يمضي المشرّعون الأمريكيون سريعاً في إصدار التشريعات التي ستُغيّر طريقة إدارة "أبل" لمتجر التطبيقات الخاص بها، نظراً إلى عدم اقتناعهم بتحركات الشركة الأخيرة بخصوص معالجة شكاوى مكافحة الاحتكار المرفوعة من قِبل المطورين والجهات التنظيمية حول العالم.
يفرض مشروع القانون، المقترح من قِبل ثلاثة أعضاء منتمين إلى الحزبين في مجلس الشيوخ، تغييرات كبيرة على الطريقة التي يحمّل بها المستهلكون التطبيقات، وكيفية استخدامها على أجهزة "أيفون" وأجهزة "أبل" الأخرى.
التصدي للاحتكار
وقالت النائبة الديمقراطية إيمي كلوبوشار، رئيس اللجنة الفرعية لمكافحة الاحتكار في مجلس الشيوخ وأحد رعاة مشروع القانون، إن الكونغرس لم يعُد مستعداً للوثوق بأن تقوم شركات التكنولوجيا "بالشيء الصحيح".
في بيان لـ"بلومبرغ" يوم الثلاثاء الماضي، قالت كلوبوشار: " لم تفعل (أبل) كثيراً رغم أنها اتخذت بعض الخطوات الصغيرة للرد على الانتقادات الموجهة إلى سلوكها المناهض للمنافسة. يتزايد الزخم بشأن تمرير قانون الأسواق المفتوحة للتطبيقات، الذي يعالج الاحتكار المزدوج من قِبل (أبل) و(غوغل)، وسأعمل مع زملائي في الحزبين على إنجازه".
يمثّل كل من متجر "غوغل بلاي"، التابع لـ "ألفابت"، ومتجر "أبل"، احتكاراً مزدوجاً لسوق تطبيقات الأجهزة المحمولة خارج الصين، وجرى تحميل 59% من التطبيقات عبر متجر "أبل" و41% عبر "غوغل بلاي"، وفقاً لبيانات "سينسور تاور" لبيانات التطبيقات.
متاجر تطبيقات بديلة
كما سيتطلب مشروع قانون مجلس الشيوخ من أجهزة الهواتف استضافة متاجر تطبيقات بديلة، مما يسمح للمستهلكين بإجراء عمليات الشراء من خلال أنظمة دفع بديلة، ويمنح مطوري التطبيقات إمكانية الوصول إلى جميع مكونات أجهزة "أيفون"، بما في ذلك تلك التي بقيت حصرية لتطبيقات "أبل" وملحقاتها في السابق.
سيؤثر بعض هذه التغييرات في "أبل" أكثر من "غوغل"، التي تسمح لمستخدمي "أندرويد" بتنزيل متاجر التطبيقات المنافسة، على عكس "أيفون" التي تقول إنها تعطي الأولوية لأمن المستخدمين، وتعمل في "بيئة مغلقة".
ودفعت عدة تطورات عالمية، بما في ذلك القانون المماثل الذي أقرته الجمعية الوطنية في كوريا الجنوبية الشهر الماضي، بالزخم في الولايات المتحدة لإجراء تغييراتها الخاصة.
ويعني دعم الحزبين لاقتراح متجر التطبيقات أنه قد يكتسب زخماً رغم انشغال الكونغرس بقائمة كاملة من مشاريع القوانين بعد عودة المشرّعين إلى واشنطن هذا الشهر.
جلسة استماع
بصفتهم رعاة مشاركين، يخطط مزيد من أعضاء مجلس الشيوخ للتوقيع، وفقاً لما ذكره مصدران مطلعان على صياغة مشروع القانون، وتقضي الخطوة التالية للتشريع، الذي قُدّم أيضاً في مجلس النواب، بتحديد جلسة استماع في اللجنة القضائية بمجلس الشيوخ بأكمله.
في نفس الوقت، رحّب بالتشريع مطوّرو التطبيقات من أمثال "سبوتيفاي تكنولوجي"، و"ماتش غروب"، و"تايل"، الذين أدلوا جميعاً بشهادتهم في جلسة استماع مجلس الشيوخ في شهر أبريل، المخصصة لدراسة ممارسات متجر التطبيقات، بما في ذلك رسوم العمولات بنسبة 15 إلى 30% المطبقة على المبيعات القائمة على التطبيقات.
تغييرات أقل من المطلوب
خلال الأسبوع الماضي، قالت "أبل" إنها ستسمح لبعض تطبيقات الوسائط الإعلامية مثل "نتفلكس" بتوجيه الأشخاص إلى أماكن أخرى مثل المواقع الإلكترونية للدفع مقابل الخدمات. وفي حين أن الأسعار بالنسبة إلى المستهلكين لا تحتاج إلى تغيير، فإن "أبل" ستفقد العمولة.
وينطبق الامتياز، الذي جاء رداً على تحقيق أجرته لجنة التجارة العادلة اليابانية، على تطبيقات محددة، خصوصاً الألعاب التي تمثل أكثر من 80% من عائدات متجر تطبيقات "أبل" وثلث التنزيلات، وفقاً للأدلة التي قدمتها شركة "إيبيك غيمز إنك" في دعواها القضائية ضد "أبل" بشأن ممارساتها في التطبيقات.
