النسخة الأولى من كأس العالم للرياضات الإلكترونية التنافسية انطلقت بمجموع جوائز بقيمة 60 مليون دولار

آدم مينتر: على الرياضة الإلكترونية معالجة أسباب تهميشها للنساء

لاعبون لرياضات إلكترونية - المصدر: بلومبرغ
لاعبون لرياضات إلكترونية - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

- مقال رأي

انطلق أول كأس للعالم للرياضات الإلكترونية في المملكة العربية السعودية نهاية الأسبوع الماضي، بمجموع جوائز بقيمة قياسية بلغت 60 مليون دولار. 

يقل ذلك المبلغ فقط ببضعة ملايين عن الرقم القياسي التاريخي الذي يبلغ 64 مليون دولار، ويُقدم خلال الشهر الجاري في بطولة ويمبلدون، كما يعتبر تذكيراً بالحضور التجاري والثقافي المتزايد لألعاب الفيديو التنافسية على مستوى العالم.

مع ذلك، وخلافاً لويمبلدن، لا تمنح جوائز كأس العالم للرياضات الإلكترونية للرجال والنساء بالتساوي. فمن بين 22 مباراة في المسابقة، هناك واحدة فقط محجوزة للنساء هي لعبة "موبايل لجندز: بانغ بانغ" أو "إم إل: بي بي" (ML:BB).

وفي وقت لاحق من الشهر الجاري، ستتنافس الفرق الاثنا عشر في تلك المسابقة على جائزة مالية قدرها 500 ألف دولار. وفي الوقت نفسه، تتنافس الفرق الثلاثة والعشرون في نسخة كأس العالم التي يطلق عليها اسم دورة "إم إل: بي بي" (ML:BB) والتي تقتصر جميعها على مشاركة الرجال  على جائرة بقيمة 3 ملايين دولار. 

ذلك النوع من التفرقة في قيمة الجوائز لا يوجد في كأس العالم للرياضات الإلكترونية فقط، فمن بين 181 مليون دولار وزعت كجوائز مالية في منافسات رياضية عام 2023، فازت الدورات النسائية بجوائز قيمتها 2.4 مليون دولار فقط. 

تلك الأوضاع تثير الارتباك في أي مجال من المجالات خلال العام الحالي، ويجب على الرياضات الإلكترونية الاحترافية معالجة الأسباب الأساسية وراءها، وإلا فهي تخاطر بتهميش نفسها. 

تأثير كبير وبيئة عدائية

غالباً ما يُفاجأ عشاق الرياضات الأخرى عند معرفة حجم تأثير الرياضات الإلكترونية ثقافياً وتجارياً بالفعل. كان هناك ما لا يقل عن 3.3 مليار لاعب لألعاب الفيديو في جميع أنحاء العالم في عام 2023، 45% منهم من النساء، وحققت سوق هذه الألعاب عائدات قيمتها 184 مليار دولار، وفقاً لشركة "نيوزو" (Newzoo)، وهي شركة أبحاث وبيانات لألعاب الفيديو.

هذه أرقام مذهلة بالنسبة لرياضة ترتبط ارتباطاً قوياً بالشباب. كما يمكن لأي شخص سبق له أن دخل إلى لعبة متعددة المستخدمين عبر الإنترنت أن يشهد على أن بيئة الألعاب يمكن أن تكون عدائية وغير مرحبة، خاصة بالنسبة للنساء.

وجدت دراسة استقصائية أجرتها شركة "برايتر" (Bryter) عام 2022 وشملت 1500 لاعبة في المملكة المتحدة والولايات المتحدة والصين، أن 72% ممن شملهن الاستطلاع تعرضن للضرر الشديد عبر الإنترنت، و40% منهن أبلغن عن تعرضهن للإساءة اللفظية، و35% منهن ادعين أنهن تعرضن لطلب إرسال محتوى غير لائق عبر الإنترنت، و28% منهن أبلغن أنهن استهدفن بالتحرش الجنسي.

كذلك، لا تقتصر البيئة العدائية في هذه الألعاب على اللاعبين الذين يعادون النساء فقط، بل يجب توجيه اللوم أيضاً إلى المطورين والبطولات التي ترخص هذه الألعاب.
 على سبيل المثال، لدى قطاع الألعاب سمعة طويلة في تصوير الشخصيات النسائية في الألعاب تصويراً يغالي في الإيحاءات الجنسية. وتلاحظ النساء أن 69% من اللاعبات اللاتي شملهن استطلاع "برايتر" اتفقن على وجود مبالغة في عرض الشخصيات النسائية في الألعاب من الزاوية الجنسية.

نستطيع أن نتتبع تأثير بيئة الألعاب العدائية. فوفقاً لنتائج "برايتر"، ما يقرب من نصف النساء اللاتي يلعبن ألعاباً متعددة اللاعبين لا يكشفن عن جنسهن، وتتجنب واحدة من كل ثلاث نساء التحدث أثناء اللعب، خوفاً من ردود الفعل السلبية من اللاعبين الذكور.

