قد تؤدي الاضطرابات في مركز التصنيع الرئيسي لشركة "أبل" في مدينة تشنغتشو إلى نقص يقارب 6 ملايين وحدة من إنتاج هواتف "أيفون برو" العام الجاري، حسب شخص مطلع على عمليات التجميع.
قال الشخص الذي طلب عدم ذكر اسمه، نظراً إلى سرية المعلومات، إنّ الوضع لا يزال غير مستقر في المصنع، وقد يتغير تقدير خسارة الإنتاج. أمور كثيرة تتوقف على مدى السرعة التي تتحرك بها "فوكسكون تكنولوجي غروب"، الشركة التايوانية التي تدير المنشأة، لإعادة العاملين إلى خطوط التجميع بعد احتجاجات عنيفة ضد قيود كوفيد. إذا استمرّ الإغلاق في الأسابيع المقبلة فقد يتراجع الإنتاج بشكل أكبر.
انخفضت أسهم "أبل" بنسبة 2.3% إلى 144.74 دولار في نيويورك يوم الاثنين، وانخفضت أسهم الشركة بنسبة 17% خلال العام الجاري حتى نهاية الأسبوع الماضي.
فرار الموظفين
عانى المصنع الواقع في تشنغتشو من عمليات الإغلاق واضطرابات العمال لأسابيع بعد أن تركت عدوى كوفيد "فوكسكون" والحكومة المحلية تكافح لاحتواء تفشي الوباء. فر آلاف الموظفين في أكتوبر بعد نقص حادّ في الأغذية ليحل محلهم موظفون جدد ثاروا ضد الأجور وممارسات الحجر الصحي.
تنتج منشأة "فوكسكون" الغالبية العظمى من أجهزة "أيفون 14 برو" و"أيفون 14 برو ماكس"، وهي أجهزة "أبل" الأكثر طلباً هذا العام مقابل تراجع الطلب على موديلات "أيفون 14" العادية. أفادت "بلومبرغ نيوز" أن "أبل" خفضت هدفها الإجمالي للإنتاج إلى نحو 87 مليون وحدة مقارنة بالتوقعات السابقة البالغة 90 مليون وحدة.
قال الشخص إنّ "أبل" و"فوكسكون" زادتا تقديراتهما للنقص في تشنغتشو خلال الأسبوعين الماضيين نظراً إلى الاضطرابات المتزايدة، متوقعتين أن تكونا قادرتين على تعويض خسائر الإنتاج المقدرة بـ6 ملايين وحدة في عام 2023.
عن ذلك قال أنشل ساغ، من "مور إنسايتس أند استراتيجي" (Moor Insights & Strategy): "إنّ هذا الأمر يوضح أن الجميع، حتى (أبل)، عرضة لقيود سلاسل التوريد في الصين بسبب وباء كوفيد".
العجز، وهو تراجع كبير في عملية تقتضي إنتاج عشرات الملايين من أجهزة "أيفون" قبل ذروة موسم العطلات، يأتي ضمن توقعات المحللين الأكثر تشاؤماً. قدر محللو "مورغان ستانلي" بداية نوفمبر الجاري نقص موديلات "أيفون برو" بنحو 6 ملايين وحدة خلال العام الجاري، رغم أن هذه التوقعات جاءت قبل اندلاع الاحتجاجات في تشنغتشو الأسبوع الماضي.
لم تستجب "أبل" و"فوكسكون" على الفور لطلبات التعليق.
تُعَدّ الاضطرابات في مدينة "أيفون"، وهو اسم يشتهر به مجمع تشنغتشو، تذكيراً قوياً بالمخاطر التي تتعرض لها "أبل" من سلاسل التوريد الهائلة في الصين. "فوكسكون" سعت إلى قمع الاحتجاجات من خلال إجراء تعيينات جديدة في تشنغتشو ورفض ضوابط كوفيد المرهقة، فضلاً عن تقديم مكافأة لأي عامل يختار العودة إلى دياره. وخلال عطلة نهاية الأسبوع، أضافت "فوكسكون" مكافأة تصل إلى 1800 دولار شهرياً للموظفين العاملين بدوام كامل والمقيمين في المصنع في ديسمبر ويناير.
الاحتجاجات الواضحة وغير العادية في تشنغتشو فاقمت بيئة الأعمال المليئة بالتحديات بالفعل. جدير بالذكر أن المجمع الهائل الحجم يستقبل ما يصل إلى 200 ألف عامل خلال ذروة موسم إنتاج "أيفون". وتفيد التقارير بأن أكثر من 20 ألف موظف جديد غادر بعد الاحتجاجات.
قال شخص آخر مطلع على أعمال التجميع إنّ مغادرة العمال الجدد ليست عاملاً مؤثراً في الإنتاج بقدر الحجر الصحي المفروض على الموظفين الحاليين الذين يتمتعون بخبرة ومهارات.
تعمل "فوكسكون" بنشاط على توظيف موظفين إضافيين بمساعدة المسؤولين الحكوميين. تتمتع الشركة التايوانية، أكبر جهة توظيف في القطاع الخاص بالصين، بأعوام من الخبرة في توظيف عشرات الآلاف من موظفي التجميع، خصوصاً خلال موسم الذروة.
قالت "أبل" و"فوكسكون"، المعروفة أيضاً باسم "هون هاي بريسيجن إندستري" (Hon Hai Precision Industry)، بداية الشهر الجاري إنّ شحنات أحدث هواتف "أيفون" الرائدة ستكون أقل مما كان متوقعاً في السابق، نظراً إلى عمليات الإغلاق في الصين، دون تقديم أي تفاصيل أخرى.
محللو "مورغان ستانلي" وضعوا رؤيتهم وفقاً لأسوأ سيناريو بالنسبة إلى شركتَي "أبل" و"فوكسكون"، الذي لن تتمكن منشأة تشنغتشو خلاله من شحن أي أجهزة "أيفون" لبقية العام. كتب محللون بقيادة شارون شيه في مذكرة بحثية بتاريخ 7 نوفمبر أن هذا الأمر سيؤدي إلى تراجع نسبته 20% في المبيعات المتوقعة لشركة "هون هاي" في الربع الحالي.
قال أمير أنفارزاده، المحلل في شركة "أسيميتريك أدفايزرز" (Asymmetric Advisors)، إنّ تلقي ضربة من سياسات الصين المتبعة للسيطرة على كوفيد لن تساعد "أبل" و"فوكسكون"، لكنها قد تشجعهم على البحث عن مواقع تصنيع بديلة، مثل الهند وفيتنام. وأوضح أن هذا الأمر "سيجبر (أبل) على تسريع تنويع قاعدة إنتاجها".