقابل 40 مليار دولار، والتي كان من الممكن أن تصبح أكبر عملية استحواذ في صناعة الرقائق.لكن عملية الشراء واجهت معارضة من جانب الجهات التنظيمية وعملاء شركة "أرم"، وانسحبت"إنفيديا" من الصفقة في العام الماضي. وشرعت "سوفت بنك" في تنفيذ خطتها لإجراء الطرح العام الأولي.
