لماذا يتخارج مستثمرون من سندات عقارية صينية من الدرجة الاستثمارية؟

مباني سكنية غير مكتملة من شركة "إيفرغراند" في نانجينغ  - المصدر: بلومبرغ
مباني سكنية غير مكتملة من شركة "إيفرغراند" في نانجينغ - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

بدأت الفوضى الناجمة عن أزمة شركة "إيفرغراند" تطال شركات تطوير عقاري في الصين بما فيها تلك التي تبدو ظاهرياً في موقف جيد.

تمددت الأزمة المالية في أكبر شركة صينية للتطوير العقاري لتشمل شركات ذات تصنيف ائتماني من الدرجة الاستثمارية، ولتهز شركات من أمثال شركة "كانتري غاردن هولدينغز" (Country Garden Holdings)، أكبر شركات البناء في البلاد. فهل رد فعل المستثمرين مبالغ به؟

ربما لا. بدأت الحكومات المحلية عبر البلاد بمراجعة دقيقة لقواعد تطوير العقارات السكنية، منذ أن كادت "تشاينا إيفرغراند غروب" تتخلف عن سداد ديونها. أخذت الحكومات في كثير من الحالات بتشديد المتطلبات الخاصة بالمبالغ المالية النقدية اللازمة لاستمرار شركات التشييد بالعمل على إتمام المشاريع القائمة. فيما تحقق الجهات التنظيمية في أصول شركات التطوير العقاري، بدأ المستثمرون يدركون مدى محدودية علمهم بطبيعة تمويل هذه الشركات.

بيع قبل الإكمال

ترجع بداية المشكلة إلى أن الشقق في الصين تباع قبل فترة طويلة من إكمالها. حيث تحصل شركات التطوير العقاري على قروض عقارية من البنوك تصل إلى 40% من التكلفة الإجمالية لمشاريع البناء كحد أقصى، وذلك بالنسبة لكبار المقرضين التجاريين. كما تجيز الحكومات المحلية غالباً لشركات التطوير العقاري طرح الشقق للبيع في السوق خلال مراحل التشييد الأولى، وبذلك يتوافر لديها المبلغ المتبقي للمشروع.

يسدد زبائن الشقق المباعة مقدماً كاملاً لثمن وحدتهم، عبر إيداع مبلغ إجمالي دفعة واحدة في حسابات ضمان. يفترض نظرياً أن تسحب شركات التطوير العقاري من تلك الأصول لدفع تكاليف أعمال التشييد فقط، أو بعد تسليم الشقق للعملاء. لكنها عملياً تستخدم هذه المبالغ باعتبارها نقداً حراً في أمور مثل تسديد ديون مستحقة.

أدت مشكلة "إيفرغراند" للحد من هذه الممارسة. فيما تناضل الشركة العملاقة في مجال التطوير العقاري بصعوبة لتسليم 1.6 مليون منزل لمشترين دفعوا كامل الثمن، ترغب الحكومات المحلية بالحصول على مزيد من الإيضاح حول طريقة استعمال حسابات الضمان.

تتباين اللوائح من مدينة لأخرى. توجب بكين على شركات التطوير العقاري أن تضع جانباً 10% فقط من السيولة النقدية الموجودة في حسابات الضمان. لكن المدن الصغيرة أقل تسامحاً، حيث تطلب الاحتفاظ بنحو 40% كاحتياطي نقدي. أدى ذلك بشركات التطوير العقاري لأن تعمل داخل أسواق أقل حجماً لا تتيح لهم الوصول للأموال التي طمحوا باستغلالها لتسديد ديونهم المستحقة.

حسابات الضمان

قد يكون المبلغ النقدي المطروح جانباً ضخماً. أبلغت شركة "جينك بروبيرتيس" (Jinke Properties)، التي تتخذ في مدينة تشونغتشنغ مقراً لها، المستثمرين أنه حتى نهاية سبتمبر كان نصف سيولتها النقدية البالغة 30 مليار يوان (7 مليارات دولار) موجودة في حسابات الضمان، حسب شركة "ديتوير" (Debtwire). قالت شركة "سي أي أف أي هولدينغز" (Cifi Holdings) ،التي تتخذ في شنغهاي مقراً لها، إنه حتى نهاية يونيو، كانت نسبة 30% تقريباً من أموالها موجودة داخل حساب الضمان.

تمر شركة "كانتري غاردن" خاصةً بظروف صعبة جعلت وكالة "موديز إنفيستورز سيرفيس" (Moody’s Investors Service) تضع ديونها على أقل درجة تصنيف استثمارية. تستحوذ المدن الصينية الأصغر على ما يزيد عن 70% من محفظة أصولها العقارية. إذاً كيف ستسدد شركة التطوير العقارري ديونها في هذه الحالة؟ ستصبح إجابة هذا السؤال حاجة ملحة قريباً، حيث إن "كانتري غاردن" أصدرت سندات قابلة للتحويل تصل قيمتها إلى مليار دولار بإمكان المستثمرين استيفائها في ديسمبر، علاوة على 1.3 مليار دولار من السندات التي يحين موعد سدادها العام المقبل.

يتفاقم التخارج من السندات بسبب عدم اكتمال المعلومات. لا نعلم حجم الديون الموجودة خارج الميزانية العمومية، أو حجم السيولة النقدية التي يتاح لشركات التطوير العقاري استعمالها في تسديد مستحقات المستثمرين. من المنطقي أن يكون المستثمرون في فزع، فهل من قدر من الصدق لوقف التخارج؟

اضغط هنا لقراءة المقال الأصلي
تصنيفات