دفاعاً عن نفسها ضد الحكومة الفيدرالية، قالت شركة "ميتا بلاتفورمز" إنَّها تحتاج من منافسيها الكشف عن بعض أسرارهم الخفية الأشد كتماناً.
استدعت الشركة الأم لـ"فيسبوك" حتى الآن 132 شركة للمثول أمام المحكمة للحصول على مستندات، بما فيها شركات"سناب" و"تيك توك" التابعة لشركة "بايت دانس" وشركة البث الصوتي الناشئة "كلوب هاوس" (Clubhouse)، وحذرت من أنَّها ربما تطلب الحصول على معلومات من 100 شركة أخرى. دفعت مذكرات الاستدعاءات الشركات المنافسة لـ"ميتا" لتقديم سلسلة من الطعون القانونية متهمين الشركة باستغلال دعاوى مكافحة الاحتكار كذريعة للتغلغل في بياناتهم السرية.
الاحتكار
بدأت عملية البحث عن المعلومات عبر دعوى قضائية رفعتها لجنة التجارة الفيدرالية الأميركية ضد "ميتا" في 2020، بزعم أنَّ الشركة احتكرت سوق شبكات التواصل الاجتماعي جزئياً باستحواذها على شركتي "إنستغرام" و"واتساب". فنّدت"ميتا" ادعاء ممارسة الاحتكار بحجة أنَّ السوق تتطور باستمرار مع الوافدين الجدد على غرار "تيك توك" و"كلوب هاوس" كنماذج بارزة.
ليس من المتوقَّع بدء النظر في الدعوى حتى 2024 على أقرب تقدير، على أنَّ الطرفين يحشدان الأدلة للقضية.
قالت كيلي ليرنر، محامية دعاوى مكافحة الاحتكار في شركة المحاماة "روبينز كابلان" (Robins Kaplan) غير المشاركة في الدعوى القضائية، إنَّ طلبات "ميتا" تسعى للحصول على "كميات ضخمة من المعلومات الحساسة على صعيد التنافسية".
أضافت ليرنر، التي عملت على نزاعات قضائية عديدة مرتبطة بمكافحة الاحتكار: "لدينا في هذه الحالة شركة متهمة بالسلوك المناهض للمنافسة، وتحاول حالياً الحصول على معلومات حساسة للغاية في إطار جمع الأدلة.. كما يُعد اتساع نطاق ما تسعى للوصول إليه ضمن عملية جمع الأدلة أمراً، من وجهة نظري، غير معتاد".
معلومات حساسة
طلبت "ميتا" مستندات ذات صلة ببعض العناصر الأشد أهمية وحساسية لطريقة قيام المنافسين بأنشطتهم التجارية، بحسب ملفات المحكمة، بما فيها طريقة الحصول على المستخدمين وتطوير المنتجات وكسب الأموال من الميزات. كما أنَّها تريد محتويات حول استراتيجيات التسويق والمبيعات الخاصة بالمنافسين، ومقاييس الجودة، وبيانات الاتصال لأكبر المعلنين لديهم، وتفاصيل حول جهودهم المبذولة لجذب المستخدمين من المنافسين، من بين أسرار أخرى.
وصفت "سناب" طلب "ميتا" في ملفات إيداع المحكمة بأنَّه "فضفاض واستغلالي". من المنتظر أن يصدر قاض فيدرالي في ولاية كاليفورنيا الثلاثاء قراراً بالقدر الذي يتعين على "سناب"- وهي طرف أساسي في دعوى "لجنة التجارة الفيدرالية" والشركة التي حاولت "ميتا" الاستحواذ عليها في السابق- تسليمه للمساعدة في جانب الدفاع بالقضية.
قال محامو "ميتا" إنَّها تسعى من خلال طلبها للحصول على "مواد تتعلق بكل منتج وكل جانب تقريباً من جوانب أنشطة (سناب) التجارية، في نطاق زمني يمتد تقريباً لعمر الشركة كاملاً، وليس من المفترض إجبار (سناب) على إعطاء دليل يتعلق بالتنافسية للعاملين في (ميتا)".
من جهتها، أكدت "ميتا" في ملفات إيداع المحكمة أنَّها تحتاج إلى المعلومات من منافسيها لدحض مزاعم لجنة التجارة الفيدرالية بأنَّها تمارس الاحتكار ولا تتعرض لمنافسة.
مبررات واعتراضات
قال كريستوفر سغرو متحدث باسم "ميتا": "تُنافس (ميتا) بقوة شركات عديدة لمساعدة الناس على المشاركة أو الاتصال أو التواصل أو الترفيه ببساطة. وبوصفها خطوة طبيعية في إعداد دفوعنا لدعوى لجنة التجارة الفيدرالية؛ قدمنا مذكرات الاستدعاء للشركات المنافسة أو التي نؤمن بأنَّ لديها معلومات أخرى تتعلق بمزاعم لجنة التجارة الفيدرالية".
