تشن شركات التكنولوجيا الكبرى حملة تهدف إلى الحد من قيام أجهزة الاستخبارات الأميركية بجمع واستعراض النصوص ورسائل البريد الإلكتروني ومعلومات أخرى حول مستخدمي منتجاتها، وخاصة من المواطنين الأميركيين.
تريد الشركات، بما فيها "غوغل" التابعة لشركة "ألفابت" و"ميتا بلاتفورمز" و"أبل"، من الكونغرس أن يحد من تطبيق القسم 702 من "قانون مراقبة الاستخبارات الأجنبية"، وهو يعمل على تجديد القانون قبل انتهاء مدته في نهاية العام، وفقاً لثلاثة أشخاص مطلعين على المناقشات.
هناك إجماع متزايد من جانب الحزبين في الكونغرس ليس فقط على ضرورة تجديد القانون، بل وعلى إجراء تعديلات تستجيب لسلسلة من التقارير والمراجعات الداخلية التي توثق عدداً من الانتهاكات. وأدى ذلك إلى تفاؤل قطاع التكنولوجيا بإمكانية تمرير الكونغرس إصلاحات واسعة هذه المرة، وفقاً لاثنين من أعضاء جماعات الضغط طلبا عدم الكشف عن هويتيهما بسبب الحديث عن مناقشات داخلية.
يمنح القانون، الذي أقره الكونجرس في عام 2008 رداً على الكشف عن عمليات تجسس غير مصرح بها على مواطنين أميركيين من قبل إدارة بوش، سلطات واسعة تعرضت لانتقادات على مر السنين لأسباب مختلفة. وتعتقد جماعات الحريات المدنية أن هناك حاجة إلى مزيد من حماية الخصوصية. ويزعم الرئيس السابق دونالد ترامب وحلفاؤه أن سلطات التجسس تمكن أجهزة الاستخبارات من التآمر ضد المحافظين.
قال مات شرورز، رئيس منظمة قطاع التكنولوجيا المعروفة باسم "جمعية صناعة الكمبيوتر والاتصالات" (CCIA): "نحن نحتاج إلى إصلاحات لضمان عمل برامج مراقبة الشبكة ضمن الحدود الدستورية وحماية حقوق المستخدمين الأميركيين، من خلال الشفافية والرقابة والمساءلة المناسبة"، وتضم الجمعية في عضويتها شركة "أبل" و"غوغل" و"ميتا" و"أمازون".
قانون لا غني عنه
تقول أجهزة الاستخبارات أن القسم "702" أداة أساسية لا غني عنها، وقد توصلت باستخدامه إلى معلومات مهمة عن أنشطة تجسس وقرصنة من بلدان مثل الصين، وساهم في ضربة ناجحة بطائرة بدون طيار قتلت زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري في العام الماضي.
"FBI" يحذّر الشركات الغربية من "نهب" الصين لاختراعاتها
يسمح القسم 702 لهذه الأجهزة بإجبار الشركات دون أمر قضائي على تقديم الاتصالات وسجلات الهاتف وغيرها من البيانات في تحقيقات الأمن القومي التي تستهدف غير الأميركيين الذين يعيشون خارج البلاد، حتى وإن كانت تلك الاتصالات مع مواطنين أميركيين. وتحفظ المعلومات في قاعدة بيانات يستطيع المحللون الاطلاع عليها لإجراء التحقيقات المصرح بها ولها أغراض استخباراتية خارجية.
بدأ أعضاء بارزون في المجلس التشريعي ومسؤولو الأمن القومي من إدارة الرئيس جو بايدن الحديث عن التعديلات التي ربما يمكن إقرارها.
شركات وسائل التواصل الاجتماعي وشركات التكنولوجيا لديها حافز اقتصادي لوضع قيود على ما يمكن للحكومة إجبارها على القيام به، حيث تعرضت علاقتها مع الأجهزة الأميركية لانتقادات بعد أن كشف متعاقد حكومي سابق هو إدوارد سنودن عن مدى ضخامة جهاز التجسس العالمي أثناء إدارة الرئيس أوباما.
