عندما أُتيحت الشبكة العنكبوتية العالمية للاستخدام العام في 1991، أعلن المتحمسون لها عن انطلاق حقبة جديدة من حرية التعبير غير الخاضعة للرقابة. كان ذلك قبل إثبات الإنترنت بوجه عام، ومنصات التواصل الاجتماعي بشكل خاص، أنها أماكن فعالة لنشر بيانات مغلوطة حول أمور مهمة مثل كوفيد- 19 واللقاحات والمعلومات المضللة (أو بمعنى أصح الأكاذيب المتعمدة) حول السياسة والانتخابات، بالإضافة إلى جميع نظريات المؤامرة وخطاب الكراهية. كما واجهت وسائل التواصل الاجتماعي تدقيقاً هائلاً بشأن نوع المحتوى الذي تمنعه، والآخر الذي تُضخمه. وتلعب المحكمة العليا الأميركية دوراً في هذا التدقيق كذلك.
1 - هل يوجد حق دستوري ينظم حرية التعبير على الإنترنت؟
لا، فالتعديل الأول للدستور الأميركي يحظر الرقابة من قبل الحكومة، ولكن ليس الرقابة من قبل الشركات الخاصة. بل في الواقع، فإن الصحف، وناشري الكتب، ومحطات التلفزيون، وشركات منصات التجمع عبر الإنترنت مثل "تويتر" و"فيسبوك" تتمتع بحماية دستورية لتقرير ما يجب تعديله ومنعه. ويمنح القسم 230 من قانون آداب الاتصالات لعام 1996 حماية واسعة من أنواع المسؤولية التي يواجهها الناشرون تقليدياً عن المحتوى التشهيري، إلى جانب مساحة واسعة لإدارة المناقشات وإزالة المنشورات أو تركها دون المساس بها.
2 - ما دور المحكمة العليا؟
اختارت المحكمة النظر في قضيتين تتحديان ما إذا كانت الحصانة المكفولة بموجب المادة 230 تحمي شركات وسائل التواصل الاجتماعي من المقاضاة لاستضافتها والتوصية بمحتوى متعلق بالإرهاب.
3 - كيف تدير شركات التواصل الاجتماعي المحتوى؟
تزيل مواقع "فيسبوك" و"تويتر" و"إنسغرام" و"يوتيوب" بشكل روتيني المنشورات التي يعتبرون أنها تنتهك المعايير المتعلقة بالعنف والمحتوى الجنسي والخصوصية والتحرش وانتحال الهوية وإيذاء النفس وغيرها من المخاوف. تحدث معظم هذه الإجراءات تلقائياً، من خلال القرارات التي يتخذها الذكاء الاصطناعي. (أدى ذلك إلى شكاوى من الإفراط في التنفيذ، أو إزالة المحتوى الذي ربما لم ينتهك القواعد). عقدت "غوغل" و"فيسبوك" التابعة لـ"ميتا بلاتفورمز" شراكات مع أطراف خارجية للتدقيق في الحقائق، وفحص المنشورات والأخبار التي قد تكون مشبوهة .
اقرأ أيضاً: منصات التواصل الاجتماعي تخسر أكثر من 100 مليار دولار من قيمتها السوقية
يصنف "تويتر" بعض المنشورات التي تحتوي على ادعاءات مضللة أو متنازع عليها في فئات معينة، مثل: "كوفيد- 19" أو الانتخابات. وفي حالات نادرة، تحظر المنصات المستخدمين، مثل المحرض الإذاعي أليكس جونز، الذي تمت إزالة حساباته من "فيسبوك" و"تويتر" و"يوتيوب" و"أبل" بسبب الانخراط في خطاب يحض على الكراهية. كما جُمدت حسابات الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب على "فيسبوك" و"تويتر" بعد أحداث الشغب التي قام بها مؤيدوه في 6 يناير الماضي بمبنى الكابيتول هيل الأميركي، حيث منع "تويتر" حسابه نهائياً؛ فيما يقول "فيسبوك" إنه قد يعيد حسابه في 2023 إذا تراجعت "المخاطر على السلامة العامة".
4 - من يشعر بعدم الرضا عن هذا؟
الكثير من الناس. أدت الانتخابات الرئاسية لعام 2016، عندما استخدم ترمب "تويتر" كمنبر أساسي، إلى سيل من الانتقادات لمنصات التواصل الاجتماعي حول ما اعتبره الكثيرون تسييساً لخدمة أغراض السياسيين. زادت وتيرة هذا النقد عندما استخدم ترمب –كرئيس- موقع "تويتر" لإصدار التهديدات، والسخرية من المعارضين، والتلاعب بالحقائق. (وجد باحثو جامعة كورنيل أن ترمب "كان على الأرجح المحرك الأكبر" للمعلومات المضللة حول الوباء).
طالع أيضاً: إنفوغراف.. منصات التواصل الاجتماعي ساحة موازية لحرب روسيا
كما أدان ترمب نفسه وسائل التواصل الاجتماعي "لقمع أصوات المحافظين، وإخفاء المعلومات، وعدم نشر الأخبار الجيدة". وأطلق منصته الخاصة تحت اسم "تروث سوشيال" (Truth Social) لكنها تعثرت.
أيضاً فإن إيلون ماسك، الرئيس التنفيذي لشركة "تسلا" والذي يصف نفسه بـ "رائد حرية التعبير"، كان غاضباً جداً من القيود المفروضة لدرجة أنه شرع في صفقة لشراء شركة "تويتر" لكنه يحاول إلغاءها الآن.
قدمت فرانسيس هوغن، التي عملت مديرة إنتاج على "فيسبوك" لما يقرب من عامين، مادة خصبة جديدة للنقاد عندما تصدرت المشهد كمبلغة عن المخالفات في 2021. وزعمت أن "فيسبوك" عدل خوارزمية الملكية الخاصة به في 2018 بطريقة عززت مشاهدات المحتوى الضار والمثير للجدل والمعارض الذي يثير السخط والغضب بين القراء، مما يؤدي إلى مزيد من التفاعل مع الخدمة.
5 - كيف تتعامل الدول الأخرى مع هذه المشكلة؟
في الصين وروسيا ودول أخرى خاضعة للحكم الاستبدادي، تراقب الحكومات الإنترنت بشكل حثيث، بما في ذلك حظر أو تقييد الوصول إلى مواقع التواصل الاجتماعي المملوكة لشركات أميركية. تتحرك بعض الديمقراطيات بشكل أسرع من الولايات المتحدة لتطبيق قواعد أكثر صرامة على وسائل التواصل الاجتماعي. وضعت الهند "توتير" و"فيسبوك" والمواقع المماثلة لهما تحت إشراف حكومي مباشر، وسنت لوائح تتطلب من منصات الإنترنت تحديد أولئك الذين ينشرون "معلومات ضارة" من أجل المساعدة في تطبيق القانون.
اقرأ أيضاً: مبيعات "سناب" المخيبة تمحو 47 مليار دولار من قيمة شركات التواصل الاجتماعي
يمنح قانون الخدمات الرقمية للاتحاد الأوروبي الدول الأعضاء سلطة جديدة لإزالة المحتوى غير القانوني مثل خطاب الكراهية والدعاية الإرهابية وجعل المنصات تفعل المزيد للتصدي للمحتوى الضار. كما يتعين على شركات مثل "تويتر" تقديم تقارير سنوية للاتحاد توضح بالتفصيل كيفية تعاملهم مع المخاطر الهيكلية التي يشكلها محتوى مثل الإهانات العنصرية أو المنشورات التي تمجد اضطرابات الأكل.