في الواقع، ليس من غير المألوف أن يُطلب من اللاعبات مغادرة الألعاب بعد أن يدرك اللاعبون الذكور أنهم يلعبون مع النساء أو ضدهن. وربما لا يدهشنا أن النساء أكثر من الرجال ميلاً للعب المنفرد ودون اتصال بالإنترنت.

غياب فرص التطور والتدريب

من خلال تجنب اللعب مع الرجال أو استبعادهن من ذلك، تفقد اللاعبات فرصاً قيمة للتطور يمكن أن تدربهن على المنافسة على أكبر الجوائز.

إذا حكمنا من خلال الانضمام لكأس العالم للرياضات الإلكترونية وغيرها من البطولات الكبيرة الأخرى، فإن معظم فرق الرياضات الإلكترونية الاحترافية تتكون من الرجال. ولا يوجد الكثير مما يشير إلى أن القطاع ليس سعيداً بأن تظل على هذا الشكل. ونتيجة لذلك، حتى النساء اللاتي طورن مهارات احترافية، يفتقرن إلى فرص المنافسة في مسابقات الرياضات الإلكترونية.

الفجوة في الأجور هي نتيجة حتمية لذلك. تصدر شركة الاحصاءات المستقلة "إي سبورتس إيرنينغز" (Esports Earnings) قائمة بأعلى 1000 رياضي في الرياضات الإلكترونية من حيث الأرباح المهنية. وكانت المرأة الأعلى دخلاً في هذه القائمة هي الكندية ساشا "سكارليت" هوستين، التي تحتل الآن المرتبة 526. وفي عام 2021، كانت هي أيضاً المرأة الأعلى تصنيفاً وفي المرتبة 367. 

من المفارقات أن هوستين ونساء أخريات تراجعن، في الوقت الذي كانت فيه اللاعبات في الرياضات الأخرى، من كرة السلة إلى الكرة الطائرة، يظهرن قوة تجارية وثقافية. وهذا التباين ينبغي أن يحرج ويربك قطاع الرياضات الإلكترونية.

هذه الرياضة بالتأكيد تعلم أن لديها مشكلة. لهذا السبب قامت بمحاولات حسنة النية، مثل تكوين الفرق والبطولات والمسابقات المخصصة للنساء فقط، ولكن هذه الحلول فشلت في إحداث تأثير كبير، ويرجع ذلك أساساً إلى أنها من خلال فصل النساء، تساهم عن غير قصد (أو ربما عن قصد) في تعزيز التصور الخاطئ بأن اللاعبات الإناث أقل مهارة بطبيعتهن. وهذا التصور، بدوره، يؤدي بالدورات -مثل كأس العالم- إلى تهميش النساء وتخصيص أموال أقل لهن.

المساواة في الجوائز المالية

إذا كان قطاع الرياضات الإلكترونية جاداً في إصلاح هذا الخلل، فيجب أن يبدأ بالمساواة في الجوائز المالية في البطولات التي يشارك فيها اللاعبون الذكور والإناث. 

ولا تقل أهمية عن ذلك المبادرات التي تتيح فرصاً متساوية للاعبات للانضمام إلى أفضل اللاعبين الذكور والتنافس ضدهم. 

في وقت سابق من هذا العام، على سبيل المثال،  أعلنت مسابقة "إم إل: بي بي" التطويرية في إندونيسيا أنها ستضم فرقاً للرجال وأخرى للنساء تتنافس ضد بعضها البعض. هذه خطوة كبيرة وستمكن اللاعبات من تحسين مهاراتهن؛ على أمل شق طريقهن إلى المنافسات ذات المستوى الأعلى والجوائز المرتفعة التي تستبعدهن حالياً. وهي بذلك تجربة تستحق المحاكاة.

في الوقت نفسه، يمكن أن تسرع الدورات المستقبلية من كأس العالم للرياضات الإلكترونية من هذه العملية من خلال مطالبة الفرق المكونة من الذكور فقط بضم لاعبة أو اثنتين من الإناث. فهذا الحافز الذي يعتمد على السوق من شأنه أن يشجع الفرق الكبرى على البحث عن لاعبات من الإناث، وفتح هذه الرياضة أمام جماهير جديدة.

وعلى مدى العامين الماضيين، حققت الرياضات النسائية والرياضيات تقدماً تجارياً وثقافياً هائلاً، وليس لزاماً على الرياضات الإلكترونية أن تتخلف عن هذا الركب. ولكن إذا استمرت في مسارها الحالي، فستكون تلك هي النهاية.

اضغط هنا لقراءة المقال الأصلي
هذا المقال لا يعكس موقف أو رأي "الشرق للأخبار"وهو منشور نقلا عن Bloomberg Mediaولا يعكس بالضرورة آراء مجلس تحرير Bloomberg أو ملاكها
تصنيفات

قصص قد تهمك