الضرائب والقيود تزيد معاناة "أوبر" وعملائها في السعودية

بداية يوم عمل لسائق سعودي مع شركة "أوبر" في الرياض - المصدر: بلومبرغ
بداية يوم عمل لسائق سعودي مع شركة "أوبر" في الرياض - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

في ظل وسائل نقل عام محدودة، وصيف حار جداً، واستثمارات من صندوق الاستثمارات العامة، برزت المملكة العربية السعودية كوجهة مثالية بالنسبة إلى شركة "أوبر تكنولوجيز" (Uber Technologies).

رغم ذلك، لم تدم حالة البهجة طويلاً، حيث تصاعدت الشكاوى من فترات الانتظار الطويلة للركوب باستخدام خدمة "أوبر"، أو المنافسين على غرار "كريم" (Careem) و"جيني" (Jeeny) و"بولت" (Bolt).

ينتاب السكان، وكذلك السائحين ورجال الأعمال الذين تريد المملكة استمالتهم في تنافسٍ مع دبي المجاورة، شعورٌ بالخيبة. ويعود ذلك بطريقة أساسية إلى كمٍّ هائل من القواعد الحكومية التي أجبرت الشركات على التعامل مع فواتير ضريبية كبيرة بأثرٍ رجعي، وفرضت قيوداً على السيارات المسموح بها، ومن بإمكانه قيادتها، وفق مصادر مطلعة. وفيما تقوم واحدة من جهات الدولة بالاستثمار، تقوم جهة أخرى بتضييق الخناق، ما يبرز أوجه التعارض في طريقة تعامل المسؤولين السعوديين لجذب الشركات والتمويل لتنويع الاقتصاد.

بسبب هذه الدوامة، تقطّعت السبل ببعض الزائرين، كما حدث مع كريم سلامة.

يقول خبير مبيعات الأجهزة الطبية في الرياض، البالغ من العمر 34 سنة، إن تجربة خدمة استدعاء سيارات الأجرة السعودية هي "التجربة الأسوأ التي تعاملت معها حول العالم"، واصفاً ما يعتريها من فترات انتظار طويلة ومملة، وسائقين يتصلون ليسألوا عن الاتجاهات والطرقات، ومن ثم إلغاء الرحلة. ويضيف: "إنه جنون".

يُعدّ ذلك بمثابة تحوّل شديد بالمقارنة مع سنة 2016، عندما استثمر صندوق الاستثمارات العامة 3.5 مليار دولار في شركة "أوبر"، ما جعلها في مقدمة اقتصاد العمل الحر في المملكة العربية السعودية. اعتمد السعوديون الذين لم تكن لديهم سوى خيارات محدودة في وسائل التنقل بطريقة كبيرة على الشركة ومنافستها "كريم" -التي استحوذت عليها "أوبر" فيما بعد– لاسيما السيدات، اللواتي كنّ ممنوعات من قيادة المركبات حتى سنة 2018.

غياب النقل العام

في الرياض، ليس هناك سوى عدد محدود من حافلات النقل العام، بينما نظام المترو لا يزال قيد الإنشاء منذ سنوات، ولم يوضع في الخدمة بعد. يعتمد المجتمع على السيارات، ويستخدم الكثير من الأشخاص القادرين على تحمل التكلفة خدمة "أوبر"، باعتبارها وسيلة النقل الأساسية.

في العادة، تُعتبر هذه التطبيقات التكنولوجية وسيلة موثوقة ومريحة للتنقل، بصفة خاصة عندما ترتفع درجات الحرارة في الصيف متجاوزة 38 درجة مئوية بكثير، بحيث لا يعود معها انتظار سيارة أجرة في الشارع، أمراً سهلاً. لكن أوقات الانتظار تفاقمت منذ أوائل سنة 2021، حيث لا تعرض تطبيقات التنقل الصغيرة، مثل "بولت"، أحياناً أي سيارات متوفرة على الإطلاق.

