هوت أسهم شركة "تسلا" (.Tesla Inc) حتى الآن بسرعة كبيرة، لدرجة أن بعض المستثمرين الأفراد يكدّسون المزيد منها، مراهنين على احتمال ارتفاع هذه الأسهم مجدداً، والتي كانت يوماً ما الأعلى قيمة في "وول ستريت".
لكن صائدي الصفقات المحتملين، قد يرغبون في نظرة أكثر عمقاً إلى هذه الأسهم.
حتى بعد انخفاضها القياسي بـ65% هذا العام، فإن الارتفاع الكبير الذي سجلته أسهم شركة صناعة السيارات الكهربائية خلال عامي 2020 و2021، وصل بقيمتها السوقية إلى 389 مليار دولار، أي أعلى من القيمة السوقية المجمعة لكل من "تويوتا" و"جنرال موتورز" و"ستيلانتيس" و"فورد".
من حيث الأرباح المتوقعة، لا تزال أسهم "تسلا" تُتداول عند تقييم أعلى مقارنة بمعظم عمالقة التكنولوجيا الرئيسيين، ما يدل على توقعات بأن الشركة ستحقق النمو السريع الذي وعد به الرئيس التنفيذي إيلون ماسك، والذي قال إن شركته ستهيمن على الصناعة في السنوات المقبلة.
على الرغم من ذلك، تواجه الشركة على المدى القصير تحديات متزايدة، بما في ذلك ارتفاع التكاليف وتهديدات المنافسة وخطر أن يؤدي الركود إلى تباطؤ في الطلب. وفي الوقت ذاته، تشتت انتباه ماسك بسبب استحواذه على "تويتر"، وهي صفقة خيّمت بظلالها على الأسهم، بسبب تكهنات بأنه يمكن أن يبيع المزيد من أسهم "تسلا" للمحافظة على شركة التواصل الاجتماعي الخاسرة، كما يمكن أن ينصرف اهتمامه بعيداً عن إدارة شركة صناعة السيارات.
قالت كاثرين فاديس، كبيرة مديري المحافظ في "فيرنوود إنفستمنت مانجمنت" (Fernwood Investment Management): "اعتُبرت (تسلا) من الأسهم المثالية، ولكن من الصعب تحقيق المثالية. الناس يسألون أنفسهم، ما المبرر تحديداً الذي يجعل السهم يُتداول بهذا القدر من العلاوة؟".
مخاوف تؤجج عمليات بيع كبيرة
أجّجت هذه المخاوف عمليات بيع كبيرة لأسهم "تسلا"، دفعتها للانخفاض بأكثر من 36% في ديسمبر، وهو أكبر تراجع شهري منذ الطرح العام الأولي في عام 2010. حقق ذلك مكاسب مفاجئة للبائعين على المكشوف الذين راهنوا على تراجع السهم بعد عامين من الارتفاع وصلت معه مكاسبها إلى 1,163% بنهاية عام 2021.
لا يزال من المتوقع أن تشكّل السيارات الكهربائية مستقبل صناعة السيارات عالمياً. لكن التوقعات قصيرة المدى بشأن "تسلا"، خيّم عليها مسار الاقتصاد وعدد من العوامل، مثل ارتفاع تكلفة المواد الخام المستخدمة في البطاريات. أدى ذلك إلى رفع الشركة أسعار سياراتها في 2022، في الوقت الذي كان فيه المستهلكون يواجهون التضخم السريع وأسعار الفائدة المرتفعة. بادرت "تسلا" إلى تصفية المخزون لديها من خلال تقديم خصم استثنائي بقيمة 7500 دولار للعملاء الذين تسلموا سياراتهم بحلول نهاية العام، وهو ما يضاهي فعلياً الدعم الفيدرالي المحتمل الذي يبدأ في عام 2023.
تواجه الشركة أيضاً تهديداً تنافسياً متزايداً من شركات صناعة السيارات الكبرى التي من المقرر أن تغمر السوق بعدد كبير من المركبات الكهربائية الجديدة خلال السنوات القليلة المقبلة.
على الرغم من ذلك، فإن سوق الأسهم لا تزال تأخذ في الحسبان أن "تسلا" ستواصل تحقيق نمو سريع، في الوقت الذي لا يزال محللو شركات الوساطة أكثر إيجابية على نطاق واسع تجاه الشركة، وبشكل أكبر مما كانوا عليه قبل عام، عندما أوصى 29% منهم ببيع السهم لأن قيمته كانت تتجاوز 350 دولاراً، وفقاً لبيانات جمعتها "بلومبرغ". أما اليوم، فإن 11% فقط منهم يوصون بذلك، بعد أن انخفض السهم إلى نحو 123 دولاراً.
تُتداول أسهم "تسلا" بأكثر من 24 ضعف أرباحها المقدرة لمدة 12 شهراً، في الوقت التي تُتداول أسهم "جنرال موتورز" و"فورد" عند مستوى بين 5 و6 أضعاف. يعكس هذا مدى السرعة التي من المتوقع أن تزداد بها مبيعات "تسلا" في السنوات المقبلة، في حين أن إيرادات "جنرال موتورز" و"فورد" لعام 2023 من المتوقع أن تنمو بمعدلات منخفضة وبأرقام من خانة واحدة، فيما يتوقع المحللون نمو "تسلا" بـ36%.
تحديات تراجع الطلب
على الرغم من أنباء خصومات نهاية العام، ازدادت المخاوف من أن الشركة قد تواجه تحديات في ظل تراجع الطلب في الأسابيع الأخيرة، والتوقف المؤقت للإنتاج بمصنعها في الصين.
قالت إيفانا ديليفسكا، كبيرة مسؤولي الاستثمار في شركة "سبير إنفست" (SPEAR Invest): "هناك مخاطر على كل من التسعير والحجم بالنسبة إلى (تسلا). تشير تقديرات المحللين إلى أن الحجم سينمو 50%، وذلك وسط بيئة تهيمن فيها مسألة تحمل التكاليف على تركيز المستهلك".
مع تراجع أسهم "تسلا" مؤخراً، خفض بعض المحللين أهدافهم السعرية لـ12 شهراً، ما يخفض متوسط السعر بنسبة 13% إلى 247 دولاراً. كان آدم جوناس، المحلل في "مورغان ستانلي" من بين هؤلاء، حيث خفض توصيته لسعر الشراء من 330 دولاراً إلى 250 دولاراً.
لكن، شأنه شأن أولئك الذين كانوا يوصون بالشراء في هذا الانخفاض الأخير، ظل جوناس متفائلاً إزاء السهم، وأبقى على وزنه الزائد في محفظته. يشير هدفه لسعر السهم إلى أنه قد يرتفع بأكثر من الضعف خلال 2023.