انكمش نشاط قطاع العقارات في الصين مجدداً خلال الربع الثاني بعدما توسع لفترة قصيرة الأمد في الربع الأول، مما يزيد من التحديات التي تواجه الاقتصاد.
تراجع القطاع 1.2% في الفترة من أبريل إلى يونيو على أساس سنوي، حسب تفاصيل بيانات الناتج المحلي الإجمالي التي أصدرها المكتب الوطني للإحصاء اليوم الثلاثاء.
يبدد هذا التراجع مسار توسع القطاع للمرة الأولى منذ 2021 المُسجّل في الربع الأول. وألقى الركود في سوق العقارات بثقله على التعافي الاقتصادي بالصين، حيث يضع هدف بكين لتحقيق نمو بنحو 5% في خطر.
أظهرت أرقام الناتج المحلي الإجمالي الصادرة أمس الاثنين أن النمو فقد الزخم خلال الربع الثاني، في حين تتزايد مخاطر الانكماش.
قال المكتب الوطني للإحصاء يوم الثلاثاء إن قطاعات الاستهلاك، مثل الفنادق والمطاعم والنقل والتجزئة، توسعت بوتيرة أسرع في الربع الثاني على أساس فصلي، ويرجع ذلك جزئياً إلى قاعدة المقارنة المنخفضة على أساس سنوي.
يأتي انكماش قطاع العقارات بعد أن أظهرت بيانات حديثة أن الاستثمار العقاري تراجع بوتيرة أكثر حدة في النصف الأول من العام، وانخفضت مبيعات المنازل في يونيو، بينما انخفضت أسعار المساكن في الشهر للمرة الأولى هذا العام.
خفضت العديد من بنوك "وول ستريت"، بما في ذلك "جيه بي مورغان" و "مورغان ستانلي"و "سيتي غروب"، توقعاتها للنمو (للصين) بعد بيانات الناتج المحلي الإجمالي المخيبة للآمال.
دعوات للتحفيز وسط مخاوف
قال مسؤول لدى أكبر وكالة للتخطيط الاقتصادي في الصين يوم الثلاثاء إنه ما يزال واثقاً من إمكانية تحقيق مستهدف النمو للعام بأكمله مع تفعيل السياسات الحالية والجديدة لدعم الاستهلاك.
أوضح جين شيان دونغ، المتحدث باسم اللجنة الوطنية للتنمية والإصلاح، أنه سيتم تطبيق عدد كبير من الإجراءات لتعزيز شراء السيارات والمنتجات الإلكترونية والاستهلاك في المناطق الريفية.
وبشكل منفصل، أصدرت عشرات الإدارات الحكومية بشكل مشترك، بما في ذلك وزارة التجارة، وثيقة سياسات يوم الثلاثاء لتسهيل استهلاك المنتجات المرتبطة بالمنازل، بما في ذلك الأجهزة والأثاث.
تتزايد الدعوات لتقديم مزيد من التحفيز ولكن يبدو أن المسؤولين مترددون في إطلاق العنان لسياسات جريئة نظراً للمخاوف بشأن مستويات الديون المرتفعة في الاقتصاد.
يتوقع خبراء اقتصاديون أن يتخذ بنك الشعب الصيني (المركزي) خطوات معتدلة (محدودة) لتيسير السياسة النقدية خلال الفترة المتبقية من 2023.
وذكرت صحيفة "تشاينا سيكيوريتيز جورنال" يوم الثلاثاء أنه من المرجح أن يخفض المركزي الصيني معدل الاحتياطي الإلزامي (كمية السيولة النقدية التي يتعين على البنوك الاحتفاظ بها) خلال الربع الثالث.
انسجام التوقعات مع مستهدفات الحكومة
قد يتضح المزيد من المؤشرات المتعلقة بالسياسات في اجتماع المكتب السياسي للحزب الشيوعي في وقت لاحق من هذا الشهر؛ حيث من المرجح أن يناقش المسؤولون التيسير النقدي والقضايا المتعلقة بديون الحكومات المحلية وربما قطاع الإسكان، وفقاً لما ذكرته دان وانغ، كبيرة الاقتصاديين في مصرف "هانغ سينغ بنك" (Hang Seng Bank).
قالت وانغ في مقابلة على تلفزيون "بلومبرغ" إن توقعات السوق بشأن نمو الناتج المحلي الإجمالي أصبحت الآن "أكثر اتساقاً مع المستهدف الرسمي وهذا أمر مرغوب فيه من وجهة نظر المسؤولين". و"طالما أنهم يوفرون وظائف كافية، فلا جدوى من إصدار حزمة تحفيز أكبر".
كما أن نمو الائتمان -المرتبط بشكل وثيق بسوق الإسكان- من المرجح أن "يظل هادئاً" في المستقبل، كون الحكومة تريد تجنب حدوث انتعاش حاد أو فقاعات مضاربة في سوق العقارات، وفق وانغ.