يدرس المغرب تطبيق إلزامية التأمين على المساكن في محاولة للتخفيف من الآثار الاقتصادية التي يواجهها عند تعرض البلاد لكوارث طبيعية، آخرها زلزال العام الماضي.
دعت هيئة مراقبة التأمينات والاحتياط الاجتماعي، وهو الجهاز الحكومي المكلف بمراقبة قطاع التأمين وأنظمة التقاعد، الشركات الاستشارية إلى تقديم عطاءاتها قبل 20 نوفمبر لإجراء دراسة حول إلزامية التأمين السكني في المغرب.
يمثّل قطاع العقار ما يناهز 5% من الناتج المحلي الإجمالي في المملكة، واستفاد لفترة طويلة من ديناميكية بدأت عام 2005 مع تطور المدن الكبرى. وأطلقت الحكومة هذ العام برنامجاً جديداً لدعم امتلاك السكن للفترة 2024-2028، من شأنه أن يعزز المعروض من الوحدات السكنية وينعش القطاع بعد سنوات من الركود عقب جائحة كورونا.
إقبال ضعيف على التأمين السكني
"رغم تطور قطاع العقار السكني إلا أن اللجوء إلى التأمين من قبل المُلاك يبقى ضعيفاً، فهو إلزامي فقط في حال اقتناء السكن عن طريق قرض بنكي، وهذا جعل نسبة كبيرة من المنازل غير مشمولة بالتأمين"، بحسب يوسف بونوال، الرئيس السابق للاتحاد المغربي لوكلاء ووسطاء التأمينات.
وفقاً لهيئة مراقبة التأمينات، فإن "ضعف اللجوء إلى التأمين السكني تجلى بشكل واضح خلال الزلزال الذي ضرب البلاد في 8 سبتمبر 2023، حيث لم يكن بإمكان أغلبية ملاك المنازل المتضررة الاستفادة من (صندوق التأمين ضد الوقائع الكارثية) الذي أحدثته البلاد في السنوات الماضية".
أدى الزلزال الذي شهده المغرب العام الماضي، وكان الأقوى منذ أكثر من قرن، إلى تضرر حوالي 50 ألف منزل في مناطق مختلفة أغلبها في الأرياف، وأطلقت الحكومة على إثر ذلك برنامجاً لإعادة الإعمار بقيمة 120 مليار درهم للسنوات الخمس المقبلة، ويشمل ذلك منح إعانات مالية مباشرة للأسر.
سيتيح التأمين على السكن الحصول على التعويض في حال الكوارث الطبيعية مثل الزلازل، وأيضاً في حال الحريق والسرقة والخسائر المرتبطة بتسربات الماء، كما سيتيح هذا التوجه خفض المخاطر الاقتصادية، بحسب الهيئة في وثائق العطاء لإجراء دراسة إلزامية التأمين.
تخفيض الضغط على الميزانية
ضعف نسبة التأمين على المنازل جعل الأضرار المالية كبيرة جداً عقب زلزال الحوز، وكان على الدولة أن تتدخل بشكل أكبر للتعويض، كما أفاد بونوال في حديث لـ"الشرق". ومنحت الحكومة في الأشهر الثمانية الأولى من العام الجاري دعماً إجمالياً قدره 1.2 مليار درهم للأسر لإعادة بناء وتأهيل منازلها المتضررة، وفقاً لأرقام وزارة الاقتصاد والمالية.
يُعد المغرب من البلدان الأكثر عرضة لآثار التغيرات المناخية. هذا الوضع، وفقاً لرئيس المركز المغربي للحكامة والتسيير حسب يوسف كراوي؛ "يتطلب توسيع منتجات التأمين لتشمل القطاع السكني لتخفيف الضغط على ميزانية الدولة كلما وقعت فيضانات أو زلزال". مضيفاً في حديث لـ"الشرق" أن "الفائدة ستعم على الدولة وملاك المساكن وأيضاً شركات التأمين، لكن من الضروري أن تكون اشتراكات التأمين مناسبة لمختلف شرائح المجتمع لتفادي زيادة التكاليف عليها".
سجلت شركات التأمين في النصف الأول من العام إيرادات إجمالية بنحو 35 مليار درهم، بارتفاع 5% على أساس سنوي. فيما بلغت أرباحها 3.1 مليار درهم، استناداً لإحصائيات هيئة مراقبة التأمينات والاحتياط الاجتماعي.
ستوفر الدراسة الأرضية للحكومة لإعداد مشروع قانون لتطبيق الإلزامية في حال اقتنعت بجدوى الخطوة، بحسب يوسف بونوال، وأشار إلى أن "شركات التأمين ستستفيد من هذا الإجراء المرتقب وسيكون عليها مواكبة التطور الاقتصادي في البلاد، لكن من الضروري أن تكون الاشتراكات مناسبة للقدرة الشرائية للمواطنين".