يستمر زخم الصفقات السعودية في سوق الرعايات الرياضية العالمية، ليطال أكثر من 20 لعبة، حيث تسجل العلامات التجارية لمؤسساتها وفعالياتها حضوراً من كرة القدم الأوروبية، إلى الملاكمة الأميركية، والكريكيت الهندي، وعالم المحركات "فورمولا 1"، وصولاً إلى لعبتي الأثرياء التنس والغولف.
تجاوز عدد عقود الرعاية التي أبرمتها جهات سعودية في قطاع الرياضة على مستوى العالم الـ320 صفقة، شملت 21 لعبة رياضية، وفق دراسة لمعهد "بلاي ذا غيم" (Play The Game) الدنماركي.
هذه الاستثمارات التي تتسم بالتنوع من حيث شعبية وانتشار الرياضات التي ترعاها، وتغطيتها لمختلف المناطق الجغرافية حول العالم، بما يصبّ بمستهدف ترويج المملكة استثمارياً وسياحياً، تشهد أيضاً قفزةً في أحجامها المالية وتركيزاً أكبر على جدواها المالية، كصفقة إطلاق اسم "طيران الرياض" على ملعب نادي "أتلتيكو مدريد" الإسباني المقدّرة قيمتها بنحو 300 مليون يورو، والعمل على تحويل دوري الكريكيت الهندي إلى شركة قابضة بقيمة 30 مليار دولار، بحسب بلومبرغ.
من المتوقع أن تنمو سوق الرعاية الرياضية عالمياً من 105.5 مليار دولار في 2023 إلى 114.4 مليار دولار بنهاية العام الحالي، وأن يستمر النمو بمعدل سنوي مركب 8.7% ليصل إلى 189.5 مليار دولار بحلول عام 2030، بحسب دراسة صادرة عن "360 أي ريسيرش".
حضور قوي لكرة القدم
مع تقديم المملكة لملف استضافة كأس العالم لكرة القدم 2034، زادت الرعايات السعودية بشكل واضح لهذه اللعبة، حيث حصلت "طيران الرياض" مؤخراً على حقوق تسمية ملعب "ميتروبوليتانو" الخاص بنادي أتلتيكو مدريد الإسباني، لمدة 9 سنوات، في صفقة أفادت تقارير إسبانية أن قيمتها ما بين 250 إلى 300 مليون يورو.
يُعد العقد الجديد توسيعاً للشراكة التي بدأت بين "طيران الرياض" والنادي الإسباني في أغسطس 2023، والتي أصبحت بموجبها الناقلة الجديدة الراعي الرئيسي لقميص النادي، مقابل نحو 40 مليون يورو سنوياً. وتنسجم هذه الصفقة مع توجه شركات طيران خليجية لإطلاق علاماتها التجارية على ملاعب كرة قدم عريقة، مثل "طيران الإمارات" على ملعب نادي "أرسنال" حتى عام 2028 مقابل 200 مليون جنيه إسترليني، و"طيران الاتحاد" على ملعب نادي "مانشستر سيتي"، المملوك لإمارة أبوظبي، مقابل 15 مليون جنيه إسترليني سنوياً.
"موسم الرياض" بدوره وقع الأسبوع الماضي اتفاقية رعاية لبطولة الدوري الإسباني "لا ليغا" مدتها 3 مواسم، لينضم لحملة "روح السعودية"، التي وقعت الموسم الماضي عقد رعاية مع ذات الجهة في صفقةٍ تصل قيمتها إلى 22 مليون يورو سنوياً، بحسب "غلوبال داتا".
كان "موسم الرياض" وقع أيضاً اتفاقيات رعاية لمسابقات مع الاتحاد المصري لكرة القدم، والاتحاد الأفريقي لكرة القدم، كما حصل على حقوق الرعاية الرئيسية لنادي روما الإيطالي لمدة موسمين بداية من أكتوبر 2023، مقابل 8 ملايين يورو، بحسب "سبورتس برو ميديا".
وتُعد شركة "صلة" للفعاليات صاحبة السبق سعودياً في هذا المجال، بعدما وقعت عقد رعاية لنادي نيوكاسل يونايتد الإنجليزي، المملوك لصندوق الاستثمارات العامة السعودي، في يونيو 2023، بقيمة 25 مليون جنيه إسترليني سنوياً، بحسب تقارير إنجليزية.
