يواجه وزير الإسكان الكندي، أحمد حسين، مهمة شاقة، وسط محاولات حكومته كبح جماح الارتفاع الصاروخي في أسعار المنازل، وهذه المهمة هي مضاعفة وتيرة بناء المنازل في البلاد في غضون 10 أعوام.
لكن حسين، الذي عُين في منصبه بعد انتخابات العام الماضي، يقول إن كندا لا تملك أي خيار آخر إذا أرادت الاستمرار في تعزيز اقتصادها وجذب المهاجرين المهرة، مضيفاً في مقابلة مع "بلومبرغ"، إن "قضية توافر المساكن أمر بالغ الأهمية لنجاحنا المستقبلي كدولة".
كانت أسعار المنازل في كندا مرتفعة بالفعل قبل تفشي الوباء، وقبل أن ترتفع بأكثر من 50% في العامين الماضيين، وبالتالي أصبح ارتفاع أسعار الوحدات السكنية أحد أهم القضايا السياسية في البلاد.
يدور جدل كبير حول الدافع وراء ذلك، في ظل محدودية الوحدات السكنية، ومستوى الهجرة المرتفع، ونشاط المستثمرين، وأسعار الفائدة المنخفضة للغاية، التي تم الاستشهاد بها كلها باعتبارها عوامل مساهمة.
لكن مع تزايد صعوبة امتلاك الأسر الأصغر سناً لمنزل في معظم المدن الكبيرة، أصبحت القدرة على تحمل التكاليف مشكلة رئيسية بالنسبة للحكومة الليبرالية برئاسة رئيس الوزراء جاستن ترودو.
تكلفة الإسكان
يوجه خصومه السياسيون انتباههم إلى هذه المشكلة، حيث نشر بيير بويليفر، المتسابق الأوفر حظاً في سباق قيادة حزب المحافظين المعارض، مقطع فيديو على "تويتر" هذا الأسبوع انتقد فيه تكلفة الإسكان ولام سجل إنفاق الليبراليين، وكذلك "المسؤولين" في الحكومة المحلية.
كان تعزيز المعروض من المنازل محور خطة الإسكان الواردة في ميزانية الربيع الخاصة بحكومة ترودو، وتقول الحكومة إن متوسط الوحدات السكنية الجديدة في كندا بلغ حوالي 200 ألف وحدة سنوياً في الأعوام الأخيرة، لكنها تعهدت بمضاعفة وتيرة البناء الجديد الحالية خلال العقد المقبل.
سرعان ما أثارت الخطة شكوك المحللين، حيث كتب روبرت كافيتش، كبير الاقتصاديين في بنك "مونتريال"، هذا الأسبوع في مذكرة للمستثمرين: "لن تكون هناك مراهنة، ليس بسبب الافتقار للنوايا الحسنة".
ندرة العمالة
أشار كافيتش إلى أن عمليات استكمال بناء المساكن تجري بالفعل على أعلى مستوى منذ السبعينيات، كما أن العمالة الماهرة نادرة في قطاع البناء، وستحارب الحكومات المحلية أي جهد بالمنطقة لتحقيق المزيد من الكثافة.
كذلك، شكك أفيري شينفيلد، كبير الاقتصاديين في شركة "سي أي بي سي وورلد ماركتس" (CIBC World Markets)، في جدوى الخطة نظراً للقيود المفروضة على العمالة.
كندا تستعدّ لمنع الأجانب من شراء المنازل وسط ارتفاع الأسعار
كتب شينفيلد يوم الخميس: "بدون خطة هجرة مستهدفة، أو جهود منسقة لإقناع السكان الشباب بالتفكير في استخدام مطرقة بدلاً من جهاز كمبيوتر محمول، سنواصل الكفاح لزيادة الإمدادات بشكل يكفي للسماح لمزيد من الكنديين بامتلاك منزلهم الخاص".