في حين أنَّ "سناب" تعتبر من بين أكثر المعارضين ضجيجاً لمذكرات استدعاء "ميتا"؛ فإنَّها ليست الوحيدة. اشتكت "تيك توك" من أنَّ "ميتا" طلبت الحصول على "معلومات الأنشطة التجارية الأكثر سرية وحساسية تماماً". أثارت شركتا "بنتريست" و"لينكدإن" التابعة لـ"مايكروسوفت" وغيرهما مخاوف إزاء طلبات "ميتا" "شديدة التوغل"، والتي قالوا إنَّها تسعى للحصول على "المستندات الأكثر حساسية من الناحية التنافسية".
من بين الشركات الأخرى التي طلبتها "ميتا" للمثول أمام المحكمة، الشركة الأم لـ"تندر" (Tinder) شركة "ماتش غروب"، وشركات "تويتر"، و"ريديت"، و"أوراكل".
لم تقتصر طلبات "ميتا" للحصول على مستندات على شبكات التواصل الاجتماعي الأميركية فقط، بل طلبت أيضاً الحصول على معلومات من شركة "لاين كورب" (Line) المملوكة لمجموعة"سوفت بنك" وشركة "نافير" (Naver)، وهي أفضل خدمة مراسلة في اليابان وتايوان وتايلندا – علاوة على عملاقة التجارة الإلكترونية اليابانية شركة "راكوتين غروب"، المالكة لـ"فايبر"، وهو تطبيق مراسلة شائع الصيت في الهند وأوكرانيا وروسيا.
تحطيم المنافسين
بعيداً عن نطاق الطلبات، يقول منافسو "ميتا" إنَّه يتوجب التدقيق في تاريخ الشركة في تخزين تحليلات المعلومات حول المنافسين. في 2013، استحوذت "ميتا"- المعروفة آنذاك بـ"فيسبوك" على شركة ناشئة إسرائيلية غير مشهورة تسمى "أونافو" التي أعطت عملاقة التواصل الاجتماعي معلومات حول عدد مرات فتح المستخدمين لتطبيقات أخرى على هواتفهم الخاصة. استغلت "فيسبوك" بيانات "أونافو" للعثور على أساليب لتحطيم أو شراء المنافسين المحتملين، بما فيهم "واتساب"، وفقاً لما زعمت به لجنة التجارة الفيدرالية في شكواها.
حظرت شركة "أبل" تطبيق "أونافو" في 2018، وقالت إنَّ عملية جمع البيانات انتهكت قواعد متجر التطبيقات، وأغلقه "فيسبوك" في 2019. في العام نفسه، أطلقت عملاقة مواقع التوصل الاجتماعي تطبيقاً بحثياً جديداً يسمى "ستادي" (Study) سيعوض المستخدمين عن البيانات المرتبطة بتطبيقات الهواتف الذكية التي يقومون بتحميلها، والميزات التي يستخدمونها، ومقدار الوقت الذي يقضونه في التعامل عليها.
استنساخ الميزات
يساور شركة "تيك توك" القلق من أنَّ محامي "ميتا" قد يكشفون من دون قصد عن معلومات يمكن أن تستغلها الشركة، مع الأخذ في الاعتبار تاريخ استنساخ ميزات وتكتيكات منافسيها. قلّدت "ميتا" منتج "سناب شات ستوريز" ومقاطع فيديو "تيك توك" القصيرة على كل من "فيسبوك" و"إنستغرام". تطمح الشركة حالياً إلى تعديل ميزة محتوى آخر الأخبار للمستخدمين بأسلوب يماثل الطريقة التي تستخدمها "تيك توك".
قال محامو "تيك توك" إنَّهم حاولوا على مدى شهور تقليص نطاق طلب "ميتا"، وطلبوا من المحكمة الحد من المعلومات التي قد يطّلع عليها محامو "ميتا" داخل الشركة.
أضافوا: "ليس بامكانهم التغاضي عن أي معلومات تنافسية عالية الحساسية يحصلون عليها من "تيك توك"، ومن غير الواضح كيف سيستطيعون أداء عملهم كمحامين داخليين لمكافحة الاحتكار دون توفير الاستشارات لـ(ميتا) حول القضايا المرتبطة بالتنافس".
استراتيجية "الأرض المحروقة"
أشارت ليرنر، المحامية في قضايا الاحتكار، إلى أنَّ "ميتا" طلبت أيضاً الحصول على وثائق واسعة النطاق من لجنة التجارة الفيدرالية نفسها، وطلبت من المحكمة إجبار الوكالة على تسليم تحليلها الأصلي لصفقتي "إنستغرام" في 2012 و"واتساب" في 2014. رفض القاضي طلب "ميتا". وقالت: "إنَّه يعكس حالياً تبنيهم استراتيجية الأرض المحروقة في دفاعهم بالمعركة بأي وسيلة متاحة لديهم".