بواسطة: ناثانيال بولارد-"بلومبرغ إن إي إف"
نشرت وكالة الطاقة الدولية الشهر الماضي بيانات تبعث الأمل بشأن الدعم العالمي لاستهلاك الوقود الأحفوري، حيث أظهرت انخفاضاً بأزيد من 40% عام 2020 تلى تراجعاً بأكثر من 30% في 2019.
لكن هذا لا يعني أن الدول خفضت دعمها لصناعات الوقود الأحفوري.
ساعد أمران في خفض هذا الدعم وهما: الانخفاض الحاد في الاستهلاك أثناء الوباء، والتراجع الكبير في الأسعار. مع ذلك، يشمل نطاق الدعم الحكومي أوسع بكثير من دوره في خفض الأسعار التي يراها المستهلكون، حيث يضم أيضاً استثمارات الشركات المملوكة للدولة، والتحويلات من الموازنة، والإعفاءات الضريبية، والمنح والقروض من المؤسسات المالية العامة.
أحصى زملائي في "بلومبرغ إن إي إف" الدعم المقدم للوقود الأحفوري من حكومات مجموعة العشرين في تقرير جديد لصالح تحالف ذوي الأصول الصفرية. تظهر بياناتهم أن دعم شركات الطاقة المملوكة للدولة -والتي غالباً ما تكون المورد الوحيد للطاقة في بلدانهم- يشكل 45% من إجمالي الإعانات المقدمة للوقود الأحفوري، في حين أن دعم المستهلك يزيد قليلاً عن 21%.
كما أن المبلغ الإجمالي لهذا الدعم جدير بالملاحظة. حيث قدمت حكومات مجموعة العشرين في السنوات الخمس من 2015 إلى 2019، دعماً مباشراً للفحم والنفط والغاز وتوليد الكهرباء من الوقود الأحفوري يناهز 3.3 تريليون دولار. كان هذا الرقم ثابتاً بقوة على مر السنين، حيث تراوح بين أعلاه في 2015 حين بلغ 706 مليارات دولار في 2015 إلى أدناه وهو 636 مليار دولار في 2019، أي بفارق 10% فقط.
نقص توازي
لا تتماشى هذه المبالغ بشكل جيد مع تكلفة الطاقة. تأرجح السعر الفوري لخام برنت من أقل من 30 دولاراً للبرميل إلى ما يقرب من 90 دولاراً خلال تلك السنوات الخمس. يشير نقص التوازي هذا إلى أن أقل ما يقال في العلاقة بين أسعار الطاقة على المدى القريب والدعم طويل الأجل للطاقة هو أن لا ضوابط لها.
لا يعني هذا عدم وجود تقدم على الإطلاق في تقليل الدعم للوقود الأحفوري في مجموعة العشرين، حيث قامت المملكة العربية السعودية، على سبيل المثال، بخفض إجمالي دعمها للوقود الأحفوري بمقدار النصف منذ عام 2015، لكنها لا تزال توفر ما يقرب من ثلاثة أضعاف الدعم من حيث نصيب الفرد مقارنة بأي حكومة أخرى.
السعودية تضع سقفاً لأسعار البنزين وتتحمل الفارق اعتباراً من اليوم
دعمت نصف تلك الحكومات بالكامل الوقود الأحفوري بشكل أقل منذ 2015، ولكن وفقاً لقانون المتوسطات رفعت بعض الدول من النصف المتبقي مستوى دعم الوقود الأحفوري. زادت كندا والولايات المتحدة إعاناتهما بشكل كبير على أساس النسبة المئوية، لكن كندا تقدم ما يقرب من 10 أضعاف ما تنفقه الولايات المتحدة من دعم بمقياس حصة الفرد، وكل ذلك تقريباً يأتي على شكل تمويل عام لصناعة النفط والغاز والمرافق. في الوقت نفسه، تعد الأرجنتين ثاني أكبر داعم من حيث نصيب للفرد، وذلك رغم خفضها لدعم المستهلك، حيث تتلقى الشركات المملوكة للدولة أكثر من 80% من الدعم.
دعم يرسخ السائد
ثمة أهمية لدعم الحكومة لسعر الطاقة على المستهلكين، لكن سعر الكهرباء المخفض لا يحفز على الحفاظ على الكهرباء وكذلك تكاليف وقود السيارات المخفض أيضاً بشكل مصطنع يقلل من حافز مالكي السيارات للانتقال من محركات الاحتراق الداخلي إلى الطرازات الكهربائية.
ربما يكون الدعم على مستوى الشركات أكثر أهمية على المدى الطويل لإزالة الكربون. قد لا تكون القدرة التمويلية الحكومية محدودة بشكل صارم، لكنها أيضاً ليست غير محدودة، والأموال المخصصة لدعم صناعة الوقود الأحفوري الحالية بحكم التعريف غير قادرة على تمويل التحوّل في الطاقة.
بنفس القدر من الأهمية، يمكن القول إن الدعم الحكومي لديه القدرة على تقييد الأصول والسلوكيات المصاحبة لها لعقود. وتشمل الأصول والسلوكيات تلك المتعلقة ليس فقط باستهلاك الوقود الأحفوري، ولكن أيضاً بإنتاجه وتوزيعه، ناهيك عن السياسات المصاحبة، كما تؤدي الإجراءات الحكومية أيضاً إلى خلق التزامات مستقبلية لا تمويل لها على شكل فواتير محتملة للتنظيف والأعمال المتعلقة بالأزمات البيئية.
أخيراً، قد تكون الحكومات بصدد إنشاء أصول مستقبلية لا يمكن إكمالها، أو مشروعات تفلس بشكل دائم إما لأسباب تتعلق بالسياسة أو الاقتصاد.
إذا أردنا تحقيق نظام طاقة ذي انبعاثات صفرية بحلول منتصف القرن، فستحتاج الشركات والحكومات إلى استثمار قرابة الـ92 إلى 173 تريليون دولار في العقود الثلاثة المقبلة، وفقاً لآخر توقعات الطاقة الجديدة الصادرة عن بلومبرغ إن إي أف. ورغم أن القيام بذلك سيكون صعباً، لكنه ليس مستحيلاً. مع ذلك، فإن كل دولار ينفق دعماً لأي مسار سوى صافي انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الصفرية بحلول عام 2050 يجعل الوصول لهدف الصفر أكثر صعوبة.