قال وزير الإسكان الكندي، إنه يعلم أن هذه الشكوك موجودة، لكنه جادل بأن حكومته أظهرت بالفعل قدرتها على تقديم برامج طموحة. تعهد الليبراليون، خلال العام الماضي، بحث كل مقاطعة على الانضمام إلى برنامج شامل لرعاية الأطفال، وتمكنوا من بلوغ نقطة النهاية الشهر الماضي عندما وافقت أونتاريو على الانضمام.
أضاف أنه "يمكن التعبير عن الشكوك، لكن الحقيقة هي أننا أظهرنا سجلاً حافلاً وقدرة على البناء والتعاون مع الأوامر الأخرى الصادرة عن الحكومة".
يعد صندوق تسريع الإسكان الذي تبلغ قيمته 4 مليارات دولار كندي (3.2 مليار دولار) أكبر إجراء جديد للإسكان في الميزانية، فهذا الصندوق يمكن للحكومات البلدية الاستفادة منه مقابل اتخاذ تدابير لتعزيز المعروض من المنازل.
ما زال يجري وضع الصيغة النهائية للتفاصيل المتعلقة بكيفية عمل الصندوق، الذي ينطوي على هدفين رئيسيين، بحسب حسين، الهدف الأول، وهو أن الحكومات المحلية التي تتقدم بطلب للحصول على المال ستحتاج إلى إنشاء "خرائط طريق" حول كيفية التغلب على العقبات التي تحول دون بنائها لمزيد من المنازل.
الهدف الثاني، وهو أنه يمكن استخدام الأموال لتسريع الموافقات على المشاريع عبر رقمنة السجلات أو تعيين مزيد من العمال للتعامل مع طلبات التصاريح وتقسيم المناطق.
خطة موثوقة
فيما يتعلق بالبلديات، قال حسين: "عليك أن تظهر الإرادة السياسية لمعالجة هذه العوائق، فعلى سبيل المثال تغييرات تقسيم المناطق للسماح بمزيد من الكثافة بالقرب من محطات النقل والمطالبة بمساكن ميسورة التكلفة في التطورات الجديدة.
وأفاد: "إذا لم يكونوا على استعداد للقيام بأي من ذلك، أو حتى تقديم خطة موثوقة لمعالجة هذه العوائق، فإننا لن نشارك بكل بساطة.. لكنني أعتقد أن كافة البلديات سترحب بذلك". وأوضح أن البرنامج يحظى بدعم من اتحاد البلديات الكندية ومجموعة رؤساء بلديات المدن الكبرى.
بالنسبة لنقص العمالة، يرى حسين أن الاستثمار في التدريب على اكتساب المهارات والهجرة يمكن أن يساعد في ذلك، موضحاً أن الهجرة هي إحدى الأدوات اللازمة لمعالجة نقص المعروض من المساكن الملائمة، لأن العديد من المهاجرين المهرة يأتون وفقاً لسياساتنا للهجرة الذكية لمساعدتنا على البناء.. مساعدتنا حرفياً في بناء بلدنا".
وعدت الميزانية بتقديم بنود أخرى لتعزيز المعروض، مثل ربط أموال البنية التحتية الفيدرالية بمتطلبات الإسكان وتخصيص 1.5 مليار دولار كندي أخرى لصالح صندوق لمشاريع الإسكان ميسور التكلفة.
أكد حسين أن حكومته لديها أدوات محدودة لاستخدامها في الإسكان، لأن حكومات المقاطعات والبلديات لديها جزء كبير من السلطة على الإسكان، مضيفاً "ما نحن مسؤولون عنه هو توفير القيادة ليكون لدينا نهج وطني، وخطة وطنية لمواجهة تحديات الإسكان ميسور التكلفة التي يعاني منها الكنديون".
يعتقد حسين أن الأموال المدرجة في الميزانية كافية لاتخاذ إجراءات جوهرية على المستوى المحلي، وقال "نحن لا نطلب منهم القيام بذلك فقط، بل إننا نوفر أيضاً موارد كبيرة لتحفيزهم على فعل ذلك، والاستثمار في قدراتهم على بناء المزيد من المعروض من المنازل وبنائه أيضاً بشكل سريع".