لن يُحسم الجدل حول ما إذا كان بيليه، الذي توفي يوم الخميس الماضي عن عمر يناهز 82 عاماً، أعظم لاعب كرة قدم على الإطلاق (مع اعتقادي أن هذا اللقب ينتمي إلى ليو ميسي)، لكن لا شك أنه كان أهم لاعب في تاريخ الرياضة الأكثر شعبية في العالم.
لعبة كرة القدم الحديثة –التي تستقطب مليارات المشجعين وتدر عائدات بمئات المليارات من الدولارات– لم تكن ممكنة لولا بيليه. بوصفه أول نجم رياضي عالمي حقاً، جعل اللعبة في متناول جمهور عالمي. في المقابل، لفت ذلك انتباه المعلنين والجهات الراعية إلى كرة القدم الذين يسعون وراء انتباه هذا الجمهور.
تأثير هائل في رياضة كرة القدم
كانت حقيقة أن بيليه من أصحاب البشرة السمراء نقطة حيوية لجاذبيته، وللتأثير الهائل الذي قد يحدثه في كرة القدم، فعندما ظهر لأول مرة على المسرح العالمي في كأس العالم 1958 في السويد، كانت الرياضة لا تزال في الغالب حكراً على الرجال البيض، إذ فازت إيطاليا وأوروغواي وألمانيا الغربية بالنسخ الخمس السابقة من البطولة.
كان وصول البرازيل إلى النهائي في عام 1950 نذيراً للتغيير الذي سيحدث، ومع وصول بيليه البالغ من العمر 17 عاماً إلى العالمية بعد بطولتين من هذا التاريخ، برز المزيج المثالي من المواهب والكاريزما والنجاح المطلوب لتحطيم الانقسام العرقي.
برز فجأة لاعب يمكن للجمهور غير الأبيض التماهي معه، وفي حين استاء المتفرجون الأوروبيون من براعته الرياضية، رأى الأولاد والبنات الصغار الذين يلعبون في شوارع وميادين آسيا وأفريقيا أنفسهم فيه، وقد ساعد أيضاً أنه جاء من المنطقة الأقل حظاً من بلدية باورو، في ولاية ساو باولو البرازيلية.
سبق بيليه الملاكم محمد علي ببضع سنوات، وهو الرياضي ذو البشرة السمراء الذي أصبح أيقونة عالمية، وفي الستينيات كان من الصعب معرفة أي منهما لديه أشهَر وجه على هذا الكوكب، وأظن أنه كان البرازيلي.
"بلومبرغ": "ملحمة" مونديال كلّف قطر 300 مليار دولار تتجه للسكون
اللؤلؤة السوداء
أطلق عليه كتّاب الرياضة المعاصرون (معظمهم من البيض) لقب "اللؤلؤة السوداء"، ورغم أن ذلك ينطوي على نفحة من الفظاظة، فإنه لا يهم جحافل المعجبين من أصحاب البشرة السمراء الذين تتسابق قلوبهم مع الإثارة لمشاهدة واحد منهم يتألق في اللعب.
دُعي المنتخب البرازيلي وفريق سانتوس، وهو النادي الذي لعب فيه بشكل احترافي، للعب في جميع أنحاء العالم، واكتظت الملاعب بحشود الأشخاص الذين جاءوا لرؤية "O Rei"، أي "الملك".
ازداد الصخب عندما واصلت البرازيل السيطرة على كرة القدم العالمية لأكثر من عقد من الزمن، وفازت بكأس العالم في عامي 1962 و1970 مع وجود بيليه الهداف. وتزامن هذا مع انتشار التليفزيون في معظم أنحاء العالم، مما أدى إلى قرب النجم إلى معجبيه بشكل أكبر.
إيرادات ضخمة يحققها الفيفا
بناءً على جاذبية بيليه، توسعت سوق كرة القدم بسرعة، مما جعل هذه الرياضة -ولا سيما منافستها التي تُقام كل أربع سنوات- مبهجة للمعلنين بقدر اهتمام الجماهير.
حقق الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) إيرادات قياسية بلغت 7.5 مليار دولار من بطولة كأس العالم الشهر الماضي التي استضافتها قطر.
في وقت متأخر من مسيرته الكروية، جلب بيليه كرة القدم إلى حدودها النهائية في الولايات المتحدة. وخلال السنوات الثلاث التي قضاها في منتصف السبعينيات مع فريق نيويورك كوزموس تعرّف الأميركيون على هذه الرياضة، وتابع 10 ملايين شخص البث المباشر لمباراته الأولى، وهو جمهور غير مسبوق لمباراة كرة قدم.
لم تدُم التجربة الأولى للدوري المحترف في الولايات المتحدة لفترة طويلة بعد تقاعد بيليه عام 1977، لكن المحاولة الثانية، وهي الدوري الأمريكي لكرة القدم، قد رسخت جذور اللعبة. وبدا أنه يشعر بسعادة كبيرة من استضافة الولايات المتحدة لكأس العالم عام 1994، وحقيقة فوز البرازيل بها، لأول مرة منذ انتصاره عام 1970.
لترقد يا إدسون أرانتيس دو ناسيمنتو بسلام.. أثّرت في كرة القدم من خلال لعبك وقوة نجوميتك التي ألهمت العالم.