تريد شركات التكنولوجيا وجماعات الضغط التابعة لها أن تستطيع الكشف علانية عن مزيد من المعلومات تتعلق بعدد المرات التي تطلب فيها الحكومة معلومات حول مستخدميها وعملائها ونوع البيانات التي تجبر على تسليمها. وتريد أيضاً تقييد قدرة الحكومة على استخدام المعلومات، مثل مطالبة مكتب التحقيقات الفيدرالي بالحصول على أمر قضائي موضح به سبب مقبول قبل البحث في قاعدة بيانات القسم 702 للحصول على معلومات عن المواطنين الأميركيين.
قال مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي كريستوفر راي خلال جلسات الاستماع الأخيرة في الكونغرس إن عدد المرات التي فتّش فيها محللو المكتب في قاعدة بيانات القسم 702 عن معلومات تتعلق بأفراد الشعب الأميركي انخفض بنسبة 93% في عام 2022 مقارنة بعام 2021.
رفض عمليات التفتيش
انخفض عدد عمليات تفتيش وفحص معلومات قاعدة البيانات بشكل عام، من حوالي 3.4 مليون في عام 2021 إلى حوالي 204000 في عام 2022، وفق تصريحات مسؤول في مكتب التحقيقات الفيدرالي طلب عدم الكشف عن هويته لأن الإحصاءات الجديدة ليست رسمية بعد.
قال المسؤول إن ذلك يرجع إلى حد كبير إلى الإصلاحات التي أجراها مكتب التحقيقات الفيدرالي منذ عام 2021، بما في ذلك إلزام المحللين "بالاشتراك طوعاً" حتى يتمكنوا من البحث في قاعدة بيانات القسم 702. وفي السابق، كان يتم تضمين قاعدة البيانات في عمليات البحث تلقائياً، حتى عندما لم يكن المحللون يرغبون في الاطلاع عليها.
تعتزم الشركة العمل بصورة أساسية من خلال تحالف "إصلاح المراقبة الحكومية"، الذي تأسس في عام 2014، ويمثل هذا التحالف، الذي يضم كبرى شركات التكنولوجيا، تشاد تانر، من مؤسسة "مونيومنت أدفوكاسي" (Monument Advocacy)، وهي إحدى جماعات الضغط التي تركز على قطاع التكنولوجيا والأمن السيبراني.
انضم تانر، وهو مدافع جيد عن هذا القطاع، إلى مؤسسة "مونيومنت" العام الماضي بعد أن عمل موظفاً في "لجنة الاستخبارات بمجلس الشيوخ" لأكثر من 10 سنوات.
ومن المفارقات أن استخدام النقد اللاذع المحافظ قد يوفر الحافز الضروري لوضع ضوابط قانونية جديدة على سلطات التجسس هذا العام.
قال النائب دارين لحود، وهو جمهوري من إلينوي، خلال جلسة استماع لـ"لجنة الاستخبارات في مجلس النواب"، في 9 مارس: "أعتقد أن إعادة إقرار القسم "702" تشريعياً ليست ممكنة، يجب أن تقر أولاً بوجود مشكلة قبل أن نتمكن من صياغة إصلاحات ذات مغزى لإعادة بناء الثقة في عملية قانون مراقبة الاستخبارات الأجنبية".
وقال لحود إنه يعتقد أن اسمه تم الاستعلام عنه بشكل غير ملائم عدة مرات من قبل محللي مكتب التحقيقات الفيدرالي الذين يتفحصون البيانات التي جمعت بموجب هذه السلطة.
ورحبت النائبة براميلا جايابال، وهي ديمقراطية من واشنطن، ببيان لحود. وقالت: "يجب أن ننتهز هذه الفرصة لإصلاح القسم 702 وإصلاح نظام حماية الخصوصية للأميركيين".