توصلت الولايات المتحدة مع خمس حكومات أوروبية لاتفاقية تحل نزاعاً تجارياً حول الضرائب الرقمية على بعض أكبر عمالقة التقنية الأمريكية بعد اتفاق عالمي أوسع لإصلاح تحصيل الضرائب من الشركات الكبيرة.
وافقت الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وإيطاليا وإسبانيا والنمسا بموجب هذه الاتفاقية "التحوّل من فرض الضرائب الحالية على الخدمات الرقمية، وتطبيق الحلول الضريبية الجديدة متعددة الأطراف، والتزمت بمواصلة نقاش هذا الموضوع عبر حوار بناء"، حسب بيان مشترك حول اتفاقية الخميس.
منظمة دولية: أوروبا ستفرض رسوماً على الخدمات الرقمية رغم اتفاقية الضرائب العالمية
تحسم الاتفاقية نزاعاً طال أمده وهدد بإجهاض اتفاق أوسع لإعادة تشكيل طريقة فرض الدول حول العالم للضرائب على الشركات متعددة الجنسية. وقعت 136 دولة على الاتفاق، الذي رعت مفاوضاته منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، ويتوقع أن يصادق عليه قادة العالم خلال قمة مجموعة العشرين في روما بين 30 و31 أكتوبر.
تستمر الدول الأوروبية حالياً بمقتضى الاتفاقية الخميس الجانبية بفرض مايسمى ضرائب خدمات رقمية على شركات عملاقة أمثال "أمازون" و"فيسبوك"، التي يقول مسؤولون أمريكيون إنها تتعرض لتمييز ظالم. يحافظ ذلك على إيرادات هذه الدول ويشكل ضغطاً على الكونغرس الأمريكي كي يوافق على القواعد الجديدة رغم معارضة أعضاء بارزين من الحزب الجمهوري.
ردّ عبر ائتمان
تقدم الدول الأوروبية، لدى تطبيق نظام ضريبي عالمي إن أتى ذلك خلال عامين، ائتماناً ترد عبره من حيث النتيجة أي ضرائب تفوق ما يترتب على الشركات وفق أحكام الاتفاق الضريبي العالمي.
وافقت الولايات المتحدة على إلغاء رسوم انتقامية ضد الدول الخمس كانت قد أقرتها وعلقتها مؤقتاً.
قال وزير المالية البريطاني، ريشي سوناك، في بيان: "معنى الاتفاقية أن ضريبة الخدمات الرقمية قائمة حتى 2023، لذا ستستمر إيراداتها بتمويل الخدمات العامة الحيوية".
إنفوغراف.. الأثر الاقتصادي للضرائب على الشركات متعددة الجنسيات
ورد بنص الاتفاقية بشأن الضرائب الرقمية أنها تصبح لاغية إن فشل الاتفاق العالمي المقرر تفعيله في 31 ديسمبر 2023. تظل الضرائب الرقمية الأوروبية سارية وتكون الولايات المتحدة حرة في إعادة فرض الرسوم الانتقامية إن لم ينفذ الاتفاق العالمي.
يقضي جزء رئيسي من الاتفاق العالمي الجديد بأن تنقل الدول بعض الضرائب التي تدفعها الشركات متعددة الجنسية الكبرى إلى بلاد تعمل فيها هذه الشركات وبعيداً عن البلاد التي حققت فيها الشركات أرباحها. تعالج هذه الإجراءات مخاوف متنامية بين الحكومات من أن التجارة الإلكترونية سمحت لشركات التقنية الكبيرة بممارسة أنشطة تجارية عابرة للحدود دون أن تخضع لضرائب بلاد تبيع فيها سلعاً أو خدمات.
من طرف واحد
نفد صبر عدد من الدول الأوروبية تقودها فرنسا بسبب بطء المفاوضات والمباحثات في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، فبدأت بفرض ضريبة رقمية من جانب واحد. تحصّل فرنسا نحو 350 مليون يورو (408 ملايين دولار) سنوياً من هذه الضريبة.
أغضب ذلك مسؤولين أمريكيين رؤوا في الضريبة الرقمية تمييزاً ظالماً ضد الشركات الأمريكية، وقامت واشنطن بعدها بفرض رسوم انتقامية شملت ضرائب على الأجبان والنبيذ الفرنسي. علقت هذه الرسوم لإتاحة فرصة للتفاوض.
يلين واثقة من استجابة الكونغرس الأمريكي لاتفاق الضرائب العالمي
تسارعت مباحثات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في 2021 بعد مشاركة الولايات المتحدة في عهد الرئيس جو بايدن في المباحثات بمقترحات جديدة. حسمت الحكومات مطلع هذا الشهر تفاصيل هامة، من بينها الاتفاق على عدم تطبيق أي ضرائب رقمية جديدة. كما تعهدت الدول بتسوية أي نزاع حول ضريبة الخدمات الرقمية الحالية، ما يشير إلى الاتفاقية الجانبية يوم الخميس.
أعلنت الدول الأوروبية الخمس أنها ستلغي ضريبة الخدمات الرقمية حين يطبق الاتفاق العالمي بشأن الضرائب تطبيقاً كاملاً. في الفترة الانتقالية، إذا كانت الحكومات قد حصلت أموالاً تحت بند ضريبة الخدمات الرقمية تزيد على ما كان يمكن تحصيله وفق القواعد الجديدة في الاتفاق العالمي، تلتزم برد الفارق إلى الشركات عن طريق ائتمان ضريبي، حسب بيان أمس الخميس.
قال وزير مالية النمسا، غيرنوت بلومل، في بيان: "سنتمكن بذلك من تجنب الرسوم العقابية الأمريكية الوشيكة وتستمر قواعدنا حتى يُطبق الإصلاح الضريبي العالمي".