خصص مليارديرات من مالكي شركات التطوير العقاري في الصين 3.8 مليار دولار على أقل تقدير من ميزانياتهم الخاصة لإنقاذ شركاتهم المتعثرة من التخلف عن سداد الديون، في الوقت الذي أحاطت فيه أزمة السيولة النقدية بالقطاع.
بدءاً من بيع الأصول الفاخرة، وصولاً إلى حصص الملكية في الشركات المدرجة بالبورصة التي تتمتع بطلب مرتفع، باتت الميزانيات الشخصية لأقطاب قطاع العقارات الصيني عنصراً رئيسياً للمستثمرين لتحديد قدرة شركات التطوير العقاري على الالتزام بالوفاء بديونها المستحقة. سحب الرؤساء المؤسسون في سبع شركات عقارية، على أقل تقدير، من ثرواتهم لتدعيم شركاتهم في غضون الأسابيع الأخيرة.
لماذا يتخارج مستثمرون من سندات عقارية صينية من الدرجة الاستثمارية؟
المسؤولية المحدودة
تشير تلك الجهود إلى أي مدى بلغت شدة أزمة نقص السيولة المالية، بما يفوق الضغوط التي تعرضت لها الشركات العقارية في الماضي، عندما كانت لديها القدرة على جمع السيولة من خلال عمليات البيع السريعة أو عن طريق بيع أصولها التي تتمتع بالطلب المرتفع. في الوقت الراهن، وفي ظل تراجع مبيعات المنازل والأسعار الصينية، وتنامي عزوف البنوك عن عمليات الإقراض، وزيادة العوائد في سوق السندات الخارجية، تعول الكثير من شركات التطوير العقاري على مؤسسيها باعتبارهم الملاذ الأخير.
تأتي تحركات ملوك القطاع على العكس تماماً من نظرائهم في الخارج، لأن مبدأ "المسؤولية المحدودة" يحمي ثروة الملاك الشخصية من مطالبات الدائنين بالسداد. في حين تعد الحدود الفاصلة غير واضحة في الصين.
مطوِّرو عقارات صينيون يتخبطون لجمع ملياري دولار يومياً
قال تشيو تشن، مدير معهد "آسيا غلوبال إنستيتيوت" بجامعة هونغ كونغ: "بإمكان الجهات التنظيمية في الصين ممارسة الضغوط على كبار المساهمين أو أصحاب الحصص المسيطرة لكي يقوموا بمزج ممتلكاتهم الخاصة مع أصول الشركة ومعاملة الاثنين على أنهما غير منفصلان". تابع: "يعود ذلك جزئياً أيضاً إلى أن المساهمين من ذوي الحصص المسيطرة، وبصفة خاصة المساهمين المؤسسين، يتعاملون في الأغلب مع أصول الشركة على أنها من ممتلكاتهم الخاصة".
أصول مطوري عقارات الصين.. هل من مشترٍ؟
دعمت مثل هذه التحركات الثقة لدى المستثمرين من حملة السندات، على الأقل حتى الآن.
ارتدت سندات مجموعة "إيفرغراند غروب" الدولارية بعائد 8.25% والمستحقة السداد العام القادم لتصل إلى 30 سنتاً لكل دولار تقريباً، بعد أن تراجعت لمستوى قياسي عند 22.7 سنت خلال الشهر الماضي، بعد أن جمع رئيسها هوي كا يان السيولة من خلال بيع أصول شخصية في مقابل الحصول على قروض بضمان الأسهم. وعلى الرغم من عدم وضوح سبل إنفاق تلك السيولة، إلا أن عملاق القطاع العقاري تفادى التخلف عن السداد لثلاث مرات عبر دفع فوائد السندات المستحقة. صعدت جميع سندات شركة "سوناك تشاينا هولدينغز ليمتد" وشركة " غوانغتشو أر آند أف بروبيريتيز" وشركة "شيماو غروب هوليدنغز" و"سي أي أف أي هولدينغز غروب" وذلك بعد تداول أنباء حول تقديم مؤسسيها الدعم.
فيما يلي نستعرض المزيد بشأن أقطاب الأنشطة التجارية:
هوي كا يان
المجموعة: "إيفرغراند"
حث المسؤولون الصينيون هوي، الذي كافح الفقر في مقاطعة هينان الريفية ليشق طريقه لإنشاء واحدة من أكبر شركات العقارات حول العالم، لاستعمال ثروته الخاصة للتخفيف من حدة أزمة ديون "إيفرغراند".
بحسب "تشاينا بيزنس نيوز"، ضخ هوي ما يفوق المليار دولار في مجموعة "إيفرغراند" منذ شهر يوليو الماضي. يشكل ذلك ثُمن ثروته تقريباً، والتي تقدر بـ 7.7 مليار دولار، بحسب مؤشر بلومبرغ للمليارديرات. بيد أنه ما زال غير واضح ما إذا كانت ثروة هوي كبيرة وتضم سيولة كافية كفيلة بتحقيق خفض مؤثر في إجمالي المطالبات المستحقة على مجموعة التطوير العقاري، والتي تضخمت لما يتجاوز 300 مليار دولار حتى شهر يونيو الماضي.
