توقعات بمضاعفة حجم القطاع إلى تريليون دولار خلال العقد الحالي

"حرب الرقائق" تُشعل سباق التسلح التكنولوجي بين الدول

مقر شركة "تايوان سيمي كونداكتر مانيوفاكشرينغ" في هسينشو - المصدر: بلومبرغ
مقر شركة "تايوان سيمي كونداكتر مانيوفاكشرينغ" في هسينشو - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

لطالما دارت معارك حامية بين الشركات العملاقة حول العالم، للسيطرة على الأعمال المعقدة بشكل متزايد والمحفوفة بالمخاطر المتصلة بقطاع أشباه الموصلات. الآن تحول الأمر أيضاً إلى سباق بين الحكومات.

هذه القطع التكنولوجية الصغيرة للغاية لكن مهمة، المعروفة أيضاً باسم "الدوائر المتكاملة" أو "الرقائق" وهو الاسم الأكثر شيوعاً لها، قد تكون أصغر المنتجات التي يجري تصنيعها على الإطلاق وأكثرها دقة كذلك.

ولأن إنتاجها صعب ومكلف للغاية، يعتمد العالم كله على حفنة قليلة من الشركات المنتجة لها. واتضح هذا الاعتماد بشكل صارخ بسبب أزمات النقص التي ظهرت خلال الوباء، إضافة إلى تصعيد قيود الولايات المتحدة على صادرات الرقائق إلى الصين وسط التوترات المتزايدة حول التجارة والأمن.

من المتوقع إنفاق عشرات المليارات من الدولارات خلال السنوات المقبلة في اندفاع كبير نحو توسيع الإنتاج، وسط التداعيات الجيوسياسية والاقتصادية.

1- ما أسباب الحرب على الرقائق؟

أصبحت صناعة الرقائق عملاً محفوفاً بالمخاطر بشكل متزايد، إذ يحتاج إنشاء مصنع جديد لها ما يصل إلى 20 مليار دولار، كما يستغرق بناؤه سنوات، ويجب تشغيله بشكل ثابت 24 ساعة يومياً لجني الأرباح.

أدى الحجم الكبير المطلوب إلى خفض عدد الشركات التي تمتلك أحدث التقنيات إلى 3 فقط، تشمل "تايوان سيميكوندوكتور مانوفاكتشورينغ" (TSMC)، و"سامسونج إلكترونيكس" الكورية الجنوبية و"إنتل" الأميركية.

اقرأ أيضاً: بنوك أميركية: قيود الرقائق الجديدة على الصين ستكون "سلبية" في عيون المستثمرين

يخضع صانعو الرقائق لرقابة متزايدة حول ما يبيعونه للصين، التي تعد أكبر سوق عالمية للرقائق. وأدت التحولات في سلسلة التوريد العالمية، وأزمات النقص التي برزت مؤخراً، إلى إسراع الحكومات لدعم المصانع والمعدات الجديدة، بداية من الولايات المتحدة وأوروبا وحتى الصين واليابان.

2- لماذا تعتبر أشباه الموصلات مهمة للغاية؟

لأنها الشيء الذي يجعل الأجهزة الإلكترونية ذكية. ويمكن للرقائق، المصنوعة من مواد مثبتة على أقراص من السيليكون، أداء مجموعة متنوعة من الوظائف. فهناك رقائق الذاكرة التي تخزن البيانات، وهي بسيطة نسبياً ويجري تداولها مثل السلع الرئيسية. أما أشباه الموصلات المنطقية، التي تشغل البرامج وتلعب دور العقل المدبر في الأجهزة، فهي أكثر تعقيداً وتكلفة. وبما أن الأجهزة التي تعمل بالتكنولوجيا -من المعدات الفضائية إلى الثلاجات- أصبحت أكثر ذكاءً واتصالاً، باتت أشباه الموصلات أكثر انتشاراً في العالم الحديث كذلك. هذا الانتشار الهائل جعل بعض المحللين يتوقعون تضاعف الصناعة ستتضاعف من حيث القيمة لتصبح سوقاً بتريليون دولار خلال العقد الجاري.

3- هل يعاني العالم من نقص في رقائق الحاسب الآلي؟

تسببت عمليات الإغلاق الوبائي وأزمات العجز بسلاسل التوريد التوريد في شُح أنواعاً كثيرة من الرقائق لمدة عامين تقريباً. ساعد هذا على الدخول في العصر الجديد الذي نعيش فيه الآن، مع إدراك متزايد لأهميتها الاستراتيجية. حالياً، وبعدما بدأ الطلب على أجهزة الكمبيوتر والهاتف بالتراجع بعد الوباء – كما أن كثير من العالم يدخل في حالة ركود - انقلبت الآية، إذ يحذر صانعو الرقائق من حدوث تخمة في مناطق معينة، رغم أن بعض العملاء بما في ذلك شركات صناعة السيارات ما يزالون يكافحون للحصول على ما يكفي من هذه الرقائق.