مع ذلك، يكتسب هذا التغيير أهمية تفوق التسوية الرمزية النسبية التي قامت بها "أبل" خلال الشهر الماضي نتيجة للدعوى القضائية الجماعية التي رفعها مطوّرو التطبيقات، إلا أن المشرّعين الأمريكيين يقولون إن هذه التغييرات لا تزال أقل من المطلوب فعله لمواجهة السلوك المناهض للمنافسة المزعوم في متاجر التطبيقات.
مطالبات بالمزيد
وقال جون بيرغماير، المدير القانوني لمنظمة "بابليك نوليدج" لسياسات التكنولوجيا التي تدعم مشروع قانون كلوبوشار، إن امتياز تطبيقات الوسائط قد يُهدئ أشرس نقاد "أبل"، لكنه يجبر مطوري الألعاب على الاستمرار في استخدام نظام الشراء الخاص بالشركة، الذي لا يزال يثير عدة أسئلة مشروعة حول سوء استخدام "أبل" لقوة السوق.
قال بيرغماير: "لا يتفق نقاد نموذج متجر (أبل) بنسبة 100% حول مدى النتيجة التي يجب التوصل إليها، ولكن هناك إجماع بأنه قد نحتاج إلى تحقيق أبعد مما أعلنته (أبل). من الأفضل لنا أن نحل الأمر بشكل منهجي بدلاً من انتظار الأساليب المجزأة الصغيرة".
على الجانب الآخر، رأى المطورون الذين قادوا الشكاوى ضد "أبل" أنه يتعين القيام بالمزيد. وتميل شركة "أبل"، وفقاً لمصدر مطلع على استراتيجية التطبيقات في إحدى الشركات، إلى جعل الامتيازات تبدو أكبر مما هي عليه، ومن خلال تنفيذ التغييرات في بعض التطبيقات والمدفوعات لن تساعد الاستجابة إلى الجهات التنظيمية اليابانية التطبيقات التي تحقق أكبر قدر من الإيرادات.
يرى المطوّرون والمشرّعون في نفس الوقت زيادة الزخم لمشروع قانون مجلس الشيوخ الذي يرعاه كل من الديمقراطي ريتشارد بلومينثال عن ولاية كونكتيكت، والنائبة الجمهورية مارشا بلاكبيرن عن ولاية تينيسي.
"أبل" لا تزال تقاوم
حاولت جماعات الضغط المؤيدة لـ"أبل" و"غوغل" التواصل مع أعضاء اللجنة الفرعية لمكافحة الاحتكار في مجلس الشيوخ منذ جلسة الاستماع بشأن متجر التطبيقات في شهر أبريل، بحجة أن الإجراء سيضر بسلامة المستخدمين والمستهلكين.
وتقاوم شركة "أبل" بشكل خاص تلك الأحكام التي قد تفرض متاجر تطبيقات بديلة على أجهزتها، في ما يعرف بعملية التحميل الجانبي، على حد قول جماعات الضغط وأعضاء الكونغرس الذين استمعوا إليهم.
ورفضت كل من "أبل" و"غوغل" التعليق على الأمر.
قضية "إيبيك غيمز"
مؤيدو مشروع القانون على الجانب الآخر يتوقعون أن تعترض "أبل" على أحكام الإنفاذ التي ستسمح للمطورين الأفراد برفع دعاوى قضائية للحصول على تعويضات، إلا أن القرار بشأن قضية "إيبيك" قد يؤثر في دفع الكونغرس إلى تغيير متاجر التطبيقات، إذ قد يفرض قرار قاضية المقاطعة إيفون غونزلايس روجرز في تلك القضية تغييرات بمتجر تطبيقات "أبل"، التي لمّحت إلى أن حكمها لن يرضي أياً من الطرفين.
كما سخر الرئيس التنفيذي لـ"إيبيك"، تيم سويني، من تسوية "أبل" مع اليابان التي سمحت لتطبيقات محددة بتجنُّب نظام الدفع الخاص في "أبل"، متسائلاً عن سبب استبعاد تطبيقات الألعاب مثل "فورتنايت" التابعة لـ"إيبيك".
اقرأ أيضاً: معركة "أبل" و"إبيك" تصل إلى القضاء بسبب "احتكار" سوق التطبيقات
تحقيقات دولية
ولا تعتبر الحكومة اليابانية الوحيدة التي تدقق في "أبل" و"غوغل"، فقد أصدرت سلطات المنافسة الأوروبية شكوى ضد "أبل" تتهمها بإساءة استخدام سلطتها في بث الموسيقى.
وفي شهر يوليو، شهدت الولايات المتحدة رفع دعوى قضائية من قِبل ائتلاف من المدّعين العامّين بشأن ممارسات متجر تطبيقات "غوغل" التي تشمل فرض "عمولة باهظة" على مبيعات التطبيقات.
كما تمضي وزارة العدل قُدماً في تحقيق مكافحة الاحتكار لشركة "أبل"، الذي بدأ خلال إدارة ترامب، وفقاً لمصدر مطلع، مرجحاً أن المسؤولين سيقررون في العام المقبل ما إذا كانوا سيرفعون قضية أم لا.