قد يكون إصلاح السيارات أمراً مليئاً بالتحديات في الصين، حيث تسود احتمالات نشوب خلافات بشأن جودة القطع والخدمات في ظل سيطرة الورش الصغيرة، لكن صناعة خدمات ما بعد البيع للسيارات تتغير مع تقدم السيارات في العمر وزيادة حماس المالكين، ما يخلق فرصة هائلة للشركات التي تحاول رفع مستواها باستخدام التكنولوجيا.
وتبرز شركة "شنغهاي لانتو إنفورميشن تكنولوجي هولدينغز" أو "توهو" من بين هذه الشركات، التي أصبحت تحظى ببعض الدعم الملحوظ من "غولدمان ساكس" و"كارلايل غروب" و"سيكويا كابيتال" إلى جانب عملاق الإنترنت "تينسينت" (Tencent). وتقدر قيمة الشركة بنحو 4 مليارات دولار، وتعمل كموزع رئيسي لقطع السيارات وكأكبر مزود لخدمات صيانة السيارات عبر الإنترنت في الصين، وفقاً لما قاله مؤسسها شين مين.
مفهوم جديد للصيانة
يقول شين إن "توهو" تستخدم منهجية جديدة بشأن مفهوم إصلاح السيارات في الصين من خلال 2400 امتياز لديها و13 ألف ورشة إصلاح شريكة. وعلى عكس الكثير من ورشات إصلاح السيارات الفردية أو العائلية في البلاد، فإن مراكز "توهو" تحمل نفس التصميمات، وتستخدم تقسيمات متشابهة وشعار الشركة باللونين الأبيض والأحمر، ويرتدي موظفوها زياً موحداً. يعد هذا المعيار العالمي مهماً بالنسبة لشين الذي يبلغ من العمر 39 عاماً، حيث يربط بين هذا التصميم، وبين ما يتوقعه العملاء من مكان مثل "ستاربكس".
وقال شين في مقابلة أجريت معه في 20 يناير إنه: "عندما يقوم العملاء بصيانة سياراتهم، فإننا نأمل أن يكون الأمر بنفس بساطة الذهاب إلى "ستاربكس" لشراء كوب من القهوة. لا يهم النوع، أو حجم الكوب كبير، أم متوسط، أم صغير، لكنهم يحصلون على ما يطلبونه دون القلق بشأن التكلفة. يجب أن نقدم أسعاراً معقولة للغاية".
وتحصل "توهو" على 426 يوان (66 دولار) مقابل الصيانة الروتينية لسيارة "دودج" 2.7 ليتر الرياضية، وفقاً لما يظهره موقع الشركة الإلكتروني، وهو ما يعد أرخص بـ 20% من الخدمة نفسها التي يقدمها توكيل "دودج".
زيادة 3 أضعاف في 10 سنوات
وتضاعفت ملكية السيارات في الصين بأكثر من ثلاث مرات خلال العقد الماضي لتصل إلى 281 مليون سيارة مع نهاية عام 2020، وفقاً للبيانات الحكومية، ما يضعها على مسار التفوق على الولايات المتحدة كأضخم سوق للسيارات في هذا العام من ناحية عدد السيارات التي تم شراؤها. وهو ما يعني أيضاً أن العمر الافتراضي للمركبات المستخدمة يزداد. وتتوقع "ديلويت أند توش" أن عائدات سوق صيانة السيارات في الصين، والتي تتضمن مبيعات قطع الغيار، سترتفع إلى 1.7 تريليون يوان في العام بحلول عام 2025، أي حوالي ضعف الرقم المسجل في عام 2015.
وتحتدم المنافسة مع دخول شركات تحظى بداعمين أثرياء إلى تلك السوق المفتتة وتفوقهم على اللاعبين الأصغر المستقلين غير الكفء. وبالتالي فإن الصين أكثر شبهاً بالدول الغربية حيث يعمل جميع مزودي خدمات ما بعد البيع المعروفون من أمثال "أوتوزون" (Autozone) و"أوريلي أوتوموتيف" (O’Reilly Automotive) أو "هالفورد غروب" (Halfords Group) في المملكة المتحدة الذين لديهم شبكات ضخمة وعلامات تجارية معروفة.
لاعبون جدد على الطريق
ومع تقدم أعمار السيارات، أصبح هناك طلب متزايد على خدمات الصيانة القياسية التي توفرها شركات مثل "توهو" عبر الإنترنت وفي مراكزها على أرض الواقع"، حسبما قال الأمين العام لرابطة سيارات الركاب الصينية "شوي دونغشو" في مقابلة عبر الهاتف، مضيفا: "هناك شركات أخرى مثل "جي دي دوت كوم" (JD.com) التي تريد أيضاً اقتناص الفرصة دخلت هي الأخرى إلى اللعبة".
ومن بين الشركات الأخرى هناك "نيو كارزون" (New Carzone) التي من بين داعميها "علي بابا غروب" و"غولدمان ساكس" و"واربيرغ بينكوس" (Warburg Pincus)، والتي تقول إنها "في موقع جيد لتوسيع شبكتها في البلاد وتمكين مزودي خدمات ما بعد السوق المستقلين في الصين".
وتمتلك "توهو" منصة إلكترونية وقاعدة بيانات يمكن استخدامها لإيجاد قطع الغيار، وتقديم الطلبات وحجز المواعيد لإجراء الإصلاح. ووفقاً لشين، فإن أداة تعقب المخزون تتتبع حوالي 100 ألف قطعة موزعة على حوالي 500 مستودع، وهي تساعد في ضبط إدارة المخزون وتسمح للعملاء بمعرفة ما إذا كانوا سيحصلون على القطع الجديدة ومتى وأين.
وقال شين، الذي عمل لصالح مشروع "مايكروسوفت" للبرمجيات في الصين وشركة "إتش بي" قبل أن يؤسس "توهو" في عام 2011 إن: "هناك سوقا كبيرة لخدمات السيارات في الصين ولهذا أسست هذه الشركة. بدأ الكثيرون من زملائي مسيرتهم المهنية كمبرمجين، ونحن نؤمن أن الرقمنة والإنترنت ستأتيان بالتغيير إلى صناعات ومجتمعات عديدة".
ومن المفترض أن تزداد عائدات "توهو" هذا العام بنسبة 50% على الأقل من 10 مليارات يوان المسجلة في العام الماضي، وفقاً لشين، وتخطط الشركة لإضافة حوالي 1400 متجر مرخص، موضحا أن هناك نقاشات أيضاً حول اكتتاب عام أولي دون أن يفصح عن المزيد من التفاصيل.