خلال موسم ونصف فقط من استحواذ صندوق الاستثمارات العامة السعودي على نادي نيوكاسل يونايتد لكرة القدم، نجح الفريق في بلوغ دوري أبطال أوروبا بعد غياب دام نحو 20 عاماً عن البطولة، باحتلاله مركزاً ضمن الأربعة الأوائل في الدوري الإنكليزي الممتاز.
تأهل نيوكاسل إلى المسابقة التي تضم نخبة من فرق القارة العجوز، والمعروفة باسم "شامبيونز ليغ" (Champions Legaue)، تحقق بتعادله 0-0 مع نادي ليستر سيتي مساء البارحة الإثنين. ويأتي التأهل على حساب نادي ليفربول الذي يضم في صفوفه النجم المصري محمد صلاح، أو نادي مانشستر يونايتد، بانتظار الجولة الأخيرة من الدوري الإنكليزي التي ستحسم مَنْ منهما يرافق نيوكاسل إلى دوري أبطال أوروبا.
الصندوق السيادي السعودي الذي استحوذ على نيوكاسل في أكتوبر 2021، ضخّ مع مستثمرين آخرين في النادي حتى الآن 450 مليون جنيه إسترليني (نحو 560 مليون دولار)، وهو ما يمثل أقل من 10% من العرض المقدم من المستثمر القطري الشيخ جاسم بن حمد آل ثاني لشراء نادي مانشستر يونايتد مقابل 5 مليارات جنيه إسترليني.
كما أن إجمالي المبلغ المستثمر في نيوكاسل قريب من الرقم الذي يتم تداوله لقيمة عقد النجم البرتغالي رونالدو مع نادي النصر السعودي لموسمين ونصف، ويزيد قليلاً عن نصف ما تردد عن عرض الهلال لضم بطل العالم الأرجنتيني ميسي مقابل 400 مليون دولار سنوياً لمدة موسمين.
الصندوق السيادي السعودي يضخ استثمارات جديدة في نيوكاسل الإنكليزي
ياسر الرميان، محافظ صندوق الاستثمارات العامة، ورئيس مجلس إدارة نادي نيوكاسل، كان قد صرح حول صفقة الاستحواذ على الفريق: "وصلنا عرضاً من أحد الأندية الإنجليزية للحصول على 30% من أسهمه مقابل 700 مليون جنيه إسترليني، بينما قمنا بشراء نيوكاسل مقابل 300 مليون جنيه إسترليني، وهو اختيار استثماري بحت".
نمو القيمة السوقية والعلامة التجارية
بحسب موقع "سبورتيكو"، يُعدُّ نيوكاسل أكثر الأندية الإنكليزية نمواً من حيث القيمة التجارية، التي تُقدّر حالياً بنحو 440 مليون دولار بارتفاع 63% عن عام 2021.
كذلك، فإن القيمة السوقية للاعبي الفريق قفزت بما يفوق 295 مليون دولار خلال 15 شهراً تقريباً، وفقاً لبيانات موقع "ترانسفير ماركت". ففي بداية 2022 كانت قيمة اللاعبين 239 مليون دولار، بينما وصلت حالياً إلى أكثر من 534 مليون دولار، ليحتل المرتبة الثانية أوروبياً من حيث زيادة قيمة اللاعبين.
منذ الاستحواذ السعودي عليه، أنفق نيوكاسل 316 مليون يورو (حوالي 340 مليون دولار) لتدعيم صفوفه بلاعبين جدد، وذلك على مدى 3 فترات انتقالات، بدأت بشتاء 2022 بصفقات بلغت قيمتها 140 مليون دولار، بينما ضمّ في الموسم الحالي بفترتيه الصيفية والشتوية لاعبين بقيمة 200 مليون دولار.
يلتزم نيوكاسل بسياسة متحفظة في تعاقداته من حيث نوعية اللاعبين الذين يعمل على استقطابهم، وهو ما عبّر عنه مدرّب الفريق إيدي هاو خلال ردّه على سؤال عن مدى اهتمام النادي بالتعاقد مع البرتغالي رونالدو أو البرازيلي نيمار، بقوله إن النادي "يفكر بطريقة أخرى تناسب مشروع الفريق على المدى الطويل، من ناحية اكتشاف لاعبين مميزين واعدين وتطويرهم، بدلاً من أن يضع النادي نفسه في وضع يفرض عليه دفع رواتب باهظة لنجوم الصف الأول".
تتضح السياسة "الرصينة" في الإنفاق لدى نيوكاسل عند مقارنتها، رغم الفارق الزمني الذي يصل إلى 13 عاماً، بتجربة مانشستر سيتي مع مجموعة أبوظبي المتحدة للاستثمار التي استحوذت على النادي في سبتمبر 2008، حيث أنفقت في أول موسمين حوالي 330 مليون دولار على ضم لاعبين جدد، وهو رقم ليس ببعيد عمّا أنفقه نيوكاسل رغم التضخم والارتفاع الهائل في أسعار اللاعبين خلال تلك الفترة. وجاء مانشستر سيتي بالمركز العاشر في الدوري الإنكليزي خلال الموسم الأول، وحلّ خامساً في الموسم الثاني، قبل أن يُحكِم سيطرته على البطولة في أكثر من موسم بقيادة المدرب الإسباني المخضرم غوارديولا.
وقياساً بمستوى المنافسة المرتفعة في الدوري الإنكليزي مقارنةً بنظيره الفرنسي، تتسم سياسة الإنفاق في نيوكاسل بالتحفظ مقارنةً بصفقات نادي باريس سان جيرمان الذي استحوذ عليه جهاز قطر للاستثمار في يونيو 2011، وأبرم تعاقدات قياسية لضم نجوم مثل ميسي ونيمار ومبابي.
الإيرادات مرشحة لقفزة
أنهى نيوكاسل العام المالي 2021-2022 بإيرادات بلغت 230 مليون دولار، أي بزيادة تفوق 45 مليون دولار عن العام الذي سبقه، كان الجزء الأكبر منها من نصيب الحقوق التلفزيونية بنحو 70%، والباقي مناصفة بين العوائد التجارية وعوائد تذاكر المباريات بقيمة 36 مليون دولار لكل منهما، بحسب "ديلويت" للمحاسبة والاستشارات.
هذه الأرقام مرشحة للزيادة بشكل كبير، فالفريق الموسم الماضي نال 22 مليون جنيه إسترليني (27 مليون دولار) بحصوله على المركز 11 في جدول ترتيب الدوري الإنكليزي، وهو ما قد يصل إلى الضعف هذا الموسم بوجوده ضمن المربع الذهبي.
كما أن المشاركة في دوري أبطال أوروبا ستفتح الباب أمام النادي لحصد المزيد من الأموال، فبلوغ دور المجموعات فقط ضَمِنَ له الحصول على 19 مليون دولار، وكل فوز يحققه الفريق بعد ذلك يُدخِل إلى خزينته 3 ملايين دولار، بخلاف اتفاقيات الرعاية والشراكات وكثافة الحضور الجماهيري، بما يُعدُّ نقطة تحول تاريخية في مسار النادي.