اقرأ ألمزيد: مبيعات الرقائق تتجه للتباطؤ مع تصاعد مخاوف الركود عالمياً

مع ذلك، ولأسباب سياسية، يظل صانعو الرقائق على استعداد لتعزيز الإنتاج في وقت يتسم فيه الطلب بالضعف، مما قد يؤدي إلى رياح عكسية إضافية في الصناعة.

4- كيف تسير المنافسة؟

• تكشف شركة "تايوان سيميكوندوكتور مانوفاكتشورينغ" عن ميزانيات أكبر، بينما تقدم "سامسونغ" أحدث التقنيات قبل منافسيها. ومن المتوقع أن ترتفع عائدات الشركة التايوانية بنسبة 40% هذا العام. وفي 2021، تفوقت "سامسونغ" على مافستها "إنتل" لتصبح أكبر شركة لتصنيع الرقائق في العالم. وخلال العام الجاري تشق الشركة التايوانية طريقها لتتفوق على "إنتل".

  • تحاول الصين بشدة للحاق بالركب لكنها تواجه تحركات متزايدة من الولايات المتحدة لتقييد وصولها إلى المعدات الأميركية لتصميم وتصنيع الرقائق. تستهدف الولايات المتحدة أيضاً التكنولوجيا التي حددت أنه يمكن إساءة استخدامها لأغراض عسكرية. والجدير بالذكر أن شركة "هواوي تكنولوجيز" الصينية، التي كانت تقود سوق البنية التحتية للهواتف المحمولة فيما مضى، ونافست "سامسونغ" كواحدة من أكبر صانعي الهواتف الذكية، عُزلت عن مورديها الأساسيين. على أي حال، ما يزال أمام الصين طريق طويل كما أن تنفيذ مهمتها يزداد صعوبة.
  • قرر السياسيون الأميركيون أنهم بحاجة إلى القيام بأكثر من مجرد تقييد وصول الصين. لذا، سيوفر مشروع قانون الرقائق والعلوم، الذي حصل على الموافقة ليصبح قانوناً رسمياً في 9 أغسطس، 50 مليار دولار من الأموال الفيدرالية لدعم إنتاج الولايات المتحدة لأشباه الموصلات، وتعزيز القوى العاملة الماهرة التي تحتاجها الصناعة.

اقرأ المزيد: بايدن يوقع أمراً لبدء تنفيذ قانون تصنيع الرقائق بقيمة 52 مليار دولار

  • يستكشف مسؤولو الاتحاد الأوروبي طرقاً لبناء مصنع متقدم لأشباه الموصلات في القارة، ربما بمساعدة شركتي "تايوان سيمي كونداكتور مانوفكتشورنغ" و"سامسونغ"، وذلك كجزء من هدف الاتحاد لمضاعفة حصته العالمية من إنتاج الرقائق إلى 20% بحلول 2030.

5- كيف تتعامل تايوان مع كل هذا؟

برزت السلطة الديمقراطية في تايون كلاعب مسيطر على القطاع فيما يخص توريد الرقائق من مصادر خارجية، ويعود الفضل في ذلك جزئياً إلى قرار حكومة تايوان في السبعينيات بتعزيز صناعة الإلكترونيات.

ابتكرت شركة "تايوان سيميكونداكتور مانوفكتشورينغ" بمفردها تقريباً أعمال بناء أشباه الموصلات لصالح أطراف أخرى، وتم الاعتماد عليها بشكل متزايد مع ارتفاع تكلفة بناء المصانع. أتاح العملاء واسعو الانتشار مثل شركة "أبل" للشركة موارد هائلة للحصول على الخبرة الرائدة في الصناعة، والآن يعتمد العالم عليها.

اقرأ المزيد: "TSMC" تخطط لإنفاق 44 مليار دولار للتوسع في صناعة الرقائق

يحتاج وصول أي شركة أخرى لنفس حجم ومهارة "تايوان سيميكوندوكتور مانوفاكتشورينغ" سنوات، كما يكلف ثروة كبيرة. وبسبب السياسة لم يعد السباق يدور فقط حول المال، مع إشارة الولايات المتحدة إلى أنها ستواصل جهودها لتقييد وصول الصين إلى التكنولوجيا الأميركية المستخدمة في مسابك تايوان. لطالما زعمت الصين أن الجزيرة -الواقعة على بعد 100 ميل فقط من سواحلها- تعتبر مقاطعة متمردة، كما هددت بغزوها لمنع استقلالها. وجددت التدريبات العسكرية التي أجرتها الصين مؤخراً المخاوف بشأن اعتماد العالم على تايوان للحصول على الرقائق.

اضغط هنا لقراءة المقال الأصلي
تصنيفات

قصص قد تهمك