تكبدت شركة "سامسونغ إلكترونيكس" خسارة قياسية بلغت 3.4 مليار دولار في قسم رقائق الذاكرة الحيوي، لكنها أشارت إلى أنها تتوقع بدء خروج قطاع التكنولوجيا العالمي من حالة الانكماش في وقت لاحق من العام الجاري.
بذلك، تتشارك "سامسونغ" في نظرتها مع شركة "إس كيه هاينكس" (SK Hynix) التي تتوقع أن يشهد الركود الواسع في قطاع التكنولوجيا بعض التراجع في حدته، بعدما طال أكبر الشركات على مستوى العالم، بما في ذلك شركتا "أبل" و"إنتل". فقد ذكرت أكبر شركة إلكترونيات في آسيا اليوم الخميس أنها تتوقع أن يتحسن الطلب تدريجياً في مجموعة من الأسواق، بدءاً من الهواتف الذكية ووصولاً إلى أجهزة الكمبيوتر ووحدات التخزين، إثر تعافي الاقتصادي الصيني وتسارع وتيرة تطور الذكاء الاصطناعي.
ركود عالمي
كانت "سامسونغ" في قلب الركود الذي اجتاح صناعة الذاكرة حول العالم، البالغة قيمتها 160 مليار دولار، ما يُعتبر مؤشراً للتراجع على نطاق أوسع بدأ بعد طفرة نشاط الإنترنت ومبيعات الأجهزة خلال فترة تفشي وباء وباء كوفيد. وقد أدت مخاوف التضخم والركود العام الماضي إلى تراجع سريع للإنفاق الاستهلاكي والتجاري، الذي أضرّ منذ ذلك الحين بمبيعات الإلكترونيات في جميع أنحاء العالم.
أعلنت الشركة، التي تمدّ "أبل" بالرقائق رغم أنها تصنّع أكثر الهواتف الذكية منافسة لجهاز "أيفون"، عن صافي دخل بلغ 1.4 تريليون وون (1.05 مليار دولار)، أي أقل من متوسط تقديرات المحللين عند 1.45 تريليون وون. وتكبّد قسم أشباه الموصلات، وهو الأكبر عموماً، خسارة غير مسبوقة بلغت 4.58 تريليون وون. ولم يطرأ أي تغيير يذكر على أسهم "سامسونغ" في تعاملات بورصة سيؤول.
قال إيلي لي، رئيس وحدة استراتيجية الاستثمار في "بنك أوف سنغافورة" (Bank of Singapore): "يُحتمل أن يكون قطاع رقائق الذاكرة قد تجاوز أسوأ فترات ضعف الطلب خلال الربع الأول.. ستواصل مبيعات الذاكرة المتطورة دعم بؤر الطلب، لا سيما خلال النصف الثاني من العام الجاري، جراء إصدار الهواتف الذكية الجديدة، وزيادة الطلب على الذكاء الاصطناعي".
انخفاض تاريخي في أرباح "سامسونغ" وتزايد التوقعات بخفض إنفاقها
تعتزم "سامسونغ" الاستمرار في الاستثمار خلال 2023 في رقائق الذاكرة بالمستوى ذاته الذي شهده العام الماضي تقريباً، لأنها تسعى إلى تأمين قدرتها التنافسية على المدى الطويل. ويأتي ذلك رغم التعهد بخفض "كبير" في إنتاج أشباه الموصلات، وهو التخفيض الرامي إلى تحقيق الاستقرار في أسعار الرقائق المتهاوية. وكانت الشركة الكورية الجنوبية تستهدف على مدى تاريخها الاستمرار في الإنفاق طوال فترات الركود لحماية مكانتها الرائدة.
تفاؤل بالمستقبل
أنعش هذه التحرك غير المعتاد، الذي صاحب توقعات أكثر تفاؤلاً بشأن الطلب على الكمبيوتر الشخصي والهواتف، الآمال في أن القطاع سينتعش من أدنى مستوياته خلال العام الجاري. ارتفعت أسعار الذاكرة بالعقود الفورية للمرة الأولى منذ 13 شهراً، بعد وقت وجيز من إعلان "سامسونغ".
عززت "هاينكس" هذا التفاؤل بعد إعلانها عن تراجع في الإيرادات لم يكن بالسوء الذي كان متوقعاً، مشيرة إلى أنها تتوقع بلوغ أسعار الذاكرة أدنى مستوياتها خلال الربع الحالي. وقد كشفت شركة "مايكرون تكنولوجي"، أكبر شركة أميركية لتصنيع رقائق الذاكرة، عن أن مخزونات العملاء آخذة في الهبوط.
حققت "سامسونغ" أقل أرباح تشغيلية منذ عام 2009 قبل بضعة أسابيع فقط. قد يعتمد أي تعافٍ مستدام في الوقت الراهن على التعافي الاقتصادي الصيني، أكبر سوق حول العالم لأجهزة الكمبيوتر والهواتف الذكية. كان هذا التعافي غير منتظم، لكنه يزداد زخماً.
أميركا تدعو أوروبا إلى مواجهة الصين في صناعة الرقائق
ذكرت "سامسونغ" في بيانها أنها تتوقع نمو سوق الهواتف الذكية من حيث الحجم والقيمة خلال النصف الثاني من العام الجاري، في ظل مؤشرات على تعافٍ اقتصادي على مستوى العالم".
واصلت "سامسونغ" تحقيق الأرباح خلال الربع المنتهي خلال مارس جزئياً، نظراً إلى أن سلسلة هواتفها الجديدة "غلاكسي إس 23" خالفت اتجاهات الركود العام في سوق الهواتف الذكية. وسجّل قسم الهاتف المحمول أرباحاً تشغيلية بلغت 3.9 تريليون وون في الربع الماضي.
الحرب التجارية
على المدى البعيد، لا يزال المستثمرون متأثرين بشدة بطريقة تأثير التوتر بين الولايات المتحدة الأميركية والصين على القطاع. أطلقت بكين مراجعة لرقائق "مايكرون" خلال مارس الماضي، ما أثار مخاوف إزاء رد فعل عنيف تجاه الشركات الأميركية، وربما حلفاء الولايات المتحدة. تعتبر الصين من بين أكبر وجهات التصدير الكورية، وهي سوق أساسية، علاوة على أنها قاعدة إنتاج لشركتي "سامسونغ" و"هاينكس".
يزور الرئيس الكوري الجنوبي يون سوك يول العاصمة الأميركية هذا الأسبوع، إذ تركز المناقشات غالباً على دور كوريا في تطبيق القيود الأميركية على الصادرات إلى الصين، في إطار جهود واشنطن لكبح منافستها السياسية. مع الإشارة إلى أن حظر شحنات معدات صناعة الرقائق يهدد بتقليص العمليات التشغيلية لصناعة الذاكرة لدى "سامسونغ" في الصين.
كشف مسؤولون تنفيذيون اليوم الخميس أنهم يتفاوضون مع واشنطن حول حواجز الحماية الخاصة بقانون الرقائق والعلوم الأميركي، الذي يقيد الشركات التي تحصل على أموال فيدرالية من القيام بتوسعات معينة في الصين.
أكد بن سوه، رئيس علاقات المستثمرين في "سامسونغ": "ستجمع الولايات المتحدة الأميركية الآراء وردود أفعال القطاع، وستتفاوض أيضاً مع الشركات بطريقة فردية، كما ندرس مختلف الاحتمالات والسيناريوهات، وسنستمر في جهود الحد من المخاطر الجيوسياسية على أعمالنا".