بالرغم من التداعيات السلبية الضخمة التي خلَّفها وباء فيروس كورونا على الجوانب الاجتماعية والصحية والاقتصادية، إلا أنَّ عدداً محدوداً من القطاعات، قد تأثر إيجاباً بهذه الجائحة، من بينها صناعة ألعاب الموبايل.
فقد أدَّت أزمة "كورونا" إلى إيجاد عملاق جديد في مجال صناعة ألعاب الموبايل، يتمثل في شركة "بلاي ريكس" (Playrix)، كما أنَّها عزَّزت ثروات الأخَوين المؤسِّسَين لهذه الشركة خلال فترة استثنائية.
وتقول شركة الأبحاث "App Annie"، إنَّه بفضل تدفُّق لاعبين جُدد أصبحت "بلاي ريكس" (Playrix) من أكبر مطوِّري ألعاب الهواتف في العالم بعد "تينسنت هولدينغز" (Tencent Holdings)، لتتضاعف ثروة مؤسِّسَيها ومالكَيها الوحيدَين، الأخَوين إيغور وديمتري بوخمان، (38 و35 عاماً على التوالي)، ليبلغ صافي ثروة كل واحد منهما حتى الآن 3.9 مليار دولار، وفقاً لمؤشر "بلومبرغ" للمليارديرات.
180 مليون مستخدم شهرياً خلال ذروة تفشِّي "كورونا"
لم يحدث ذلك بمحض الصدفة، ففي ذروة الأزمة الصحِّية، عندما قرَّرت الشركات تخفيض إنفاقها على الإعلانات، استغلَّت شركة تطوير ألعاب الهاتف أسعار الإعلانات المنخفَّضة لزيادة العمل على التسويق. ليرتفع عدد مستخدمي اللعبة شهرياً بنسبة 50%، ويصل إلى 180 مليون مستخدم، وذلك في ذروة تفشي الفيروس.
وارتفعت مبيعات اللعبة بنسبة 60% في الأشهُر الثمانية الأولى من العام، ومنذ أغسطس 2020 استقرَّ عدد اللاعبين عند 150 مليون شهرياً، بحسب ما قالت الشركة.
"إيغور بوخمان" من خلال مقابلة "سكايب" أجراها من لندن، حيث يعيش الأخَوان، يقول: "أصبحت الألعاب الناجحة بمثابة خدمة طويل الأجل مشابهة لـ"نتفلكس"، التي تحافظ على مستخدميها من خلال إضافة محتوى جديد باستمرار".
ويضيف: "نحن نضيف باستمرار قصصاً جديدة، وآليات لعب مختلفة، ومستويات جديدة لألعابنا، مما يجعل الأشخاص يستمرُّون بلعبها سنوات عدَّة".
"جوليا دي ماكفارلان سميث"، هي واحدة من الذين جذبتهم الألعاب خلال الوباء، وبعدما ضغطت على إعلان اللعبة في فبراير، أصبحت تقضي ما يقرب من ست ساعات يومياً، تلعب "غاردن سكيبس" (Gardenscapes)، وتنفق نحو 50 جنيهاً إسترلينياً (64 دولاراً) شهرياً لتخطي المستويات سريعاً. وتُعَدُّ لعبة الألغاز تلك التي تطابق فيها الأحجار من أشهر ألعاب "بلاي ريكس".
الأم ذات الـ42 ربيعاً، التي تقيم في "غلوسترشير" ببريطانيا، تقول: "لقد جعلت اللعبة قضاء الوقت داخل المنزل أقلَّ مللاً، ولا أعلم كم ساعة يومياً كنت سألعب، لو لم يحدث الوباء، على الأرجح كنت سألعب وقتاً أقلّ بكثير".
وخلال 2020، ومع قضاء الأشخاص مزيداً من الوقت على الألعاب وإنفاقهم المزيد من الأموال عليها، ارتفعت قيمة الأسهم لشركات الألعاب المدرجة في البورصات من "تينسنت" (Tencent) الصينية إلى "زينغا إنك" (Zynga Inc) في الولايات المتحدة، و"سي دي بروجكت إس إيه" (CD Projekt SA) في بولندا، و"نيتماربل كورب" (Netmarble Corp) في كوريا الجنوبية.
لكن ارتفاع شركة "بلاي ريكس" إلى المركز الثاني هذا العام من المركز السابع العام الماضي يشكِّل علامة فارقة. وأما بالنسبة إلى الأخَوين من مدينة فولوغدا الروسية، التي تبعد 300 ميل (483 كيلومتراً) شمال موسكو، فإنَّهما صرَّحا في مقابلة العام الماضي بأنهما يعملان لتكون شركتهما في مقدمة عمالقة الألعاب مثل "Activision Blizzard Inc"، و"NetEase Inc".
الرحلة بدأت من مخزن للكتب
الأخَوان الروسيَّان بدآ طريقهما نحو الثراء في 2001، وبدأت رحلتهما عندما عرف "إيغور" من خلال أستاذه بالجامعة أنَّ بإمكانه بيع البرمجيات على الإنترنت. وقد بدأ بذلك بالشراكة مع أخيه "ديمتري"، الذي كان لا يزال في المرحلة الثانوية في ذلك الوقت، وفي عام 2009 بلغت الإيرادات الشهرية للشركة 10 آلاف دولار، فسجَّلا الشركة ككيان قانونيٍّ، واستأجرا مكتباً في قبو لمخزن كُتُب في "فولوغدا".
وعلى الرغم من أن "تينسنت" لا تزال رائدة الألعاب في العالم، وتبلغ ثروة رئيس مجلس إدارتها نحو 52 مليار دولار، فإنَّ نجاح "بلاي ريكس" حالياً يتمثل بعدد موظفيها الذي يتجاوز 2500 موظف، وطاقم عملها في مقراتها في أيرلندا، ومطوِّريها في روسيا، وشرق أوروبا.
البنوك الاستثمارية الكبرى شجَّعت بدورها "بلاي ريكس" على الاندماج مع شركة كبرى، أو إدراج اسهمها في البورصة، ولكن "ديمتري"، قال إنَّه لا يوجد أي اتفاق مطروح حالياً، ولا يستبعد الأخَوان هذه الخيارات في المستقبل، بحسب ما أوضحا.
كما عيَّنت الشركة عشرات المطوِّرين الذين تعتمد عليهم لإنتاج ألعاب ناجحة جديدة، خلال العامين الماضيين، ومع ذلك تظلُّ الألعاب الحاليَّة مهمَّة أيضاً.
يقول ديمتري: "ينظر المستثمرون إلى الألعاب على أنَّها استثمارات خطرة، فينبغي أن تطلق لعبة ناجحة بعد أخرى، ولكن هذا لم يعُد صحيحاً بعد الآن، فإذا طَوَّرت لعبة ناجحة بشكل صحيح، يمكنك أن تجني منها أموالًا لسنوات".