ثلثا المطورين الصينيين يفشلون في تطبيق معايير الاستدانة
صن هونغ بين
الشركة: "سوناك"
مر صن بمسيرة مهنية متقلبة شملت قضاء مدة زمنية في السجن وإجباره على بيع شركة تطوير عقاري أخرى كان يتوقع لها سابقاً أن تكون هي الأكبر في البلاد. نجح صن في جعل شركة "سوناك"، التي يقع مقرها في بكين، شركة شهيرة من خلال الاستحواذ على أصول شركات منافسة تعاني من اضطرابات، مثل مشاريع شركة "أوشين وايد هولدينغز" (Oceanwide Holdings) في قلب مدينتي شنغهاي وبكين خلال عام 2019.
قضى صن مدة زمنية في السجن في مطلع التسعينات من القرن الماضي عقب إدانته بتهمة ارتكاب جريمة اختلاس، وهو حكم قضائي تم إسقاطه في وقت لاحق. يبدي كثير من مستثمري التجزئة الإعجاب بشركة صن نظراً لما تتمتع به من أسلوب واضح وخطط توسعية جريئة علاوة على قدرتها على مجابهة أوقات الشدة. تُقدر صافي ثروته بـ 4 مليارات دولار، بحسب مؤشر بلومبرغ للمليارديرات.
هوي وينغ ماو
الشركة: "شيماو"
ولد هوي في مقاطعة فوجيان الجنوبية، قبل أن ينتقل إلى منطقة ريفية للعمل كطبيب لعلاج مزارعي الأرز، وبعدها هاجر إلى هونغ كونغ كعامل في مجال المنسوجات. عقب عودته إلى موطنه الأصلي في عمر الثلاثينيات، شرع في بناء مسيرته المهنية في مجال العقارات عبر تطوير أقدم الفنادق ذات الثلاث نجوم بجانب العقارات السكنية والمنتجعات السياحية في الصين. تمتلك شركة "شيماو" حالياً مجموعة فنادق فاخرة في أفضل المواقع بكبرى مدن الصين.
وفر هوي ثلاثة طوابق في مبنى "المركز" بمدينة هونغ كونغ، وهو مبنى إداري يعد الأغلى على مستوى العالم، كضمان للحصول على قرض. وتعتبر ذات قيمة كبيرة في ثروته التي تقدر بـ 5.6 مليار دولار. هوى أيضاً عضو بالمؤتمر الاستشاري السياسي لحزب الشعب الصيني، وهو بمثابة هيئة استشارية تقدم خدماتها للحكومة المركزية.
لين تشونغ ولين فينغ
الشركة: "سي أي إف أي"
تخرج لين تشونغ، في جامعة شيامن الواقعة في منطقة جنوب الصين، وشارك في تأسيس شركة للوساطة العقارية مع شقيقه الأصغر عام 1992 وقام بتحويلها إلى شركة تطوير عقاري بعد عامين. مع صدور قانون التملك الخاص للمنازل في عام 1998، أصدر لين قراراً جريئاً بنقل المقر الرئيسي للشركة إلى شنغهاي لبدء مرحلة من التوسع المحلي.
انضم شقيقه الأصغر سناً، لين فينغ، الذي كان يدرس بالمرحلة الثانوية في وقت تأسيس لين تشونغ لشركة "سي أي أف أي"، إلى الشركة عقب حصوله على درجة الماجستير.
تشانغ لي ولي سزي ليم
الشركة: "آر أند إف"
كان التعاون بين تشانغ لي، وهو مسؤول حكومي سابق في مدينة غوانغتشو الواقعة في جنوب البلاد، ولي سزي ليم، الذي تعد هونغ كونغ موطنه الأصلي وعمل كتاجر سابق، من النوع النادر داخل قطاع العقارات الصيني. تعرف الاثنان أثناء سفر لي سزي ليم بين الإقليم ومدينة غوانغتشو، صنعا اسم الشركة عبر شراء قطعة أرض ضخمة في أحد ضواحي مدينة غوانغتشو ثم قاما ببيعها في وقت لاحق ليحققا ربحاً ضخماً.
وفي قطاع الفنادق، ضخت شركة "أر أند أف" استثمارات بقيمة 2.9 مليار دولار عام 2017 لشراء 77 فندقاً مملوكة لشركة "داليان واندا غروب".
تعتبر شركة "أر آند أف" في الوقت الحالي أكبر مالكي الفنادق الفاخرة على مستوى العالم، ولديها 91 فندقاً قائماً و45 تحت التطوير.