بدورها، أعلنت شركة "أرامكو" السعودية في أبريل عن توقيع عقد شراكة مع الاتحاد الدولي لكرة القدم "FIFA" لمدة 4 سنوات، بحيث ستكون عملاقة الطاقة راعياً لعدة أحداث رياضية تابعة لـ"فيفا" أبرزها مونديال 2026، وكأس العالم للسيدات 2027. وكانت مجلة "تايمز" قدرت قيمة هذه الصفقة بنحو 100 مليون دولار سنوياً.
كما شملت الرعايات السعودية اتحاد أميركا الشمالية والوسطى ومنطقة البحر الكاريبي لكرة القدم (الكونكاكاف)، من خلال صندوق الاستثمارات العامة، وكذلك "طيران الرياض".
ألعاب الأثرياء ضمن الدائرة السعودية
خطط السعودية للتنويع الاستثماري في قطاع الرياضة ورعاية فعالياته لم تقف عند حدود كرة القدم، اللعبة الأكثر شعبية في العالم والتي يُطلق عليها "لعبة الفقراء"، بل طالت أيضاً التنس والغولف، اللتين تصنفان تاريخياً في مقدّمة "ألعاب الأثرياء". فقد أطلق صندوق الاستثمارات العامة، بنهاية فبراير، شراكة استراتيجية مع رابطة محترفي التنس ستمتد لعدة سنوات. وسيحمل التصنيف الرسمي لرابطة محترفي التنس اسم الصندوق باعتباره الشريك الرسمي للرابطة.
وبحسب "بلومبرغ"، من المتوقع أن تضخ السعودية في فعاليات وأنشطة رابطة محترفي التنس نحو ملياري دولار.
كما تحتل السعودية مكانةً بارزة برياضة الغولف، من خلال صفقة عُقدت في يونيو 2023، باتفاق "رابطة لاعبي الغولف المحترفين" ومنافستها الرئيسية "ليف غولف" المدعومة سعودياً، إلى جانب "دي بي وورلد تور" على الاندماج، ما خلق أكبر كيان في لعبة الغولف عالمياً، بعد خلافات كبيرة. لكن تفعيل الصفقة لم يتم حتى الآن بسبب جدل على أجور اللاعبين، وفقاً لـ"بلومبرغ".
موطن الملاكمة العالمية
وصف إيدي هيرن، رئيس شركة "ماتش روم بوكسينغ"، بمقابلة مع "الشرق"، الرياض بأنها باتت "موطن الملاكمة العالمية"، في تنويهٍ بما تشهده هذه اللعبة من فورة استثمارات سعودية.
وفي أبريل الماضي، أعلن رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للترفيه السعودية تركي آل الشيخ عن رعاية "موسم الرياض" لرابطة الملاكمة العالمية. وتتبوّأ مباريات الملاكمة، ومنها مباريات "توحيد الألقاب" المرتقبة عالمياً، صدارة فعاليات "الموسم" هذا العام.
أما في الألعاب القتالية الأخرى، بخلاف الملاكمة، فاستثمرت السعودية نحو 100 مليون دولار لشراء حصة أقلية في دوري المقاتلين المحترفين الأميركي "بي إف إل"، من خلال شركة "سرج" التي أنشأها صندوق الاستثمارات العامة في صيف 2023.
كما تتواجد الشركات السعودية في رعاية رياضات المحركات، من خلال "فورمولا 1" التي تستضيف مدينة جدة أحد سباقاتها، وتحظى "أرامكو" بمكانة كبيرة في هذا المضمار من خلال الشراكة مع فريق "أستون مارتن" الذي تحول اسمه إلى "أستون مارتن أرامكو" بدءاً من مطلع العام الجاري وحتى 2028.
عملاقة الطاقة أيضاً، مع الهيئة السعودية للسياحة، هما ضمن رعاة الدوري الهندي للكريكيت الذي تعمل المملكة على تحويله إلى شركة قابضة قيمتها تصل إلى 30 مليار دولار، على أن تقوم بعد ذلك بشراء حصة مهمة فيها، بحسب تقرير لـ"بلومبرغ".