تجنبوا جلب الشركات الناشئة إلى مضمار السيارات الكهربائية الصينية

تكنولوجيا جديدة لصناعة بطاريات السيارات الكهربائية من فولكس فاغن - المصدر: بلومبرغ
تكنولوجيا جديدة لصناعة بطاريات السيارات الكهربائية من فولكس فاغن - المصدر: بلومبرغ
- مقال رأي

ما من شك في أن المال يتدفق على الطامحين في صناعة السيارات الكهربائية في الصين، وذلك ليس لأنهم يجنون أكواماً منه أو يصنعون السيارات. ولكن ما الذي يمكن أن نتوقعه إذا كانت شركة تسلا هي الرائدة في هذا المجال؟

وفي الواقع، يذكرنا امتصاص رأس المال بمسار تسلا (الذي يمكننا وصفه بأنه مسارها المستمر). ولكن لا ينبغي لهذا أن يبرر الاندفاع الحالي، حيث كان لمشروع سيارة "إيلون ماسك" ميزة الريادة في كونها الأولى في هذا المجال، وهي ميزة لن يمتلكها الآخرون أبداً. ولا يفوتنا أنه خلال رحلتها التي استمرت على مدى 10 سنوات كشركة عامة، استنزفت تسلا الأموال في الغالب أثناء محاولتها لإيجاد حلول لعمليات الإنتاج، ولن تحصل أية جهة أخرى على هذه الرفاهية، بغض النظر عن مقدار الأموال القادمة.

وفي هذا السياق، أعلنت شركة "نيو" (Nio) الصينية الناشئة المدرجة في بورصة نيويورك في 11 يناير أنها ستصدر 1.3 مليار دولار من الديون القابلة للتحويل. كما وقعت شركة "إكس بينغ" (XPeng Inc)، وهي شركة أخرى للسيارات الكهربائية، اتفاقية الأسبوع الماضي للحصول على حد ائتماني بقيمة ملياري دولار مع مجموعة من البنوك المحلية بعد جمع مبلغ 2.2 مليار دولار في ديسمبر. وتأتي هذه الخطوات بعد طرح الديون وحقوق الملكية الأخرى من قبل الشركات في الأشهر الأخيرة.

من جانبها، تتحمل تسلا أكثر من 15 مليار دولار من الديون اعتباراً من سبتمبر، حيث صرحت الشركة في ديسمبر إنها تخطط لبيع ما يصل إلى خمسة مليارات دولار من الأسهم العادية بمرور الوقت. وساعدت زيادتان بمليارات الدولارات في وقت سابق من عام 2020 على زيادة الإنفاق على المصانع والمعدات، حيث اقتربت من هدف تسليم 500,000 سيارة لهذا العام.

وأشار "ماسك" أن الطرح الأخير كان يهدف إلى سداد الديون و"الحصول على تمويل أكبر قليلاً... ففي نهاية المطاف، ما هو المال؟ المال هو مجرّد إدخال في قاعدة بيانات".

ونأمل ألا يصدق صانعو السيارات الكهربائية في الصين ذلك، حيث إن القاعدة الجماهيرية والتسهيلات من المستثمرين المتفائلين في وقت مبكر من رحلتهم قد تكون مسألة عابرة.

خطر قياسي

ربما يعتقد المستثمرون الذين يشترون الأسهم أن الوضع يشبه إلى حد كبير معاناة "ماسك" خلال العامين الماضيين، حيث تحتاج الشركات الصينية الجديدة أيضاً إلى رأس المال لسد الفجوة حتى تتمكن من التوسع؛ وغالباً ما يتم الترويج لهذه الشركات المدرجة في الولايات المتحدة كشركات منافسة لشركة تسلا. ولكن على الرغم من كل تلك الديون وحقوق الملكية التي تجمعها، فإنها تقدم فقط بين 5,000 و7,000 سيارة شهرياً، مع إظهار زيادات حادة مؤخراً فقط. ومع ذلك، فإن أسهمها ترتفع؛ فعلى سبيل المثال، لم تكن "نيو" رابحة منذ إنشائها، وفي وثيقة طرح عام حديثة أشارت إلى أنها قد تضطر إلى تقليص العمليات إذا لم تتمكن من الانتقال إلى الربحية.

