توقعت وكالة "أس أند بي غلوبال" للتصنيفات الائتمانية أن تبدأ سوق العقارات في دبي بالتباطؤ خلال الـ12 إلى 18 شهراً المقبلة، إذا أدت الضغوط الاقتصادية العالمية المستمرة إلى تراجع الطلب، ما يطرح تساؤلاً رئيسياً بشأن قدرة المطورين العقاريين على الصمود.
التقرير أشار إلى أن التوليد القوي للنقد ساهم في تعزيز السيولة ومقاييس الائتمان لدى المطورين، وأتاح لهم المجال لتحمل التحول في اتجاه الدورة الاقتصادية، ولكنه نبّه إلى أن "استمرار التصحيح لفترة طويلة قد يكشف عن ضغوط أعمق".
لم يتوقع التقرير حدوث اضطراب عميق في السوق، بل على العكس. إذ أشار إلى أن الزيادات في الأسعار يمكن أن تتباطأ أو ربما تتراجع قليلاً خلال الأشهر 12-18 المقبلة، مع انخفاض الأسعار بما لا يتجاوز 5%-10%، كما توقع أن تتباطأ مبيعات العقارات على المخطط أيضاً إلى مستوى يبقى ضمن النطاق الصحي.
اقرأ أيضاً: الروس يتصدرون قائمة أكبر مشتري العقارات في دبي
اعتبر التقرير أن المطورين سيعملون على تكييف عروضهم حسب الطلب، مرجحاً أن يواصلوا إطلاق عقارات مميزة، من بينها المساكن التي تحمل اسم علامات تجارية، والتي من المتوقع أن يكون الطلب عليها من الأثرياء أكثر استقراراً.
ورجح التقرير أيضاً أن يطلق المطورون وحدات أصغر، نظراً لأن سعر القدم المربع أصبح باهظاً، وبدأ المشترون في تقليص حجم المساحات، ما يتناقض مع تفضيل المشترين للمساحات الأكبر خلال الفترة السابقة نتيجةً للقيود التي فرضتها بالجائحة.
تحسين التحصيلات النقدية
نجح المطورون في تمرير الزيادات الكبيرة في الأسعار للعملاء، كما استطاعوا تحسين تحصيلاتهم النقدية. ولفت التقرير إلى أن خطط الدفع بعد التسليم أصبحت نادرة في دبي، رغم أنها كانت "القاعدة" في وقت ما. وأضاف أن المطورين الراسخين يستطيعون تحصيل 100% من النقد عند تسليم الوحدات، على عكس خطط الدفع التاريخية بعد التسليم التي امتدت حتى خمس سنوات.
ونتيجة لذلك، توقع التقرير أن تظل التحصيلات النقدية أعلى من المستويات التاريخية بسبب التدفق المستدام للأقساط المدفوعة سلفاً على مبيعات المشاريع الجديدة قيد الإنجاز، بالإضافة إلى التحصيل الأسرع في المشاريع الأخيرة، والتحصيلات المتبقية على المشاريع القديمة.
خلص التقرير إلى أن المطورين أصبحوا قادرين على "تقليل المخاطر في مشاريع البناء بوتيرة أسرع بكثير، وتغطية تكاليف البناء في غضون 18-24 شهراً من التحصيل، أو بوتير أسرع لدى البعض".
اقرأ أيضاً: دبي تعزز صدارتها لمبيعات العقارات الفاخرة حول العالم
احتياطات السيولة والربحية
رجح التقرير أن تضعف احتياطات السيولة والربحية عند تحول الدورة الاقتصادية، إذ سيتخلى المطورون تدريجياً عن قوتهم التسعيرية، مما يؤدي إلى تصحيح هوامش الأرباح قبل اقتطاع الفوائد والضرائب والإهلاك وإطفاء الدين من المستويات المرتفعة حالياً.
كما توقع التزامهم بتقديم شروط دفع أكثر ملاءمة للمشترين للحفاظ على معدلات منخفضة للتأخر في السداد، وضمان الحد الأقصى من التحصيل النقدي.
وأشار التقرير أيضاً إلى أن "احتياجات التمويل ستكون مرتفعة لدى مجموعة المطورين المصنفين لدينا؛ نظراً للعدد الكبير من المشاريع في ظل ارتفاع أسعار الفائدة لفترة أطول. ولذلك نتوقع أن تضعف مقاييس الائتمان في دورة الانكماش الاقتصادي التالية".
نبّه التقرير أيضاً إلى أن المنافسة على الأراضي ستشتد، في وقت تقلصت مخزونات الأراضي على مدى عدة سنوات لدى العديد من المطورين في دبي، خصوصاً بعدما أصبحت المباني المرغوبة على الواجهة البحرية وغيرها من المواقع المرموقة، أكثر ندرة وأكثر تكلفة.
صمود التصنيفات الائتمانية
التقرير توقع صمود التصنيفات الائتمانية للمطورين العقاريين في دبي، خصوصاً أنها تأخذ بعين الاعتبار درجة معينة من التقلبات في الطلب، لافتاً إلى أن ضعف توليد النقد وانخفاض هوامش السيولة، سيدفعان الشركات لزيادة الديون.
وأشار إلى أن الظروف تقترب حالياً من ظروف دورة الذروة، لكنها لن تظل على هذا النحو على المدى الطويل في هذا القطاع الدوري، مضيفاً أنه "مع تباطؤ اتجاهات القطاع، فإن التراجع في مقاييس الائتمان لن يؤدي على الفور إلى خفض التصنيفات الائتمانية، لأن نسب المديونية الحالية بعيدة عن السقف المحدد للتصنيفات".
مخاطر على قطاع العقارات في دبي
تشمل المخاطر التي تحدق بالقطاع العقاري، بحسب التقرير، تصاعد الصراعات الجيوسياسية في الشرق الأوسط، إلا أن دبي تستفيد من سمعة الملاذ الآمن، فهي على سبيل المثال، شهدت تدفقاً لوافدين من روسيا وأوكرانيا بسبب الصراع الأخير.
اقرأ أيضاً: شراء الروس للعقارات باهظة الثمن في دبي يتباطأ
كما أن تأثير تقلبات أسعار النفط سيكون محدوداً، إذ توقعت الوكالة أن يبلغ سعر برميل النفط 85 دولاراً أميركياً، ما يدعم استقرار مستوى الطلب.
وبينما قد يؤدي وجود نسبة كبيرة من الوافدين (أكثر من 90%) إلى تقلبات في الطلب، إلا أن تأشيرات الإقامة الذهبية وغيرها من الإجراءات تتيح للمستثمرين الإقامة في دبي لفترة أطول، ما يوفر بعض الراحة. كذلك، قد تؤدي الزيادات الكبيرة في الإيجارات إلى تسريع اتخاذ القرار بالشراء لدى المقيمين.