سجلت أسهم 3 شركات عقارية مدرجة في بورصة المغرب قفزةً غير مسبوقة منذ بداية هذا العام، بعد سنوات من الانخفاض المستمر تحت تأثير الركود الذي عاشه القطاع عقب جائحة كورونا، حيث عادت هذه الأسهم اليوم إلى مستويات ما قبل 2019.
مجموعة "الضحى"، أكبر هذه الشركات، تضاعف سعر سهمها منذ بداية العام ليصل إلى 28 درهماً في آخر جلسة تداول الأربعاء. تُعتبر هذه الشركة إحدى أهم المجموعات العائلية في البلاد العاملة في قطاع العقارات السكنية والتجارية بقيمة سوقية تناهز 1.1 مليار دولار.
شركة "أليانس" هي الأخرى استعادت عافيتها بعدما زاد سهمها بنحو 105% منذ بداية العام الجاري، فيما سُجلت أكبر قفزة لدى شركة "إقامات دار السعادة" عقب ارتفاع سهمها بنسبة 250% بحسب بيانات بورصة الدار البيضاء حتى نهاية جلسة تداول الأربعاء.
دفعة الدعم الحكومي
وراء قفزة أسهم هذه الشركات عاملين رئيسيين، الأول يتمثل ببدء تنفيذ برنامج حكومي لدعم تملك المواطنين للمساكن في يناير الماضي، والثاني: إعادة تفعيل برنامج القضاء على المساكن العشوائية (مدن الصفيح)، بحسب نوفل أوراغ، المحلل الرئيسي بالشركة المتخصصة في البورصة "إم.إس.إن" (M.S.IN)، في حديث لـ"الشرق".
خصّصت الحكومة لبرنامج دعم امتلاك السكن ميزانية تناهز 9.5 مليار درهم (950 مليون دولار) للعام الجاري، وهو موجه للأسر من الطبقتين المتوسطة وذات الدخل المنخفض، ويمتد إلى غاية 2028. فيما يتمحور البرنامج الثاني حول هدم المساكن العشوائية وبناء أخرى قانونية، ولطالما كانت تمثل هذه الأعمال نسبة مهمة من نشاط الشركات الثلاثة لتعاقدها مع الدولة لبناء المساكن الجديدة.
عانى القطاع العقاري في المغرب منذ قرابة عقد من صعوبات تفاقمت أكثر عام 2020 بسبب تداعيات جائحة كورونا، وما تلاها من تضخم أثّر على القدرة الشرائية للأسر وارتفاع أسعار مواد البناء. يمثّل قطاع البناء بصفة عامة ما يناهز 6% من الناتج المحلي الإجمالي في المملكة، واستفاد لفترة طويلة من دينامية بدأت عام 2005 مع تطور المدن الكبرى.
نوّه نوفل أوراغ أن "أسهم الشركات العقارية الثلاثة المدرجة في البورصة سجلت انخفاضاً مستمراً لسنوات طويلة وزادت حدة ذلك بعد جائحة كورونا، لكن إعلان الحكومة عن برنامج دعم امتلاك السكن أعطى دفعة قوية للقطاع وجعل المستثمرين يتوقعون عودة أداء الشركات إلى مستويات إيجابية والخروج من نفق الأزمات".
توقعات إيجابية
وصل عدد المستفيدين من البرنامج الحكومي لدعم امتلاك السكن لأكثر من 16 ألف أسرة حتى نهاية الأسبوع الماضي، وناهزت قيمة المساكن التي تم اقتناؤها 6.3 مليارات درهم، بحسب معطيات حكومية رسمية. وساهم ذلك في إعادة مؤشرات قطاع العقار إلى الارتفاع لاسيما على صعيد المشاريع المرخصة وقروض السكن، بحسب إفادات قدمتها فاطمة الزهراء المنصوري، وزيرة الإسكان والتعمير، للمشرعين أمس الأربعاء.
سيشمل برنامج الدعم المالي لامتلاك السكن نحو 100 ألف مستفيد بدايةً من هذا العام، وتقدم الدولة منحاً مالية قدرها 100 ألف درهم (10 آلاف دولار) لمشتري المساكن التي يقل سعر كل منها عن 300 ألف درهم، وينخفض إلى 70 ألف درهم (7000 دولار) للمسكن الذي يتراوح سعره بين 300 إلى 700 ألف درهم مع احتساب الرسوم.
لا يقل "البرنامج الوطني مدن بدون صفيح" أهمية، فمنذ انطلاقه قبل عقدين أنفقت الحكومة نحو 45.7 مليار درهم، ويرتقب أن يتم إنهاء البرنامج بحلول 2028 عبر إسكان 120 ألف أسرة، وهو ما سيساهم في رفع الطلب على المشاريع السكنية حتى نهاية العقد الجاري، بحسب وزيرة الإسكان والتعمير.
يُتوقع أن يشهد قطاع البناء تحسناً متتالياً في السنوات المقبلة مع توقع زيادة مبيعات الـسمنت، التي تعتبر مؤشراً رئيسياً لأدائه، بمتوسط 4.8% ابتداءً من العام الجاري وعلى مدى 5 سنوات، مدفوعاً بمشاريع السكن والبنية التحتية استعداداً لكأس العالم 2030.