ويبدو كل هذا وكأنه خطر قياسي تواجهه الشركات الناشئة، وهنا تكمن النقطة المهمة: فلا ينبغي اعتبار تسلا سابقة من نوعها. فقد بدأ "ماسك" السير على طريق السيارات الكهربائية مبكراً، وصنع ضجة إعلامية لفتت الأنظار إلى علامته التجارية، كما خلق هالة حول السيارات الصديقة للبيئة، مما أثّر إيجاباً على أداء أسهمه؛ أما الآن، فقد تغيرت قواعد اللعبة. حيث لم يعد الأمر يتعلق بجذب الناس نحو السيارات الكهربائية والتكنولوجيا المستقبلية، بل يتعلق أكثر بصناعة سيارات جيدة وبأسعار معقولة على نطاق واسع؛ فالمطلوب اليوم هو أعلى مما كان عليه منذ عقد مضى.

ولا يسعنا أن ننكر حقيقة اشتداد حدّة المنافسة؛ حيث ضاعفت الشركات الألمانية مثل "بي إم دبليو" (BMW AG)، و"فولكس فاجن" (Volkswagen AG)، و"دايملر" (Daimler AG) المالكة لشركة "مرسيدس-بنز" (Mercedes-Benz AG) مبيعاتها من السيارات الكهربائية ثلاث مرات إلى ما يقرب من 600,000 في عام 2020، مدفوعة بإرشادات الانبعاثات وهجوم خطاب "ماسك". وعلى هذا الصعيد، سلمت "فولكس واغن"، وهي أكبر صانع سيارات في العالم، 212,000 سيارة في العام الماضي، حيث كانت كهربائية بالكامل أو هجينة. وفي نهاية المطاف، لا غبار على مهارات تصنيع السيارات الألمانية.

مسار إيجابي لمبيعات السيارات

هل تستطيع شركات "نيو"، و""إكس بينغ"، و"لي أوتو" (Li Auto Inc) إنجاز ما يخطط "ماسك" والشركات التقليدية لفعله؟ من غير المرجح أن تستطيع فعل ذلك. فبالتأكيد، هناك ميزة في الانضمام إلى أكبر سوق للسيارات في العالم والعمل فيه، حيث يبدو أن مبيعات السيارات الكهربائية تخطو بمسار إيجابي. ويعد الدعم الحكومي وسيطرة الصين على سلسلة توريد قطع الغيار من العوامل الرئيسية التي يستخدمها "ماسك" لصالحه؛ إلا أن بعض اللاعبين المحليين يعتمدون على الآخرين لبناء نماذجهم، فضلاً عن توفير قطع الغيار، حيث تعتمد "نيو" على شركة "مجموعة جيانغواي أوتوموبيل" (Jianghuai Automobile Group Co) المملوكة للدولة من أجل ضمان براعة الإنتاج، وتشتهر الشركة المملوكة للدولة بشراكتها مع شركة "فولكس فاغن". ولا بد من القول إنه يصعب إعطاء لقب صانعي السيارات إلى الوافدين الجدد في هذا المجال.

والجدير بالذكر، أن هذه الوفرة في رأس المال للسيارات الكهربائية هي ليست حكراً على الشركات الصينية بالطبع. فلا بدّ من أن نأخذ بعين الاعتبار الشركات الناشئة التي تغرق سوق الأسهم الأمريكية، حيث يتكدس المستثمرون في شركات الاستحواذ ذات الأغراض الخاصة التي تجمع السيولة في عمليات الطرح العامة ثم تجد شركة لتشتريها، وقد كانت شركات تكنولوجيا السيارات ذات السجلات المحدودة أهدافاً متكررة في هذا المجال.

أخيراً، لا يسعنا إلا أن نشير إلى حقيقة تمسك المستثمرين بالمفاهيم دون البحث عن القيمة الحقيقة لما يمكن أن تقدمه التكنولوجيا والشركة حقاً أو ما تظهره بياناتها المالية، ومن الضروري الاضطلاع بمهمة إعادة التقييم.

اضغط هنا لقراءة المقال الأصلي
هذا المقال لا يعكس موقف أو رأي "الشرق للأخبار"وهو منشور نقلا عن Bloomberg Mediaولا يعكس بالضرورة آراء مجلس تحرير Bloomberg أو ملاكها
تصنيفات