قال عدد من الأشخاص إن القواعد التي فُرضت في سنة 2021، قيّدت مجموعة السائقين، من خلال وضع شرط أن يكونوا مواطنين سعوديين، وأن يمتلكوا سيارتهم بصفة شخصية، رغم أن العائلات غالباً ما تشترك في استخدام السيارات.

أشار هؤلاء إلى أن المسؤولين فرضوا هذا العام قاعدة تقضي بألاّ يزيد عمر السيارات العاملة في خدمة نقل الركاب على خمس سنوات، ما أدّى إلى استبعاد عدد أكبر من السائقين. يتعين على الشركات أيضاً دفع ما يقرب من نصف ريال (13 سنتاً) رسوماً إضافية عن كل رحلة إلى شركة "علم" (Elm) -وهي شركة مملوكة في غالبيتها لصندوق الاستثمارات العامة- لإدارة وتخزين بيانات الرحلة، بحسب المصادر.

قاعدة بيانات

امتنعت شركتا "أوبر" و"كريم" عن التعليق على الأمر عند الاتصال بهما. ورفضت شركة "علم" التعليق على الموضوع. تعمل منصة البيانات على ربط معلومات السائق والمركبة والرحلات من شركات نقل الركاب بالجهة المنظمة للقطاع، بحسب موقع "علم" على الإنترنت. يقول الموقع: "تقوم الخدمة بمراقبة وتعقّب بيانات كل رحلة لتنظيم عمليات التنقل، في محاولة لتدعيم الجودة وضمان السلامة والأمن".

تشكّل معاناة قطاع خدمات نقل الركاب، نموذجاً مصغراً للأولويات المتباينة ضمن برنامج ولي العهد "رؤية 2030" لتنويع الاقتصاد المعتمد على النفط.

يهدف البرنامج إلى تحفيز ريادة الأعمال، وتشييد قطاعات غير نفطية، ورفع حجم الاستثمار الأجنبي المباشر بأكثر من خمسة أضعاف مع حلول سنة 2030. بيد أن الخطة ترمي أيضاً إلى زيادة الإيرادات غير النفطية من خلال الضرائب والرسوم، وتدعيم صندوق الثروة، وزيادة فرص العمل للسعوديين في شركات القطاع الخاص، والتي تعتمد على العمالة الأجنبية الرخيصة.

قالت كارين يونغ، وهي واحدة من كبار الباحثين في معهد الشرق الأوسط، في العاصمة الأمريكية واشنطن، إن الخطط وجداول الأعمال، تشجّع "الوزارات على زيادة أو خلق إيرادات حكومية جديدة، ولدي اعتقاد بأننا نشاهد بعض الأمثلة على نقص عملية تنسيق هذه الجهود".

من النماذج الأخرى، حملة هيئة الزكاة والضريبة والجمارك لتحصيل فواتير بأثر رجعي تبلغ قيمتها عشرات الملايين من الدولارات من شركات الاقتصاد الحر، علاوةً على مقترحات حديثة مرتبطة بالخصوصية والبيانات، والتي تشكو الشركات الأجنبية من أنها ستزيد من التكاليف، إذ تنص هذه المقترحات بأن تكون مراكز الاتصال بالعملاء داخل البلاد وتوظف مواطنين سعوديين، ما يضيف مزيداً من العبء المالي، بحسب المصادر.

لم ترد الهيئة العامة للنقل في المملكة، التي تنظم قطاع خدمة نقل الركاب، على طلب للتعليق على الموضوع، وكذلك الأمر بالنسبة إلى وزارة الاستثمار.

تمارس شركات خدمة نقل الركاب ضغوطاً على المسؤولين لإجراء تعديلات، بحسب مصادر مطلعة على الموضوع.

في واحدة من الشركات الأصغر، أدى تأثير اللوائح الحديثة، إلى تراجع بنسبة بلغت 70% في عدد السائقين منذ أوائل سنة 2021، على حد قول أحد المصادر، فيما بات العملاء ينتظرون أكثر من ضعف المدة الزمنية.

اضغط هنا لقراءة المقال الأصلي
تصنيفات

قصص قد تهمك