انخفضت مبيعات العقارات السكنية في المغرب خلال النصف الأول بنحو 17%، على أساسٍ سنوي، إذ تراجعت من نحو 60 ألف وحدة مباعة في الشهور الستة الأولى من 2021، إلى أقل من 50 ألفاً للفترة عينها من العام الحالي، بحسب بيانات صادرة حديثاً عن بنك المغرب المركزي.
يسهم قطاع العقار بنحو 6.3% من الناتج المحلّي الإجمالي، وفق أرقام رسمية. ويرى الخبير العقاري أمين مرنيسي أن انخفاض مبيعات العقارات السكنية في الربعين الأخيرين، يعود بشكلٍ جزئي إلى عدم إبقاء الحكومة على عدد من التحفيزات الضريبية التي كانت أقرّتها العام الماضي، من بينها تخفيض بنسبة 50% على رسوم التسجيل.
وأضاف لـ"الشرق" أن تضرّر القدرة الشرائية للمواطنين بعد أزمة جائحة كورونا؛ "كان له تأثير مباشر أيضاً على توجّه الأسر لاقتناء السكن بشكل أكبر".
هاجس التمويل
بالنسبة للربع الثاني تحديداً، فشهدت مبيعات المساكن في البلاد هبوطاً ملحوظاً بلغ 21% مقارنةً بالربع المماثل من العام الماضي، وذلك من 33 ألف وحدة إلى 26 ألفاً، ما يؤكّد تراجع إقبال المغاربة على اقتناء مساكنهم الخاصة.
هذا الانخفاض كان مدفوعاً بشكلٍ أساسي بهبوط مبيعات الشقق بنسبة 21%، تليها الفلل 15.8%، ومن ثم المنازل بمعدل تراجع 10.5%، استناداً لبيانات صادرة عن الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية والمسح العقاري والخرائطية.
يعزو أحمد بوحميد، رئيس الاتحاد الوطني لصغار ومتوسطي المطورين العقاريين بالمغرب، الانخفاض في مبيعات العقارات السكنية إلى "تعثر عدد المشاريع السكنية بعد إغلاقات كورونا، وعدم قدوم المغتربين المغاربة إلى البلاد بالمعدلات السابقة، لعامين متتالين، وهم الذين يُصنّفون تاريخياً بطليعة المستثمرين في العقار".
إلى ذلك، أشار بوحميد، في حديث لـ"الشرق"، إلى أن "المصارف المغربية أصبحت أكثر تشدُّداً بمنح القروض للمواطنين لاقتناء السكن؛ نظراً للتحوّط المفرط من ارتفاع الديون المتعثرة".
مؤخراً، أعلنت الحكومة المغربية عن تخصيص دعم مالي مباشر للأسر، والتخلّي عن الإعفاءات الضريبية لصالح المطوّرين العقارين، ضمن مشروع موازنة 2023 المرتقب المصادقة عليه في أكتوبر. ويؤكد مرنيسي أن توجُّه الحكومة "سيكون له تأثير إيجابي على سوق العقار العام المقبل".
الأسعار مستقرّة
على صعيد الأسعار، يتجلّى من البيانات الرسمية أن مؤشر أسعار الأصول العقارية ظلّ دون تغييرٍ يُذكر، إذ ارتفع في الربع الثاني 0.4% على أساسٍ سنوي، 0.2% على أساسٍ فصلي.
الزيادة الطفيفة تعزى إلى ارتفاع أسعار قطع الأرض بنسبة 1.8%، على أساس سنوي، مقابل انخفاض أسعار الأصول السكنية بنسبة 0.2%، والعقارات التجارية 0.4%.
بما يتعلّق بالأصول السكنية تحديداً، انخفضت أسعار الشقق، خلال الربع الثاني، بنسبة 0.5%. بينما ارتفعت أسعار المنازل والفلل بواقع 0.5% و1.2% على التوالي.
في مدينة الدار البيضاء، أكبر مدن المملكة، لم يتغيّر بشكلٍ كبير سعر المتر المربع للعقارات السكنية، حيث يتراوح حسب الموقع والتصنيف ما بين 860 دولار للمتر المربع للشقق السكنية المتوسطة، وصولاً إلى 1500 دولاراً للشقق الفاخرة.
تشاؤم وتفاؤل
يتوقّع أمين مرنيسي ألاّ تشهد العقارات السكنية القائمة زيادة كبيرة في الأسعار؛ "لكن المشاريع المستقبلية ستخضع لموجة ارتفاع أسعار مواد البناء في السوق الدولية". ويتفق معه في هذا التوقّع أحمد بوحميد.
واجه المطورون العقاريون منذ بداية العام ارتفاعاً كبيراً في أسعار الإسمنت والحديد والألمنيوم والزجاج.
في ظلّ غياب معطيات رسمية حول مخزون الوحدات السكنية والمتوقعة للعام المقبل، رجّح رئيس اتحاد صغار ومتوسطي المطورين العقاريين أن "مخزون الشقق الموجهة للطبقتين الفقيرة والمتوسطة قليل جداً، في حين يتوفر مخزون كافٍ من الشقق الفاخرة".
بخصوص مستقبل القطاع، اعتبر بوحميد أن المطورين العقاريين "يشكون غياب الرؤية نتيجة عدم إفصاح الحكومة عن استراتيجيتها بخصوص السكن الاقتصادي المدعم. فيما يحتفظ الخبير العقاري مرنيسي بالتفاؤل بانتظار كشف الحكومة عن تفاصيل الدعم المباشر التي ستمنحه للأسر لاقتناء السكن في أكتوبر".